عندما تولى حسنى مبارك الحكم فى عام 1981 بعد اغتيال الرئيس السادات الذى اعتقل مصر فى السجن فى أحداث سبتمبر عام 1981 لم يكن مبارك يعرف شيئا عن دوره كرجل دولة ورث حكم مصر باعتباره كان نائبا للرئيس، فضلا عن أنه قادم من القوات المسلحة.. وشارك فى حرب أكتوبر 1973. وبدأ مبارك يومه الأول بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين كانوا يمثلون سياسيى ومثقفى مصر ومشايخها وقساوستها وقيادات حزبية معارضة لم يكن يرضى عنها السادات. وحيَّا وقتها الجميع حسنى مبارك على موقفه.. ومنحوه الثقة بأن يكون الرئىس للخروج من الأزمة التى كادت تصل إلى الفوضى باغتيال السادات.. ووقف معه الجميع لمحاربة التطرف. ووعد مبارك بأن يكون على قدر الثقة.. وأن لا يستأثر بالحكم وأن لا تزيد فترة حكمه على ولاية واحدة. إلا أن مبارك طمع فى الحكم بعد ذلك.. وبدأت معارضة قوية له فى الاستفتاء عليه فى عام 1987 رئيسا لولاية ثانية إلا أنه تمكن من بعد ذلك من تدجين تلك المعارضة.. وأصبح الذين عارضوه فى 1987 وأصدروا كتابا تحت عنوان «لا لمبارك» يقفون معه، وفى صفه بعد أن استطاع أن يوزع المناصب عليهم.. ويمنح بعضهم عضوية مجلس الشورى بالتعيين.. واستطاع خلال سنوات حكمه الطويلة أن يجرف الشارع السياسى المصرى.. وأصبحت الأحزاب والقوى السياسية القائمة متحالفة معه بفضل سياسات صفوت الشريف، وذلك من أجل المصالح الشخصية لقيادات تلك الأحزاب الورقية.. وامتثلوا فى دولة مبارك الأمنية. لتسقط هذه الدولة.. وتظل قيادات تلك الأحزاب قائمة للأسف الشديد.. وتحاول أن تتلون -وتلون بعضها بالفعل- لتتماثل مع النظام الجديد. عموما لم يكن مبارك وقت تسلمه الرئاسة -ووقوف القوى السياسية معه خوفا من الفوضى بعد اغتيال السادات- لم يكن يعلم شيئا حتى القضية الفلسطينية التى عمل عليها حتى قبل خلعه كمسمار بين الفلسطينيين وإسرائيل والعالم الغربى لم يكن يعلم أى تفاصيل عنها.. أو عن المنظمات الفلسطينية المختلفة والمتصارعة وقتئذ.. حتى جاؤوه بصحفى كبير كان على علاقة وثيقة بالمنظمات الفلسطينية، وتحديدا بمنظمة التحرير.. وعلى دراية كبيرة بتفاعلات الشأن الفلسطينى ليعطيه دروسا فى القضية الفلسطينية وكل المنظمات الفلسطينية. وما أشبه الليلة بالبارحة.. فالرئيس محمد مرسى يتسلم السلطة والبلد فى فوضى فى كل مجالات الحياة، وذلك نتيجة للإدارة الفاشلة لجنرالات معاشات المجلس العسكرى الذين أثبتوا أنهم بعيدون كل البعد عن الواقع السياسى المصرى، وربما أشياء أخرى. ولكن الرئيس مرسى جاء بعد ثورة عظيمة لشعب خرج ضد الاستبداد والفساد وديكتاتورية مبارك وعصابته. وجاء الرئىس مرسى فى انتخابات، وإن لم يحصل على أغلبية مطلقة.. فقد دخلنا عصر الانتخابات التى يحصل فيها الرئىس على الثقة بفارق مئات أو آلاف الأصوات.. وأصبح رئيسا لكل المصريين.. وللذين قالوا «لا» قبل الذين قالوا «نعم». ويقف الناس معه جميعا للخروج من الأزمة التى وضعها عصابة مبارك التى نهبت البلاد ونشرت فيها الفساد.. ومن فترة انتقالية سيئة حرصت على استمرار الانفلات الأمنى الذى أبدعته عصابة مبارك ورجال حبيب العادلى فى الداخلية. أمام الرئيس محمد مرسى الكثير من التحديات على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى.. وفى ظل وجود قوى سياسية كانت فاعلة مع مبارك ونظامه والتى كانت تعمل لمصالح قيادتها الشخصية. ويقف الناس مع الرئىس مرسى رغم أنه ليس هناك دستور فى البلاد. يقف الناس مع الرئىس مرسى وهم يريدون التغيير ويريدون تداول السلطة.. ويريدون دولة مدنية حديثة.