لست ضد أن يصدر عفو عن خيرت الشاطر، سواء كان ذلك بقرار أو بقانون فقد كنت دائما ضد قضية ميليشيات الأزهر، التى صدر للشاطر قرار بقانون للعفو عنه فى عقوبتها، وما يترتب عليها.. وأراها أنها كانت قضية مُلفقة شارك فيها أطراف ما زالت فى المشهد السياسى، وروجت لها أطراف ما زالت فى المشهد الإعلامى، وتحاول أن تنافق و«تجعجع» مع الإخوان الآن، كما كانت تنافق و«تجعجع» مع نظام مبارك المخلوع
.. فالقضية كانت -ولا تزال- هى جزء من معركتنا مع النظام المخلوع، وحتى مع النظام الحالى المتمثل فى المجلس العسكرى وفقهائهم وترزيتهم الجدد، فى محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.. فالمحاكم العسكرية للعسكر.. والمدنيين لهم القضاء الطبيعى.
.. لكن القضية -قضية العفو عن الشاطر- تتمثل فى الغموض والسرية، اللذين فرضهما الطرفان -المجلس العسكرى وخيرت الشاطر وجماعته- فلم يكن أحد يعلم عن قرار العفو شيئا.. فقد كان المعلن هو الحكم الذى صدر برد اعتباره -أى الشاطر- فى قضية عسكرية يعود الحكم فيها إلى عام 1995، وقد أثار الإخوان بأنفسهم غموضا أكثر حول موقف الشاطر، عندما أعلنوا ترشيحه للرئاسة، ولم يستطع قانونيوهم ومستشاروهم وأعضاء مكتب إرشادهم أن يقنعوا الناس بأهلية الشاطر للتقدم للرئاسة، وهو الذى لم يحصل على رد اعتبار فى قضية ميليشيات الأزهر.. أو عفو عنها.. وتعاملوا مع الأمر -بمن فيهم خيرت الشاطر الذى لم يظهر بعد للناس على الرغم من أنه مرشح للرئاسة.. ولا أحد يعرفه من العامة حتى الآن- وكأنه أمر «عيب» الحديث عنه.. فكانوا يلتفون ويدورون حول الموقف.. ولم يكونوا واضحين.. وهو الموقف نفسه الذى اتخذه المجلس العسكرى، فلم يصدر أى بيان أو تصريح عنه بأن هناك عفوا صدر للشاطر فى قضية ميليشيات الأزهر.. وكأنه أمر «عيب» عندهم أيضا.
وتناسى الاثنان -الإخوان والعسكر- أن القواعد تغيَّرت، وأن الشفافية مطلوبة، بل أصبحت ضرورية، خصوصا أن الشاطر انتقل من القيادة من وراء الستار للتنظيم السرى إلى جماعة الإخوان.. وقيادة مفاوضات الجماعة مع الأجهزة الأمنية قبل الثورة والمجلس العسكرى بعد الثورة.. وتدبير تمويل الجماعة وشراء وإيجار مقراتها.. ودفع رواتب الموظفين، وإنشاء مواقع إلكترونية، وتجنيد جيش من أعضاء الحملة الإلكترونية.. إلى العلنية «الفجة» فى السعى لمنصب الرئيس. وربما يفرض عليه هذا الترشح أن يكون شفَّافًا، يطرح ما لديه بشكل واضح لعامة الناس.. وأن يعلم الناس ماذا يعمل هذا «الباشمهندس».. وشركاته.. وأعماله.. وعلاقاته.. وزوجته وأبناؤه.. وأصدقاؤه.. وسفرياته.. وأمواله فى البنوك، وأمواله فى الخارج. .. وعلى رأس ما سبق لا بد أن يعلم الناس كيف حصل على قرار العفو، والذى اتضح أنه صدر بطريق قرار بقانون من المجلس العسكرى والمشير طنطاوى «القائم بأعمال رئيس الجمهورية»، فى شهر فبراير الماضى، أى بعد انعقاد مجلس الشعب، الذى أصبح له الحق فى إصدار القوانين.
فلماذا صدر بهذا الشكل؟ ولماذا صمت الإخوان فى مجلس الشعب عن مهاجمة قرارات المجلس العسكرى بقانون التى صدرت قبل انعقاد مجلس الشعب بأيام قليلة، مثل قانون هيكلة الأزهر، وقانون التصالح مع المجرمين من النظام السابق؟
فلم يحدث أى اهتمام بذلك، بل إن مجلس الشعب لم ينظر إلى تلك القرارات بقانون، وصمت الإخوان صمت القبور. بالطبع لم يطلع أحد على نص القرار بالقانون، وقد راجعت الجريدة الرسمية وملاحقها التى تنشر مثل تلك القوانين والقرارات الرسمية، فلم أجده.. وإن كنت أعتقد أنه قد تم طبع عدد محدود من النسخ لأحد ملاحق الجريدة الرسمية، على أن تكون لدى «العسكرى» نسخة، ولدى الشاطر نسخة أخرى «وكفى العسكر والإخوان شر الآخرين».. وهو الأمر الذى كان يفعله مبارك «المخلوع» وترزية قوانينه، فى بعض القرارات التى كانت تصدر عنهم، لمصالح خاصة، لا من أجل الوطن. .. فلماذا تعدى «العسكرى» على مجلس الشعب والهيئة التشريعية؟ ولماذا يصمت الإخوان وغيرهم من أعضاء البرلمان، الذىن أصبحوا بهذا الشكل كومبارسا للإخوان؟!
«العسكرى» هنا يتعدى على شرعية البرلمان، بإصداره قرارا بقانون بالعفو الشامل عن خيرت الشاطر فى وقت انعقاد البرلمان -لا فى غيابه- فى قضية ميليشيات الأزهر، المدان فيها خيرت الشاطر بسبع سنوات.. أفرج عنه إفراجا صحيًّا، بعد قضائه 4 سنوات، وذلك فى مارس 2011، بفضل الثورة، وكان من المفترض أن تنتهى عقوبته فى 2013، ومن ثم يقيم دعوى قضائية لرد اعتباره، بعد مرور 6 سنوات.
.. فلماذا ترك إخوان «الشعب» والكتاتنى وحلفاؤهم حالة التعدى على شرعيتهم، التى يدَّعونها، ولم يتكلموا.
.. لقد اتضح الأمر.. فالتواطؤ كان واضحا بين الإخوان وجنرالات المجلس العسكرى، فى تصفية الثورة لمصالحهما المشتركة.