إن ما صدر من السيد رئيس الجمهورية من قرار بعودة مجلس الشعب للإنعقاد هو بمثابة خرق للقانون والدستور، ومخالفة جسيمة للقانون والدستور الذى اقسم الدكتور مرسى على احترامها، وبداية لازمة دستورية جديدة بين الرئيس والسلطة القضائية والمجلس العسكرى الذى بهذا القرار سلبت منه السلطة التشريعية التي نص عليها الإعلان الدستوري، دون سند من القانون. و قد تعجبت حينما سمعت الكثيرون ممن لا علاقة لهم بالقانون يعلقون على حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب لاسيما النواب السابقين منهم ولكن ازداد عجبى حينما سمعت القانونيون يعقبون على الحكم بصورة تخالف صحيح الواقع والقانون .
وجدتهم يقولون الحكم غير صحيح - المحكمة تجاوزت حدود اختصاصها - الحل واجب فقط للثلث الفردى ودون ذلك تزيد من المحكمة - ان القرار الصادر من المجلس العسكرى بحل المجلس واجب الإلغاء - وانه على كل مؤسسات الدولة ان تعمل على احترام سيادة القانون .
لذلك اقول لهم "من قال إن القرار الصادر من المجلس العسكرى بحل المجلس قرار ادارى صادر من جهة إدارية مخالفا لصحيح القانون ويجوز الطعن عليه بدعوى الإلغاء! ومن قال ان محكمة القضاء الادارى لها حق العقيب او التعليق او حتى قبول الطعن على أحكام الدستورية - وهل يطعن على أحكامها بدعوى الإلغاء! ومن قال ان المجلس العسكرى ليس من حقه - بنص الاعلان الدستورى- ان يصدر قرار سيادى مباشر بحل البرلمان ودون حكم من المحكمة! ومن قال ان حكم الدستورية ينفذ فى حدود منطوقه وتهمل حيثياته ولا تودع عين الاعتبار عند تنفيذ الحكم ومن الجهة المنوط بها تفسير الحكم وكيفية تنفيذه!
لذلك - اقول لهم عفوا يا سادة فمجلس الشعب لن يعود - وان ما توصلتم اليه من تحليل لحكم المحكمة الدستورية - عذرا - غير صحيح .
فقرار المجلس العسكرى بحل المجلس ليس قرار ادارى لانه لم يصدر من جهة إدارية بل من جهة سيادية قراراتها اعمال سيادية لا يجوز الطعن عليها بدعوى الإلغاء
وانه على فرض انه قرار يمكن الطعن عليه متى جاء مخالفا لصحيح القانون فما هى المخالفة وهو قرار تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية وما هو النص القانوني الذى خالفه القرار.
وبناء عليه فان القرار الصادر من المجلس العسكرى بحل مجلس الشعب قرار تنفيذى لحكم الدستورية وليس لمحكمة القضاء الادارى ان تلغيه - وعلى المحكمة اما ان تقضى بعدم الاختصاص لكونه القرار الصادر بحل المجلس لا تتوافر فيه شروط القرار الادارى او ان تقضى بعدم قبول الدعوى لعدم وجود قرار مخالف للقانون - ذلك لان محكمة القضاء الادارى ليس لها قانون ان تعقب او تلغى أحكام الدستورية فاحكام المحكمة الدستورية ملزمة للكافة بما فيها محكمة القضاء الادارى وبمجرد صدورها ونشرها فى الجريدة الرسمية ولا يجوز لمحكمة القضاء الادارى مخالفة أحكام الدستورية .
اقول لهم يا سادة عفوا مجلس الشعب لن يعود - الحكم كان واضحا فالمجلس منعدم منذ لحظة وجوده لانه جاء باطلا فى فى تكوينه فقد بنى على نص منعدم لكونه مشوب بعيب عدم الدستورية لاخلاله بمبدأ المساواة فيما يتعلق بالنص الخاص بانتخاب الثلث الفردى وذلك بسبب التزاحم الذى شاب العملية انتخابية بين المرشح المستقل والمرشح الحزبى على المقعد الفردى والذى اثر بدوره على تكوين المجلس كله وجعله منعدم ووجب حله بقوة القانون دون حاجة الى اتخاذ أى اجراء اخر أى دون حاجة الى اصدار قرار بحل مجلس الشعب من المجلس العسكرى .
وأقول لهم المجلس العسكرى - صحيح - انه سلطة واقعية فرضتها ظروف الواقع الا انه بنص الاعلان الدستورى له الحق ان يصدر قرار سيادى سياسي بحل المجلس دون ان يكون لمحكمة القضاء الادارى الحق فى قبول الطعن على قرار الحل لعدم الاختصاص لكونه عمل من اعمال السيادة .
وأقول لهم حيثيات الحكم تكمل الحكم ولا يجوز إهمالها عند تنفيذه فهى جزء من الحكم ترتبط بالمنطوق ارتباط قانونى لا يجيز الفصل بينهم ولا يمكن تجزئة الحكم فهو كيان قانونى واحد يكمل بعضه البعض - وان المحكمة الدستورية صاحبة حق فى تفسير الحكم عند غموضه وان الجمعية العامة لهيئة التشريع والفتوى صاحبة الحق فى تفسير كيفية تنفيذ الحكم دون ان يكون لمجلس الدولة الحق فى قبول الطعن او التعقيب او الإلغاء او التعطيل او وقف التنفيذ.
وأخيرا اقول لهم يا سادة من مصلحتنا ومصلحتكم ان تسود دولة القانون دولة المؤسسات دولة احترام القانون واحترام الأحكام القضائية وانه اذا انهار القانون وتعطلت أحكام القضاء ضاع كل شئ وضاعت الحقوق وانتهت مصر .
لذلك اقول لكم عفوا مجلس الشعب لن يعود وعلينا الان ان نستعد لخوض انتخابات جديدة ووضع نص دستورى ينظم انتخابات مجلس الشعب ليكون عندنا مجلس شرعى ثورى قانونى جديد .
دكتور أحمد مهران دكتور القانون العام، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية و القانونية و حقوق الإنسان.