فى عام 2005 أجرى الرئيس المخلوع حسنى مبارك ترقيعات دستورية للادِّعاء أنه ستجرى انتخابات على منصب الرئيس.. انتخابات تنافسية.. بدلًا من الاستفتاء الذى تحكَّم فى المنصب سنوات طويلة. وبالطبع أعلن أتباع مبارك وترزيته أن ما جرى ذلك نقلة نوعية فى الديمقراطية، ومن بين هؤلاء شخصيات ما زالوا يتصدرون المشهد السياسى والإعلامى الآن، تعودوا دائما على خدمة النظام الموجود ونفاقه وموالسته ويستطيعون ركوب الموجة. .. وجرى وضع قانون انتخابات الرئاسة، وهو نفسه -للأسف- الذى تُجرى على أساسه انتخابات 2012 مع تعديلات طفيفة!!
.. وتم تجهيز مسرح تمثيلية انتخابات الرئاسة وقتها باللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، برئاسة المستشار ممدوح مرعى رئيس المحكمة الدستورية وقتها، وتمت مكافأته بعد إعلانه نتيجة مبارك بتوليه وزارة العدل ليناصب حركة قضاة الاستقلال العداء.. ويفرض علينا شخوصا قضائية لضرب هذه الحركة التى ما زالت موجودة حتى الآن.
.. كما تم تجهيز رؤساء الأحزاب الكرتونية صنيعة أمن الدولة للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية أمام مبارك وليمثلوا الكومبارس على المسرح.. ولا مانع من إعطائهم منحا مالية مقابل ذلك!
.. وفى اليوم الأول لتقديم أوراق المرشحين للتنافس على منصب الرئاسة ذهب عدد من المرشحين -بينهم من ذهب ل«الشو الإعلامى» كما يحدث الآن- ووقفوا أمام اللجنة التى كانت تتخذ مقرا لها فى شقة بشارع عبد العزيز فهمى بمصر الجديدة -ما زالت تابعة للجنة حتى الآن- وكان من بينهم أيمن نور مرشح حزب الغد، وذلك قبل فتح باب الشقة وتلقِّى أوراق المرشحين، واستطاع أيمن نور أن يكون أول من يقدم أوراقه للترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى عام 2005 لحجز رقم (1) فى قائمة المرشحين بأولية التقديم وكذلك الرمز الانتخابى الذى يريده، وبدأت وسائل الإعلام تتحدث عن ذلك.. وعن تقدم مرشحين فى اليوم الأول.. ولم يُذكر مبارك فى تلك الأخبار.
.. وفوجئت عصابة مبارك ولجنة الانتخابات بذلك الأمر وبدأت فى التحرك لتبث خبر تقدم مبارك بأوراق ترشحه لانتخابات الرئاسة، وأنه أول من تقدم بأوراقه عن طريق محاميه المستشار محمد الدكرورى، أحد الترزية الكبار فى لجان مبارك القانونية الذين أفسدوا الحياة السياسية والتشريعية خلال سنوات مبارك الأخيرة -وللأسف ما زال هذا الرجل يعمل مستشارا لمسؤولين حكوميين حتى الآن.
.. وبالفعل بثت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية خبر أن مبارك أول من تقدم بالترشح.. وهى نفسها التى كانت قد قالت من قبل إن أيمن نور كان أول المتقدمين للترشح.. وأيضا بث التليفزيون الخبر رغم أنه سبق أن بث أخبارا مصورة عن تقديم مرشحين آخرين لأوراقهم.. ولم يقترب من مبارك!
.. ولم يستطع التليفزيون تقديم صورة لمحامى مبارك وهو يقدم أوراقه أو تصريحا منه كالعادة فى مثل هذه الأمور. .. وقد سألتُ أحد المسؤولين عن التليفزيون فى ما بعد عن تلك القصة فضحك الرجل وقال إن محامى مبارك دخل من الشباك ولم يره أحد لكنه كان هو الأول.. ألم يكن مبارك هو الأول فى كل شىء؟! ومضى الأمر ليكون مبارك هو أول المرشحين رغم أنه كان هناك الآلاف من الناس والمئات من كاميرات التليفزيون والمصورين ولم يضبط أحد تابعى مبارك يقدم أوراقه للترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى عام 2005.. وقد صار يقينا عندى وعند آخرين أن مبارك لم يقدم إطلاقا أوراقه للترشح للرئاسة، ولكن لجنة ممدوح مرعى للرئاسة وضعته فى صدارة قائمة المرشحين. .. وها هو نفس المشهد يتكرر فى انتخابات الرئاسة عام 2012، لكن مع عمر سليمان هذه المرة نائب مبارك الذى أتى به لإجهاض الثورة.
.. حضر عمر سليمان بنفسه هذه المرة لتقديم أوراقه فى حضرة قائد الشرطة العسكرية حمدى بدين قائد الانتهاكات الكبرى ضد الثوار فى ميدان التحرير وأمام مجلس الوزراء وشارع قصر العينى ومحيط وزارة الداخلية. وقد سبق ذلك بيوم أن زار مقر اللجنة العليا للانتخابات فى قصر الأندلس، للاطلاع على شروط الترشح، فلم ير أحد من الموجودين أمام مقر لجنة الانتخابات أى توكيلات تدخل اللجنة وهم موجودون أمام اللجنة قبل فتح أبوابها. لكن فوجئ الجميع أيضا بأن هناك توكيلات تقترب من 60 ألفا.. ويفاجأ الجميع أن لجنة الانتخابات قد راجعت 30 ألف توكيل فى وقت محدود.. وكأنه أمر دُبِّر بليل!
.. وبالطبع أمام تلك الفزورة حاولت لجنة الانتخابات تبرئة نفسها.. فطلبت من عدد قليل من الصحفيين تصوير بعض الكراتين المرتَّبة.. وكأنها هى توكيلات عمر سليمان.
.. ناهيك بما حدث فى جمع التوكيلات من المصالح الحكومية وشركات خاصة.. وتورط مسؤولين كبار فى ذلك.