سيناء أصبحت رهينة في يد إسرائيل.. وانتخاب رئيس بلا دستور كزواج بلا عقد أكد الكاتب الصحفي الكبيرالأستاذ "محمد حسنين هيكل"،أن صعود الإخوان سياسياً وحصولهم على الأغلبية بالبرلمان،أكد أن الفائزالوحيد ليس بالضرورة الطرف الأقدر على القيادة، واصفاً فوز الإخوان في الانتخابات البرلمانية بأنه فوز «تعبوي»،متسائلاً: هل يعقل أن تذهب إلى صناديق الاقتراع بالدعوة تحت شعار الإسلام هو الحل؟ وهو شعار تم استبداله بمشروع النهضة في الانتخابات الرئاسية، مطالباً بألا يوضع الإسلام في شعار انتخابي، مطالباً أيضا بوضع مسافة بين شؤون الدنيا وشؤون الدين دون الدخول في المقدسات والمحرمات.
وتحدث "هيكل" في حواره التلفزيوني بإحدى الفضائيات مساء أمس«الإثنين»عن جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا أن الجماعة تنظيم قوي موجود ولكن السياسة بمفهوهما المستقبلي تنظيم غيرموجود في فكر الإخوان، قائلا: «الإخوان المسلمون لايلعبون سياسة،فهم ليس لديهم سياسة بالمعنى المستقبلي»،ودلل على ذلك بالأغلبية التي حصلوا عليها عن طريق تعبئة المواطنين، والتي تدفع المواطن للتصويت باليقين وليس بالعقل.
وأضاف:«هذا النوع من التنظيمات لا يمكن أن يصنع سياسة،ولكن يمكن أن يكون له حضور قوي في المشهد السياسي»،مشيراً إلى أن التيارالإسلامي انكشف أمام الجميع، على الرغم من قوته التي لا يمكن تجاهلها، ولكن مصر تحتاج إلى مرحلة استقرار الآن.
وقال: "هناك صدام محتمل بين كل القوى السياسية وبين الإخوان المسلمين والمجلس العسكري"،وأضاف: «استخدام الردع في الصدام من قبل المجلس العسكري يفلت موازين الخطر،أما الردوع المتبادلة بين الإخوان والعسكرى إذا حدثت فستسبب مشكلة كبيرة». وطلب "هيكل" ،من الرئيس الجديد أن يقوم فور توليه المنصب بعد فوزه بتشكيل طاقم رئاسي ومجموعة من«المستشارين بجد» - على حد قوله - وليس مجرد مستشارين تكون مهمتهم المراسلة وديوان الرئاسة، وأن يقوم بتعيين مديرمكتب يستطيع أن يطمئن لكفاءته السياسية، كما طالبه بأن يطلق مشاورات حول ما الذي يمكن عمله في المرحلة المقبلة، وأن يقوم بوضع جدول زمنى يذكر فيه الأولويات الخاصة بالدولة، قائلا: «على الرئيس المقبل أن يفكر في العجز اليومي الذي يصل ل500 مليون جنيه».
وقال "هيكل"، إن المجلس العسكري ورث تركة ثقيلة،وارتكب أخطاء بلاحدود، لكن هذا لا يعني أن يُهدم الجيش، فهو الضمانة الوحيدة الباقية للاستقرار الآن، مرجحاً حدوث صدام بين جماعة الإخوان المسلمين التي وصفها بأنها "غيرقادرة على صنع السياسة"، وبين العسكر والقوى السياسية، مشيرا إلى أن العنصر الدولى مهم في اختيار الرئيس الجديد، مطالبا إياه بالتفكير في عجز يومي يصل إلى 500 مليون جنيه،مضيفا : "لم نعرف قدرالمؤسسة العسكرية، ولا نعرف قيمتها إلا في حالات الحرب».
وأوضح "هيكل"،أن سيناء أصبحت رهينة لدى إسرائيل، وإذا دخلنا في خلافات شديدة مع الدولة العبرية فستصبح القوات الإسرائيلية في محيط قناة السويس، باعتبارأنها مكشوفة لديهم، بالإضافة إلى أن موقف مصر في سيناء ضعيف جدا، ولا ينبغي أن نحيا في الخيال، فنتيجة لاتفاقية السلام أصبحت هناك أوضاع عسكرية في سيناء تحدد قوة مصر».
