سأكنس عليك السيدة نفيسة والسيدة زينب كمان..هكذا (هددني) الدكتور مصطفي الفقي في اتصاله التليفوني.. وبعدها بدأ حديثه معاتبا لي علي ما كتبته عنه.. وتوصيفي لحاله بأنه (مرة يمين ومرة شمال).. واشتد عتابه عندما أنهيت سطور مقالي بأن الفقي يفعل ذلك حتي يحجز له مقعدا في مجلس الشعب القادم. جاء غضب الفقي بعد أن انتقدت تصريحاته حول التعديلات الدستورية.. وكيف أنها لا يمكن أن تتم الآن بسبب ضيق الوقت.. حيث الانتخابات البرلمانية والرئاسية علي الأبواب.. ورأيه أن (الاستقرار كويس).. وقد نفي الفقي في اتصاله أن يكون قد قال هذه التصريحات.. وأن الصحيفة التي نشرتها منسوبة إليه.. لم تلتزم الدقة في النقل.. واستمر في كلامه دون توقف قائلا:أنا رأيي واضح في الدكتور محمد البرادعي.. فهو قامة مصرية كبيرة ومحل حفاوة من الدولة وقد كرمه الرئيس.. أما رأيي في الانتخابات الرئاسية والتعديلات الدستورية فقد ذكرته بمنتهي الوضوح أكثر من مرة.. وقد بدأ الفقي يشعر بوجود حالة من عدم الفهم غير الدقيق لما يقوله.. كأن لدي البعض رغبة في التربص به.. خاصة أنه يري أن الهجوم علي شخصه أصبح ثابتا في الصحف القومية قبل الخاصة. أبديت للدكتور الفقي رفضي فكرة التربص من أصله.. فلا أزال أري أن بعض تصريحاته تحمل درجة من التناقض غير المفهوم.. خاصة أن الرجل فعليا لايزال ابنا للنظام ومحسوبا عليه.. كما أنه تدرج في جميع وظائفه بحكم انتمائه لهذا النظام.. وإن كان الرجل في تصريحاته يفصل بين احترامه وتقديره الكبير للرئيس.. وبين رأيه في الحياة السياسية ومجريات الأحداث. ويحكي الفقي كثيرا بإجلال عن مبارك.. خاصة أنه اقترب منه طوال ثماني سنوات..عندما عمل سكرتير الرئيس للمعلومات.. لكن مالم يقله الرجل.. هو أنه في اللحظة التي اعتقد فيها أنه شديد القرب من دائرة صنع القرار الضيقة.. وأن منصب وزير الخارجية بات قريبا منه.. وجد نفسه خارجا من مؤسسة الرئاسة وطارت أمانيه المشروعة.. ولا أحد يعرف حتي الآن لماذا خرج الرجل من الرئاسة وتم استبعاده من الخارجية. وإذا كان من حق الدكتور الفقي أن يعتب علي رأي قيل أو كتب عنه.. فان عليه وبالمقابل أن يتقبل وجهة النظر الأخري.. والتي تنتقد تصريحاته أو مواقفه وليس شخصه.. ورجل مثل الفقي مارس السياسة طوال سنوات عمره يعرف ذلك وأكثر.. فطالما أصبح مشتغلا بالعمل العام.. وجب عليه تقبل النقد بصدر رحب دون غضب.. خاصة أنني شعرت أن صدره بدأ يضيق بالنقد وهذه ليست من صفات السياسي المشتغل بالعمل العام.. كما أنها ليست من صفات المثقفين أيضا. وإذا كنت أقبل عتاب الدكتور الفقي.. فإننا نرجو منه أيضا أن يصر دوما علي قناعاته التي يقولها..مهما كانت التضحيات.. وظني أن الفقي سوف يتسق مع ذاته تماما عندما يعود إلي حظيرة المثقفين الوطنيين. دعك يادكتور من ممارسة السياسة عبر بوابة الحزب الوطني.. والذي لا أراه مناسبا لك.. لأن المتغطي بالحزب الوطني عريان.. وسوف تكشف لك الأيام والشهور القادمة ما كنت تجهله.. ولا يمنعني اختلافي علي مواقفك من تسجيل إعجابي بآراء واضحة قلتها دون مواربة وأجرك علي الله.. رغم أنها جرت عليك وجع الدماغ.. لكن ظني أنك عندما قلتها كنت المثقف مصطفي الفقي.. وليس نائب الحزب الوطني الذي ينظر بعينيه إلي اتجاه الريح ورغبات الحزب. لن تحصل أكثر مما حصلت عليه..فقل رأيك الذي تؤمن به.. ودع الملك للمالك.. والحزب لأصحابه.. ومكانك علي مقهي المثقفين الوطنيين في انتظارك..وعتبك مقبول وزعلك مرفوع.