لماذا لا تنجح الجلسات «العرفية» في حل مشاكل العرفية بشكل قاطع؟ جلسات عرفية جاد: الحل في فرض هيبة الدولة التي تبدو ضعيفة وهى قوية ليله: غياب سلطة الدولة وتراجه ثقة المواطنين بالقانون العام وراء اللجوء للأحكام العرفية الجوادي: ستنتهي الأحكام العرفية من تلقاء نفسها عندما تتعافى مؤسسات الدولة علام: القضية ليست في الأمن فقط لكن مرتبطة بقرار سياسية واقتصادية واجتماعية شهدت مصر أكثر من واقعة خلال شهر فبراير، كانت اختبار حقيقي لهيبة الدولة وسيادة القانون، والتي بدأت بأحداث العامرية، الصراع بين قبيلتي الأشراف والحميدات في قنا والصراع بين قريتي أطسا البلد واطسا المحطة في المنيا، جميعهم غابت عنهم الدولة، ولم يستطع الجهاز الأمني فرض هيبة الدولة، وتم اللجوء إلى الجلسات العرفية التي لم تنهي المشاكل، الخبراء أرجعوا اندلاع الأحداث واستمرارها لغياب الأمن وفرض هيبة القانون، واستقرار نفسية المواطنين بأن القضاء العرفي حل سهل وسريع بعيدا عن طريق المحاكم. النائب البرلماني عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الدكتور "عماد جاد"، قال أن الحل في فرض هيبة الدولة، خصوصا وأن الدولة قويا، لكن الذي يظهر "للعيان" أن الدولة ضعيفة وهذا غير حقيقي، مشيرا إلى تبنيه وبعض النواب في البرلمان اقتراحات لسيادة القانون وفرض هيبة الدولة، ويحاولون إقرارها لتنتهي الجلسات العرفية التي أحيانا يتم استغلال العرف في ارتكاب جرائم مثل تهجير عائلة أبو سليمان في العامرية وهى بعيدة عن المشكلة، خصوصا وأن العرف لا يقر ذلك، ولم يستبعد عدم تدخل الشرطة في فرض هيبة الدولة، تعد وسيلة حتى تصل مصر للفوضى التامة.
رئيس قسم علم الاجتماع الأسبق بجامعة عين شمس الدكتور "علي ليله" قال أن اللجوء إلى مثل هذه الجلسات يعود لغياب سلطة الدولة في بعض المناطق وتراجع ثقة المواطنين بالقانون العام وطريق القضاء خاصة وأنه يحتاج إلى وقت طويل للفصل في القضايا وهو ما يدفع بعض رموز الدولة وقادتها للمشاركة في حل هذه النزاعات بالجلسات العرفية اعتمادً على أنه حل سريع للقضية وأقصر من طريق التقاضي. وطالب "ليله" بإلغاء جلسات الصلح العرفية وقوانينها وعدم الاعتراف بكل الأحكام التي تنتج عنها لأنها تمثل اعتداء على سلطة الدولة وهيبتها ودليلا على عدم احترام القانون العام للدولة. قائلا: "لازم كل الناس يفهموا إن الصلح العرفي وحده لا يكفي ،فالقانون العام لابد أن يُفعل ليعاقب الجناة والمخطئون". وجهة نظر أخرى تبناها الباحث السياسي الدكتور"محمد الجوادي" الذي رأى أن جلسات الصلح العرفية "قضاء تكميلي" لأنه يساعد ويدعم القضاء العادي ويوفر عليه الوقت والجهد الذي يحتاجه للنظر في قضايا أخرى معتبرا أياها أي جلسات الصلح العرفي بمثابة فلترة للقضايا فتفصل فيما تعرفه وتترك الباقي للقضاء الأصلي، مطالبا بضرورة تشجيع مثل هذا النوع من القضاء خاصة في ظل هذه الفترة التي تعاني فيها مؤسسات الدولة من الضعف إضافة إلى معاناة المؤسسة القضائية من كثرة القضايا التي تنظر فيها والخلافات التي بداخلها. أشار "الجوادي" إلى أن القضاء العرفي موجود في كل دول العالم ومعترف به وله دور وقوانين يحترمها الجميع، لافتا إلى أنه لا يتعارض مع القضاء العادي ولا ينقص من هيبة القانون العام وسلطة الدولة، مؤكدا لكل المطالبين بإلغائه بأن يتركوه وسيلغى من تلقاء نفسه عندما تتعافى مؤسسات الدولة وتعود للعمل في مسارها الحقيقي. "الوضع العام في البلد به ضبابية شديدة وتناحر سياسي ومشاكل اقتصادية، والقضية ليست في الأمن فقط" هكذا قال الخبير الأمني اللواء "فؤاد علام" عن عدم قدرة الأمن في فرض هيبة الدولة في الأحداث الأخيرة التي وقعت، مشيرا إلى أن الوضع العام يحتاج دفعة قوية، لأن الجهاز الأمني لن يمكنه معالجة المشاكل بمفرده، بل يحتاج لحلول سياسية واقتصادية واجتماعية بجانب الأمن.