وتابع: «المجلس العسكري لا يريد أن يكشف الحقائق الكاملة للشعب، فلا أحد يعرف طبيعة النظام الذي نعيش معه، وتساءل لا أعرف كيف حدث كل هذا الاختراق الكامل للبلاد؟"، مؤكدا أن الجيش لايعتبر مؤسسة، لكنه قوة ضامنة بشكل أوبآخر، وهناك فرق كبير بين المؤسسة والقوة الضامنة، مشيراً إلى الوجع المؤسسى في جميع القطاعات والتي لا تعرف المؤسسات بل هى ترفض هذه الفكرة».
وأشار،إلى حماس بعض المرشحين الحاليين للرئاسة ،قائلا «أخشى أن يكون الحماس سبباً في خسارة أشياء كثيرة في الإقليم ومنها إسرائيل" ،مؤكداً أن الحماس لايستطيع أن يصحح أخطاء ارتكبها النظام السابق.
ووصف انتخاب الرئيس بدون التوصل إلى صيغة نهائية للدستور بأنه «زواج بلا عقد»، قائلاً: «إن آخرأشكال الشرعية هوالوقت الذي نعيشه حاليا»، مطالبا بضرورة التوصل لدستور نستطيع أن نعيش بمقتضاه، فكل عيش مشترك يحتاج إلى عقد متجدد لا دائم متمثل في الدستور.
وأكد ضرورة التخلص من شبح حسني مبارك، كما تخلصنا من شبح جمال عبد الناصر وأنور السادات، وتابع: «يجب أن نتخلص من النظام القديم بكامله، فهو لم يسقط حتى الآن لكنه تصدع فقط، وأخشى أن يقع على رؤوسنا». وحول إعادة انتاج النظام القديم قال: «مستحيل»، وضرب مثلاً بالبيضة، وقال: «هل يمكن أن تعود البيضة لطبيعتها مرة أخرى بعد كسرها».
وطالب بضرورة التوجه نحو إيران والعمل معها، متحدثاً عن الأزمة القائمة الآن بسبب انتشار الشيعة في مصر والحسينيات الشيعية، قائلاً:«الشيعة متواجدون في مصر طوال عمرها»،مؤكداً وجود رغبة ملحة في تحويل الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع عربي إيراني، وهو ما يتم التدبير له منذ 20عاماً.
وانتقل للحديث عن المملكة العربية السعودية وتحدث عن اقتحام السفارة السعودية بسبب قضية المحامي الشاب "أحمد الجيزاوي"، وقال : "اقتحام السفارة جريمة، والاعتذار وصل لدرجة كبيرة من المهانة".
وتحدث «هيكل» عن الانتخابات الرئاسية، وقال: "نصر على أن نفصل بشدة الانتخابات الرئاسية عن التنظيمات الحزبية والأحزاب"، وضرب مثلاً بالولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا وقال: «الأولى نجح فيها شاب وهوأوباما ينتمي لتنظيم سياسي كبير، وهو الحزب الديمقراطي، وكذلك هولاند الرئيس الفرنسي الجديد الذي ينتمي إلى اليسار، وفى هذه الدول لا يوجد انفراد بسلطة، لكننا أحياناً ننسى أن هناك مؤسسات فى مصر».
وأرجع ذلك إلى طابور التعبئة الذي يجمع له الإخوان أمام صناديق الاقتراع، لدرجة وصلت إلى أنهم أصبحوا يختارون للمواطنين.
كما اعترض«هيكل» على مصطلح «الجمهورية الثانية» قائلا: "إن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والملك فاروق كانا استمرارية للجمهورية الأولى التى استمرت حتى ثورة 52، وصولاً إلى السادس من أكتوبر،لتبدأ الجمهورية الثانية التى استمرت من نظام الثبات حتى سقوط مبارك، لتبدأ الجمهورية الثالثة بعد الثورة.
وأكد أن صندوق الانتخابات لا قيمة له بدون الناخب الذي يعتبر الحلقة المحورية في مرحلة ما قبل الوصول للصندوق، فالمواطن هو الأهم في المنظومة الانتخابية، فالقيادة يمكن تغييرها ولكن الشعب لا يتغير، مشيراً إلى أن الشرعية الجديدة في مصر يجب أن تتأكد بوجود مجتمع قائم على التناسق حتى تتجلى اختياراته.
