نذ اندلاع ثورة 25 يناير حتى تسليم السلطة نهاية يونيو الماضى، شهدت مصر عديدا من الأحداث الدامية التى وقع خلالها آلاف المصابين ومئات الشهداء، وتظل غمامات الأحداث تُطَوِّق الحقائق رغم تشكيل عشرات لجان تقصي الحقائق التى باءت بالفشل، ولم تؤخذ نتائجها بعين الاعتبار، إلا أن الجميع الآن ينتظر «لجنة الرئيس» التي ربما تكون المحك في علاقة الشعب بالرئيس. أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية، الدكتور عمرو حمزاوي، وصف قرار رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة تقصي حقائق وجمع المعلومات في قضايا قتل المتظاهرين بداية من 25 يناير حتى 30 يونيو ب«القرار الصائب»، مضيفا «أنها خطوة أولى نحو إجلاء الحقائق، وتحقيق العدالة الانتقالية فى قضايا حقوق الإنسان، من جرائم قتل وتعذيب المتظاهرين»، مضيفا أن «الخطوة الثانية تتمثل في تشكيل لجنة وضعية قانونية لا لجنة استثنائية للتحقيق في الوقائع والأحداث كافة، بناء على المعلومات التي تجمعها لجنة تقصي الحقائق»، أما الخطوة الثالثة فتتمثل في مثول المتهمين في تلك الوقائع أمام قاض طبيعي للمحاسبة والمساءلة القانونية.
حمزاوي قال إن هذه اللجنة تعمل على غلق ملفات وصفحات الماضى بتحقيق العدالة دون انتقام من شخص بعينه، وتابع «اللجنة ستكشف المتورطين والجناة فى الأحداث، كل حادثة على حدة، سواء من المدنيين أو العسكريين، وتقدمهم إلى القضاء العادل بصورة طبيعية، دون وجود استثناءات، وبعد انتهائها من عملها ستقدم تقريرها النهائي إلى رئيس الجمهورية».
الباحث السياسي في مركز «الأهرام»، الدكتور وحيد عبد المجيد، قال إن «اللجنة الجديدة تحمل مهامّ جسيمة في محاولة لإظهار الحقائق كاملة، بعدما شاب التحقيقات في قضايا قتل المتظاهرين شبح إخفاء الحقائق»، مضيفا «تلك اللجنة هي من تحدد طريقة عملها»، مطالبا بمنح أعضائها صفة الضبطية القضائية، حيث يتم التحفظ على أي دلائل أو معلومات يجدها أعضاؤها في أثناء عملهم، حتى لا يتم إتلاف تلك المعلومات والقرائن فى الفترة بين عمل اللجنة وإعداد تقريرها النهائي الذي يُقدم إلى رئيس الجمهورية.
عبد المجيد لفت إلى ضرورة إلزام أجهزة الدولة بالتعاون مع أعضاء لجنة تقصى الحقائق في جمع المعلومات عن قضايا قتل المتظاهرين، ومن لا يتعاون مع اللجنة سيتم تقديمه إلى القضاء على الفور بتهمه إخفاء المعلومات، لافتا إلى أنه لا فرق بين أى جهاز فى الدولة.
المحامي وعضو مجلس الشعب المنحل، النائب سعد عبود، من جانبه يرى أن تلك اللجنة وإن كانت للتهدئة فإن أيا من المسؤولين لن يستطيع عدم متابعتها وأخذ نتائجها بعين الاعتبار، لأن المتضررين فى الأحداث بل المصريون كافة سيتابعون عملها، لأنها أولى الأعمال الحقيقية التى ينتظرها الشعب من الرئيس، وينتظرون منها أداء ونتائج مختلفة، سيما وأننا لدينا تاريخ من لجان تقصى الحقائق، التى كان يتم تشكيلها من عدة جهات مختلفة بعد كل حادثة، إلا أن أيها لم يُؤت ثماره، على حد قوله، مضيفا أن «تلك اللجنة ربما تكون فرصتها أفضل من غيرها، لأنها لم يتم تشكيلها فى وقت وقوع الحادثة، إنما بعد مرور بعض الوقت الذى تظهر فيه الكثير من الخبايا التى لم يعلمها أحد وقت وقوع الحادثة، مما يسمح للجنة أن تجمع عديد من المعلومات وتبنى عملها عليها».
عبود قال إن «الأزمة الحقيقية التى تُواجه اللجنة أن بعض قوى الثورة المضادة ما زالت تمسك بمفاصل الدولة، مما يُصَعِّب من مهمتها لاحتمالية تعمد تلك القوى إخفاء الحقائق».