ما إن بدا أن أحمد شفيق رئيس وزراء مبارك المخلوع وموقعة الجمل، متقدم فى فرز الأصوات، حتى إنه أصبح قاب قوسين من الإعادة مع مرشح الإخوان الاحتياطى محمد مرسى، حتى دعت الجماعة القوى السياسية إلى مؤتمر تحت عنوان «أمة فى خطر».. وكأنهم لم يصلوا أيضا إلى جولة الإعادة.. وأن الخطر فى وصول شفيق فقط إلى الإعادة معهم!! يعنى جماعة الإخوان رغم وصولها إلى الجولة النهائية بمرشحها الاحتياطى تعتبر الأمة فى خطر فى وصول شفيق إلى المنافسة على المنصب معهم، وكأنهم ليسوا خطرا على الأمة أيضا.. نعم شفيق خطر على الأمة.. ومش ناقصة أن يحكمنا جاهل يعتز بجهله مرة أخرى.. ومش ناقصة أن يأتى حاكم من العسكر أو مسنود منهم مرة أخرى.. فلقد قامت الثورة على النظام الاستبدادى الذى كان يديره حسنى مبارك، ودون شك أحمد شفيق هو امتداد طبيعى لحسنى مبارك، والرجل لا ينفى ذلك، بل اعتبر مبارك فى كثير من كلامه، الذى لا يفهم منه شيئا، أن مثله الأعلى هو حسنى مبارك، وإن كان فى الأيام القادمة سيغير من أدائه ومن خطابه باعتباره رجل دولة وأوشك على أن يكون الرئيس من خلال الصندوق الانتخابى فيحاول أن يخاطب الجميع، بمن فيهم القوى الثورية التى تعتبر وجوده خطرا على مصر.. ومستقبلها.
وصحيح أيضا أن وصول شفيق إلى منصب الرئيس يعيدنا إلى الخلف تماما بعد أن توقعنا أن تنقلنا الثورة إلى الأمام كثيرا ونستعيد ما أضاعه علينا نظام مبارك الفاسد من التقدم والوصول إلى مصاف دول وشعوب كنا نسبقها فى مراحل قريبة، ولكن باحترامها لديمقراطيتها وبنى آدميها استطاعت أن تكون فى مقدمة الدول.
وقد صنع الشعب المصرى ثورة عظيمة بهرت العالم وكان من الممكن أن تجعله فى مصاف الدول المهمة والشعوب الأهم على مستوى العالم، لكنها الإدارة السيئة والفاشلة لجنرالات معاشات المجلس العسكرى خلال الفترة الانتقالية التى أطالوها طمعا فى السلطة والكثير من النفوذ. طبعا شفيق وجوده فى منصب الرئيس خطر على مصر وعلى مستقبل هذه الأمة، وإجهاض للثورة، لكن أيضا وجود مرسى المرشح الاحتياطى لجماعة الإخوان خطر على الثورة وعلى مستقبل الأمة.
فمبدئيا لن يكون مرسى هو الحاكم، وإنما سيتم الحكم من مكتب الإرشاد، والحاكم الحقيقى سيكون خيرت الشاطر، وهذا كلام معلوم للجميع.. أيضا الجماعة ستستمر فى اتجاهها للتكويش على السلطة وإقصاء جميع القوى السياسية الأخرى من المشهد السياسى، حتى وإن أجروا تحالفات مؤقتة مع تلك القوى للخروج من مأزقها، بما فى ذلك الصراع مع أحمد شفيق على منصب الرئيس.. لكن فى النهاية يريدونها إخوانية صافية.
فهم سيقصون كل من يخالفهم فى الرأى والرؤية، وقد جرى ذلك خلال تجربتهم القصيرة فى السلطة.
فقد سيطروا على البرلمان بالكامل، وعلى لجانه، ولم يتعاونوا مع القوى السياسية حتى من كانوا متحالفين معهم، ومن حصل على رئاسة أى لجنة من خارجهم مُسيطَر عليه منهم تماما. بالإضافة إلى موقفهم من اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور وإصرارهم على السيطرة عليها تماما وتفسير القانون لمصالحهم الشخصية، وكما يرغبون هم، ليس من أجل البلد ومستقبله، فهم يعتقدون أنهم وصلوا إلى مرحلة السيطرة والفتح والتمكين، ومن ثَمَّ يتعاملون مع غيرهم على أنهم جاهلون أو «إسلاميون ناقصون» ويجب إقصاؤهم وعدم التعامل معهم بعد التمكين، هكذا تقول أدبياتهم «يمكن مراجعة ما كتبه مفتيهم عبد الرحمن البر وكاتبهم عبد القادر أحمد عبد القادر مؤخرا».
إن مرسى خطر على مصر، كما أن شفيق خطر أيضا.. فنحن بين دولة استبدادية فاشية دينية مُكفِّرة.. ودولة عسكرية مستبدة فاشية.