«حرية الفكر» لجون بانيل بيوري، ومن تعريب محمد عبد العزيز إسحاق، ومن تقديم الدكتور إمام عبد الفتاح إمام، إصدار جديد ضمن سلسلة (ميراث الترجمة) التي تصدر عن المركز القومي للترجمة. الكتاب يقع في (177 صفحة) من القطع الكبير، تتناول فصوله الثمانية الفكر الحر وأعداءه، والفكر الطليق عند الإغريق واليونان وإبداعهم، وحرية الحوار والمناقشة، فقد كانت أثينا في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد اقوى المدن الإغريقية، وأعظمها، كما كانت ديمقراطية بمعني الكلمة، ويقارن المؤلف بين هذا الفكر الحر الطليق والفكر في الأغلال في عصر الظلمات (العصور الوسطى).
ويستعرض المؤلف تباشير الخلاص في عصر النهضة والاصلاح الديني وصولا إلى "عصر التسامح الديني" في القرن السابع عشر ونمو المذهب العقلي وازدهاره، وأخيرًا في فصله الثامن والأخير يتحدث عن قيمة الفكر، ويرى أن ما حدث طوال التاريخ كان مؤامرة مشؤومة على الرقي البشري قام بها السلطان المستبد.
مترجم الكتاب أشار في مقدمة الترجمة إلى أن بيوري، مؤلف الكتاب، قد تتبع سيرة العقل في أوروبا منذ الإغريق وحتى العصر الحديث، حيث نرى في الكتاب مظاهر النشاط العقلي؛ من علم وفن وفلسفة، تصارع خصومها من ذوي السلطة الدينية والسلطة الزمنية فتصرعهم حينا ويصرعونها حينا آخر، ولكن البشرية قد شاء لها جهاد أبطالها أن ينتصر العقل في النهاية، وأن يستقر ثابت الأقدام في تلك البلاد التي بذلت دماءها في سبيل الحرية.
الدكتور إمام عبد الفتاح إمام، يذكر في مقدمته للكتاب، أنه بسبب من أهميته وخطورته ومدى تأثيره في عقول الشباب، وتعرضه لحرية الفكر والتأريخ لها عبر العصور جعلت البعض من التيارات المحافظة والمتشددة يشن حملة هجوم عنيفة على الكتاب ويدعو للتصدي له ولأفكاره التي ارتأوا أنها تمثل خطرا عليهم. يذكر أن الكتاب كان دافعا للكاتب التنويري الكبير سلامة موسى في تأليف كتابه الشهير «حرية الفكر وأبطالها في التاريخ» الذي تناول فيه ذات الموضوع وإن ركز على تاريخ الفكر في الحضارات الشرقية والتاريخ العربي الإسلامي على وجه الخصوص. جون بانيل بيوري، مؤلف الكتاب، مؤرخ بريطاني ولد في أيرلندا، ثم أصبح أستاذًا في جامعة كمبردج، من أهم مؤلفاته «تاريخ اليونان حتى الأسكندر الأكبر»، «مؤرخو اليونان القديمة»، و«فكرة التقدم».