الأزمة الراهنة بين البرلمان والحكومة تؤكد عدم الوعى السياسى من الطرفين بالمسؤولية الملقاة على عاتقيهما والصراع بينهما هو صراع على السلطة وليس لمصلحة الشعب.. هذا ما أكده سياسيون تعليقا على التهديدات المتبادلة بين مجلس الشعب والحكومة بالحل وسحب الثقة، التى تطورت إلى قرار مجلس الشعب بتعليق جلساته احتجاجا على عدم تقديم الحكومة استقالتها. الدكتور مصطفى النجار عضو مجلس الشعب عن حزب العدل قال إن «البرلمان صعّد الموقف ضد الحكومة دون الانتباه إلى المأزق الدستورى الذى يواجهه، الذى أوضحته فى كلمتى التى أدت إلى مشادة مع رئيس مجلس الشعب، حين أكدت أن البرلمان لا يستطيع إسقاط الحكومة بموجب الإعلان الدستورى».
وأضاف النجار أن الحكومة إذا لم تسقط وتتغير سيكون شكل البرلمان ضعيفا وعاجزا، مشيرا إلى أنه حتى إذا قام المجلس العسكرى بتشكيل حكومة من خارج الإخوان ستظل الأزمة قائمة.
نجيب أبادير عضو المكتب السياسى لحزب المصريين الأحرار، قال إن ما يحدث يمكن وصفه بالمراهقة السياسية وعدم الوعى بالمسؤولية، مضيفا أن البلد يحتضر اقتصاديا ونفسيا، ولم يعد يحتمل المزيد من التناحر والمواقف العنترية.
أبادير قال إنه على الرغم من أوجه القصور فى الحكومة الحالية، فإن سحب الثقة الآن ونحن على مشارف انتخابات رئاسية ليس له معنى، لافتا إلى أن التيار الدينى هو من وافق على التعديلات الدستورية فى استفتاء مارس الماضى، التى ثبت خطؤها الآن للجميع، فليس من المفترض أن نستمع إليهم الآن.
مضيفا أنه لا يستطيع الجزم إذا كان تشكيل حكومة جديدة لا يتولى فيها الإخوان الحقائب الوزارية المهمة قد يكون الحل للأزمة الحالية، وأن الإخوان هم من يجب سؤالهم فى هذا الشأن.
وبخصوص موقفهم من المشاركة فى هذا الحكومة قال أبادير إن القرار سيدرس فى حينه، وإنهم مع أى شىء يعيد دوران عجلة الإنتاج، ويصب فى مصلحة مصر، وإذا عُرض عليهم حقيبة وزارية مهمة يكون لهم من خلالها دور حقيقى سيشاركون بلا شك، لكن لن يقبلوا بأن يكونوا ديكورا، وليس لهم دور فاعل ومؤثر.
أمين إسكندر عضو مجلس الشعب عن حزب الكرامة، قال إن «المجلس العسكرى والحكومة استهانا بالبرلمان خصوصا الحكومة، ويكفى أن أقول إنه لم يكن هناك ممثل للحكومة»، مؤكدا موافقته التامة على قرار تعليق الجلسات، لأنه كان لا بد من إيصال رسالة غاضبة، على حد قوله. وأضاف إسكندر أنه اقترح القيام بمبادرة لإصلاح العلاقات بين مجلس الشعب باعتباره منتخبا ومعبرا عن المواطنين وبين الحكومة والمجلس العسكرى، مشيرا إلى أن هناك جلسات تنعقد بين رؤساء الكتل البرلمانية وناشطين برلمانيين مع رئيس مجلس الشعب بمكتبه لتقديم مبادرة لرأب الصدع، متوقعا أن تعيد العلاقات إلى خطها الطبيعى.
إسكندر أوضح أنه يرفض حكومة الجنزورى وأداء المجلس العسكرى، لكن البلد لا يتحمل هذه الأزمات، وفى الوقت نفسه لا يمكن الإبقاء على الحكومة، لكن يمكن تغيير عدد من الوزراء وتظل برئاسة الجنزورى وتسمى حكومة تسيير أعمال مؤقتة حتى تسليم السلطة متوقعا الإطاحة بوزير الخارجية بسبب أزمة السعودية.
محمد صلاح الشيخ القيادى الوفدى، قال إن ما يحدث مأساة، والأوطان أكبر من أى مناورات سياسية رخيصة لا تنظر إلى آلام الشعب التى طالت أكثر مما يجب، مضيفا أن إقامة دولة ديمقراطية متطورة للشعب المصرى أهم من إقامة دويلة للإخوان، والتاريخ سيحكم على هذا الأداء الركيك، والشعب لن يصمت طويلا على عدم الإحساس بالمسؤولية. بينما أكد حسين عبد الرازق عضو المكتب الرئاسى لحزب التجمع، أن أزمة البرلمان مع الحكومة ليس لها تفسير إلا أنها أزمة مفتعلة مع الحكومة والمجلس العسكرى تدور حول هدف معين وهو محاولة التيار الدينى السيطرة على وضع دستور على مقاسهم، مشيرا إلى أن التيار الدينى يريد إزاحة الحكومة لكى تتم الانتخابات الرئاسية دون رقيب عليهم وعلى ما يفعلون. وأضاف عبد الرازق أن البرلمان يريد أن يشكل أزمة حقيقية مع الحكومة، لكى ننشغل بها عن المشكلة الأهم، وهى تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء لن يستقيل إلا إذا قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الخضوع لهم بحل الحكومة قائلا «إنه لا يظن ذلك».
وأشار إلى أن ما حدث من تعليق الجلسات البرلمانية عبث وفوضى كبيرة، مشيرا إلى أنهم يفعلون ذلك تضييعا للوقت لعدم اتفاقهم على المعايير الأساسية للدستور، وعدم هيمنتهم على اللجنة لذلك يفتعلون هذه الأزمة.
أما عبد الغفار شكر وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى، فقد أبدى استياءه الشديد من قرار الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب، بتعليق الجلسات لمدة أسبوع احتجاجا على استمرار عمل الحكومة، مشيرا إلى أنه ليس له تفسير إلا أن ما يحدث صراع على السلطة.
وأضاف عبد الغفار أن التهديد بحل البرلمان ليس سببا فى هذه الأزمة، لكن «الإخوان المسلمين» تفعل ذلك للسيطرة على اللجنة التأسيسية للدستور ووضع معايير خاصة بها، مشيرا إلى أنهم يريدون أن ننشغل بأمور فرعية، وننسى المشكلة الأهم قائلا «إن الأولوية هى لوضع الدستور قبل أى شىء».