في سابع يوم له رئيسا للجمهورية، قرر محمد مرسي تشكيل لجنة لجمع المعلومات والأدلة، وتقصى الحقائق، بشأن وقائع قتل وإصابة المتظاهرين، في الفترة من 25 يناير 2011 حتى موعد تسليم السلطة له رئيسا منتخَبا فى 30 يوليو. بدا الأمر غريبا بعض الشىء، فلأول مرة يشكّل رئيس الجمهورية لجنة لتقصى الحقائق، وهو ما أكده الكاتب الصحفي والمؤرخ صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة «القاهرة» بقوله «لم أسمع خلال فترات رؤساء الجمهورية السابقين أنهم قاموا بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق عن أمر ما، بل البرلمان هو الذى كان يقوم بتشكيل هذه اللجان»، إلا أن عيسى لم ينفِ عن الرئيس حقه في تشكيل مثل هذه اللجان خصوصا في ظل غياب البرلمان. تشكيل اللجنة الذي يضم مستشارين وقضاة وأكاديميين يراه عيسى هكذا «من المهم أن تكون الشخصيات التي ضمتها اللجنة محايدة حتى إن كانت غير معروفة، ولا بد من التأكد من أن ممثلى وزارة الداخلية فيها بعيدون تماما عن قضايا قتل المتظاهرين ولم يكن لهم يد فيها». عيسى اعتبر هذه اللجنة خطوة جيدة قائلا «هى جزء من البرنامج الانتخابى لمرسي، وكانت جزءا من البرامج الانتخابية للمرشحين الآخرين للرئاسة. قد تصل إلى معلومات مفيدة وتقدمها للنائب العام، وقد لا تصل»، لكن في السياق نفسه بدا صلاح عيسى غير متفائل بالنتائج التي يمكن أن تصل إليها اللجنة مستندا إلى النتائج التي توصلت إليها لجان تقصى حقائق سابقة وفي وقائع شهيرة مثل حادثة بورسعيد. المؤرخ البارز قال إن أشهر لجان تقصي الحقائق كانت عام 1972 وهي لجنة شكلها مجلس الشعب لدراسة الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب المصري، ثم لجنة تقصى الحقائق فى غرق عبارة السلام في مياه البحر الأحمر وقت برلمان 2005. مرسى أعطى للجنة مدة شهرين فقط لا غير لتقدم تقريرها له، أى في 6 سبتمبر القادم، وهو ما أشار المفكر والمؤرخ السياسي محمد الجوادى إلى إنه فترة كافية، فإما أن تصل فيها اللجنة إلى معلومات تعيد قضايا قتل المتظاهرين إلى النيابة مرة أخرى، وإما لا، لكنه رأى أن من الأفضل «تشكيل لجنة أخرى من لجان القانون والقضاء والسياسة وعلم النفس والطب تتولى تكييف الوقائع الثابتة في أرشيف جميع الصحف قانونيا باعتبار هذه الجرائم سياسية وغشا للرأي العام، بدلا من وصفها على غير الحقيقة كجرائم أمن عام، بينما هي حرية رأى وإشاعة حالة الذعر دون مبرر بين الجماهير، مما يُعتبر تهديدا للسلام الاجتماعي، واستغلال وسائل إعلام مملوكة للدولة في إيذاء مشاعر المواطنين، وجميعها جرائم يعاقب عليها القانون». «البحث عمّن أطلق الرصاص أمر يشبه البحث عن قطة سوداء في غرفة مظلمة».. هكذا أوضح الجوادي، مؤكدا أن هذه اللجنة ستُدِين أجهزة ولن تدين أفرادا أو القتلة الحقيقيين، لكن المؤرخ السياسي ختم قوله إن قضايا قتل المتظاهرين مستمرة سواء بمرسي أو بعد مرسي.