وقال "هيكل" أن مصرالآن تقف على أرضية مهتزة، مشيراً إلى عدم وجود مؤسسة ضامنة في مصر الآن سوى مؤسستي الشرطة والجيش، موضحا أن المشهد الإعلامي في مصر حاليا يشهد حالة من الفوضى ليس لها حدود، مطالباً بأن لا يكون هناك إعلام مملوك للدولة، مع عمل تنظيم للإعلام الخاص، محذراً من الخطر الكبير الذي تشهده اللحظة الحالية في التدفق بلاحدود للمعلومات التي لا يجمعها نسق فكرى، مؤكداً على ضرورة وضع المعلومة في إطار واضح.
وقال أن الخريطة الحالية لمصر تؤكد أن التاريخ المصري لا يوجد به عمل اكتمل للنهاية، ومصر لديها مشكلة كبيرة تتمثل في عدم استكمال المشروعات الكبرى والمرتبطة برجل أو حلم، بسبب أن كل تجربة حاولت أن تهدم ما قبلها، وبالتالي كل مرحلة موجودة مازالت معلقة في الهواء، وضرب «هيكل» المثل بما حدث في ثورة يوليو 52 والمشاريع التنموية الكبرى، ومنها مشروع السلام الذي تم إهماله، وأرجع السبب في إهمال المشروع إلى العمل بلا قيادة وفكر منظم ومستمر.
وتحدث «هيكل» عن اختيار الرئيس المقبل، وقال: «العنصر الدولي مؤثر وفاعل في اختيار الرئيس المقبل"، مؤكدا أن ما قاله الدكتور "مصطفى الفقي" من قبل بأن الرئيس المقبل يجب أن توافق عليه إسرائيل، وأرجع استمرار ذلك إلى عدم وجود النية للتغيير، واعتبر الكاتب الكبير ظهوره في هذا التوقيت، وقبل 24 ساعة من الانتخابات الرئاسية استثناء.
وقال "هيكل" أن العنصر الخارجي في كل بلد موجود ومتفاعل ولكن القضية ليست في ذلك ولكن في مدى وحجم التأثير الذي تحدثه، مضيفا أن التغيير لا يغير الأشياء إلا بأسباب حقيقية قادرة على التغيير ويكون هناك نية للتغيير.
وأضاف أنه لا ينبغي القرب من إتفاقية «كامب ديفيد» والأولى الاقتراب وتوطيد العلاقات ما بين مصر وإيران، مطالباً أن يأتي رئيساً يواجه نوعاً من الصدام الداخلي بين التيارات السياسية والمؤسسة العسكرية.
وأشار أن المؤسسات في مصر لا تدار وفقاً لقواعد، وأن الرئيس القادم سيواجه عدداً من المشكلات التي تتعلق بكون المؤسسات التي تدار حالياً تدار وفقاً لفكر قديم، مشيراً إلى أن «جماعة الإخوان المسلمين » من حقهم المشاركة بالحياة السياسية ولكن ليس من حقهم الاستحواذ على كل شئ، لذلك لابد على الرئيس القادم أن يركز على الوضع الداخلي في مصر ويدعمه بقوة.
وقال "هيكل" أن هناك رغبة في العشرين عاما الماضية بأستبدال العدو الصهيوني إسرائيل بإيران.
وأضاف "هيكل" أن الرئيس القادم سيكون متوافق عليه من كل التيارات وأن الإخوان برغم حجمهم بالشارع المصري إلا أنه ليس لهم وجود بالشارع، منوها بإن المصريين لم يختاروا الإخوان لأن لديهم خطة أو لأن لديهم سياسة، ولكن لأن بعد الثورة قام الأخوان بعملية حشد لأصوات الناخبين، منوها أنهم قوة لا يستهان بها ولكن يعيبهم أنهم ليس لديهم سياسة ولايعلموا عنها شيء سوء تنظيم المظاهرات.
وقال المفكر السياسي أن المجلس العسكري قام بأخطاء فادحة خلال الفترة الانتقالية الماضية، وأن الرئيس القادم سيواجه أيضا تحدي كبير وهو أن يكتشف المشكلات والأسرار الخاصة بالجمهورية الرئاسية الأولى والتي قادها أربع رؤساء، مشيرا إلى أن الرئيس القادم عليه أن يبحث عن خبايا وأسرار النظام السابق.
وقال أن الرئيس القادم عليه عبء كبير وهو أنه سيأتي وعليه أن يعمل ولكن في حال عدم وجود دستور سيعمل الرئيس دون أي قاعدة، وكأنه يشبه وجود رجل وإمرأة متزوجون دون عقد شرعي يثبت العلاقة المحددة بينهما.