أصمم علي أن أطلق علي جلسات الصلح العرفي في الأزمات والتوترات الطائفية اسم (جلسات التهريج العرفي). وذلك لعدة أسباب، منها: - إن جلسات الصلح العرفي هي نوع من (قعدات المصطبة)، لأنها تجنب القانون.. وتستبعد الدولة في مقابل تفعيل دور القبيلة. ونترك الحكم في نهاية المطاف للأكبر سناً أو للأكثر حكمة من وجهة نظر من يعقد مثل هذه الجلسات. ولكن تري.. هل يمكن أن يتم الحكم في كل توتر طائفي بجلسات الصلح العرفي ضد طرف يتصور البعض أنه ضعيف في مقابل طرف يعتقد أنه قوي؟!. - إن دخول بعض شيوخ السلفية في جلسات (التهريج) العرفي.. هو نوع من إهدار للمواطنة المصرية في مقابل.. ترسيخ أشكال متباينة للدولة الطائفية الدينية.. وهي في كل الأحوال ستكون ضد فئة أو فئات من أبناء مصر.. ولن تكون الدولة الدينية هي الحل.. فالحلول القانونية الحقيقية هي أفضل الأساليب للتعامل مع قضايا المجتمع. إن جلسات (التهريج) العرفي هي ضد الدولة المدنية المصرية.. - إن جلسات (التهريج) العرفي لا يمكن أن تتم في مشكلات معالجة الجرائم الطائفية.. فلو كان هناك نزاع علي حدود أرض أو ما شابه.. يمكن حلها بجلسات الصلح العرفي. أما الجرائم الطائفية التي لا تقل في تقديري عن الجرائم الإرهابية هي جرائم يتم فيها الحرق والتدمير والقتل والعنف. وهو ما يحتاج إلي تجريم قانوني واضح. ما نحتاجه هو تنفيذ القانون.. نحتاج للتعامل مع مضمون المشكلة الطائفية وجوهرها.. وليس بالطبع.. مظاهرها الزائفة. فأي مشكلة يمكن أن يتحملها.. المجتمع المصري.. أما الصدام الطائفي؛ فهو ما يمكن أن يقسم مصر بشكل حقيقي إلي فريقين في مقابل بعضهما. أود أن أذكر ملاحظة مهمة، وهي أن المواطن المسيحي المصري الذي تم تطبيق الحدود عليه بقطع أذنه أو جزء منها في قنا.. هو شخص تثار حوله أقاويل كثيرة عن سلوكه.. وهو أمر مرفوض تماماً طبقاً للعقيدة المسيحية، بل مجرم عقيدياً في أي حال من الأحوال. غير أن رفضي لسلوكه.. لا يعني موافقتي علي تطبيق الحدود عليه.. بل كنت أتمني أن تتم محاكمة قضائية لهذا الرجل.. فلا يمكن أن نترك للشارع أن يحكم علي المواطنين لأنها ليست مسئولية الشارع ببساطة.. بل سلطة الدولة التي يمكن من خلال أجهزتها سواء كانت النيابة العامة أو القضاء أن تحكم علي مثل هذا الرجل. والذي يجب أن يتم التعامل معه.. كمواطن مصري؛ وليس كمسيحي. جلسات (التهريج) العرفي هو مصطلح أملك حقوق ملكيته الفكرية في وصف مهزلة ما يطلق عليه (جلسات الصلح العرفي). وهي أسلوب قديم وعتيق في معالجة الأزمات والتوترات الطائفية للتعتيم علي جرائم طائفية موجهة ضد المواطنين المسيحيين المصريين. لا حل وسط بين تطبيق جلسات (التهريج) العرفي وبين تطبيق القانون وحياده وتنفيذه علي الجميع بدون أي تمييز.. والحل في سلطة القضاء المحايد بالدرجة الأولي. القانون.. (بيعلم الأدب)!.