كنا نأمل أن تطرح انتخابات الرئاسة مرشحا معبرا عن الثورة لاستكمال الثورة، وأن تمثل فترة الرئاسة القادمة (4 سنوات) فترة انتقالية جديدة يمكن خلالها تحقيق أهداف الثورة، وبديلا عن الفترة الانتقالية التى أدارها جنرالات معاشات المجلس العسكرى بفشل عظيم أوصلنا إلى نفق مظلم. وكان من نتائج الفترة الانتقالية للمجلس العسكرى نتيجة انتخابات الرئاسة، لنصل إلى طرحين كلاهما مُرّ، بين اختيار شفيق ودون شك عودة النظام القديم، ومحمد مرسى وإقصاء القوى والتيارات السياسية من أجل بناء الدولة الدينية، دولة الخلافة.
وكلاهما قضاء على الثورة.. وضد أهدافها.. وضد الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.. وضد تداول السلطة.
فالفريق أحمد شفيق هو امتداد طبيعى لحسنى مبارك ولا يختلف كثيرا عنه فى جهله، بل يكرّس المزيد منه، ورغم محاولته خلال الأيام الماضية تغيير لغة خطابه فإنه لن يختلف كثيرا عن دولة مبارك. فلن يستطيع شفيق مساءلة الفاسدين من عصر مبارك والذين أفسدوا الحياة السياسية خلال ثلاثين عاما، فقد كان شفيق واحدا منهم.
ولن يستطيع تطهير مؤسسات الدولة من بقايا نظام مبارك الفاسدين.
ولن يستطيع أن يطهر مؤسسة القضاء بما فى ذلك النائب العام الذى كان من المفترض أن يكون نائبا عن الأمة وأن يكون له الدور الأكبر فى تحقيق أهداف الثورة.
ولن يستطيع تطهير، الإعلام وهو الذى بدأ الاستعانة بمنافقى وموالسى مبارك ودعاة التوريث الذين عملوا على تزييف وعى الناس وأفسدوا فى المؤسسات الصحفية، فأصبحوا يعملون معه الآن وفى حملته طمعا فى عودتهم مرة أخرى.
لن يستطيع استعادة الدور المصرى الإقليمى والدولى بما يتلاءم مع الثورة المصرية وبما يتوافق مع حجم مصر ودورها وتاريخها وجغرافيتها وبشرها، فالرجل لا يعرف عن ذلك شيئا، قد تكون التبعية أكثر لأمريكا وإسرائيل مستعيدا دور مبارك وجهاز مخابراته بقيادة عمر سليمان.
ولا يختلف الأمر كثيرا عند مرسى ودولته..
فهو من البداية لن يكون صاحب قرار بل القرار لمكتب الإرشاد وخيرت الشاطر المرشح الأصلى للإخوان للرئاسة.
ومن ثم لن تكون هناك ديمقراطية من الأساس وها قد رأينا الإخوان فى مجلس الشعب وإقصاءهم التيارات الأخرى، اللهم إلا إذا كان معهم وقدم فروض الولاء والطاعة، كما جرى فى لجان مجلس الشعب.
ولن تكون هناك حرية رأى وتعبير إلا بما يسمح به مكتب الإرشاد ومفتيهم الدكتور عبد الرحمن البر (راجعوا مقالاته ودراساته التى ينشرها على موقع «إخوان أون لاين»).
ولن يكون هناك دستور إلا ما يريدونه هم، لا تحقيقا لأهداف الثورة التى ناضل الشعب كثيرا من أجل حريته ضد الديكتاتورية الفاسدة لمبارك فى نفس الوقت الذى كان فيه الإخوان يعقدون الصفقات من أجل الحصول على بضعة مقاعد فى البرلمان، حتى فى انتخابات 2010 التى قاطعها الجميع حرصوا على الحضور ولم يكن عندهم مانع الحصول على أى مقاعد، ولم يكن عندهم مانع من إعلانهم مساندة النظام أو وريثه، وفى المقابل الظهور على الساحة السياسية.
وهم أيضا لن يسمحوا بمحاربة الفساد والفاسدين سياسيًّا، ولعل نموذج استعانة د.سعد الكتاتنى بسامى مهران وهو واحد من الفاسدين الكبار وكان مطّلعا على فساد وإفساد فتحى سرور، لا فى التشريعات والقوانين فقط بل فى الحياة العامة والبزنس، ليكون الأمين العام لأول مجلس شعب بعد الثورة ويمنحه الحماية ويرفع عنه حظر السفر الذى فرضه عليه جهاز الكسب غير المشروع، خير دليل على تغطيتهم بالفساد.
الأمر نفسه ينطبق على فرج الدُّرِّى الذى استعان به أحمد فهمى فى مجلس الشورى، وهو كان رجل صفوت الشريف ومطلعا على كل فساده وإفساده، ومع هذا استعانوا به.
فضلا عن أننا سنجد الأقارب والأصهار يسيطرون على مقدَّرات البلد كأننا فى دولة مبارك كما فعل محمد مرسى نفسه وأتى بصهره أحمد فهمى أستاذ الصيدلة بجامعة الزقازيق رئيسا لمجلس الشورى.
فالإخوان يعتمدون على أهل ثقتهم وأهل السمع والطاعة.