مع ارتفاع نسبة الجرائم التي ترتكب بسبب الثأر في محافظة المنيا أو الصعيد بشكل عام واختلاف أسباب تلك الجرائم سواء كانت تافهة أو جسيمة تحتاج العائلات التي تقع بينها الخصومة الثأرية بصورة ملحة إلي رجال ذوي حكمة وخبرة واسعة في مجال المصالحات العرفية تستطيع بأسلوبها الحكيم تقريب وجهات النظر بين العائلات المتنازعة ويحاول رجل المصالحات التصدي بعقلانية شديدة لمثل هذه الخصومات التي تحصد أرواح أناس معظهم من الأبرياء. وتحدث «فتحي صديق حزين» 73 سنة والذي يقيم بقرية خزام بمركز ديرمواس «الدستور» قائلاً: أعمل في مجال تحكيم الجلسات العرفية منذ أكثر من 50 سنة. وقمت برئاسة الآلاف من جلسات الصلح العرفية التي تختلف وتتنوع أسبابها ولكن في أغلب النزاعات يكون سببها تافهاً فأنا قمت بالتحكيم بين عائلتين بمركز أبنوب الحمام بمحافظة أسيوط وقع بينهما خصومة ثأرية بسبب قيام طفلة عمرها 7 سنوات بأخذ حشائش من أرض جيرانهم عن طريق الخطأ وحين رآها صاحب الأرض قام بتعنيفها فبكت الطفلة وحين رآها والدها غضب بشدة وقم بقتل جاره واستمر الخلاف بين العائلتين لأكثر من 21 عامًا راح ضحيته 18 شخصًا من العائلتين وأخيراً تم عقد جلسة صلح في عام 2008 وأقربها وقوع خلاف بين عائلتين بقرية البرشا بملوي في المنيا بسبب أن شخصاً ركن سيارته أمام محل أحد الأشخاص وراح ضحيته 3 أشخاص و6 مصابين ومازال الخلاف بينهما قائماً وتم تحديد جلسة عرفية يوم 21 من الشهر الجاري لإتمام الصلح بينهما وغيرها كثير. وعن أشكال قبول الصلح بين العائلات أكد «رئيس لجنة المصالحات» أنها تختلف من عائلة لأخري وعلي حسب الخلاف، فمثلاً هناك من العائلات الواقعة بينها الخصومة من يقبل الدية وهو مبلغ مالي قدره 324 ألف جنيه وذلك في حالة القتل الخطأ.. وهذا الأمر يكون شائعًا في محافظة المنيا أما في أسيوط فمن الصعب قبول الدية ويفضلون تقديم الكفن أما «حمل الكفن» فيكون في حال القتل العمد، بالإضافة إلي «التغريب» وهو أن يترك الشخص الواقع عليه العقوبة العرفية بلده التي ولد وعاش فيها من 5 سنوات أو 10 وربما أكثر ليصل التغريب مدي الحياة ولا يحق له العودة إلي بلده مهما كان السبب وفي حال عودته وقتله من خصومه ليس له دية وآخر عقوبة تغريب كانت في مركز أبنوب بأسيوط لشاب تم تغريبه عن بلده مدي الحياة لقيامه باعتداء علي شرف فتاة وتم تنفيذ العقوبة في شهر أغسطس 2009، وأضاف «حزين» أن هناك ما يعرف باللجنة «السايرة» وهم مجموعة أشخاص أمناء تقنع الأطراف المتنازعة علي الصلح وقد يستغرق هذا وقتا طويلا ويختار كل طرف محكميه بشروط اللجنة السايرة وتعقد الجلسة في مكان عام ومحايد ولا يحضر أعضاء اللجنة السايرة جلسة التحقيق والتي تتكون من 3 أو 5 أو 9 أشخاص تكون فردية العدد لأن كل طرف يختار شخصين أو أكثر متساويين في العدد «والمرجح أو المحكم» هو الذي يضع كلمة الحق بين الطرفين وبعد إتمام الصلح بين المتنازعين يتم أخذ الضمانات لعدم رجوع أحدهما علي الآخر عن طريق توقيعهما علي إيصالات أمانة أو عقارات «منازل أو أراض». وأحتفظ أنا بالضمانات، والضمان الأكبر للصلح هو أن يكون مبنيا علي راحة الضمير بين الأطراف ومقتنعين تماما برغبتهم في الصلح بالشروط المتفق عليها حتي لا يحدث غدر أو خيانة فيما بعد بين أطراف النزاع والشرطة أيضا لها دور مهم في تإمام الصلح الذي يحدث تحت مظلتها وتشجعنا علي ذلك. وأكد «رئيس لجنة المصالحات» أن 70% من جرائم الثأر تقع في محافظتي المنياوأسيوط ومن أهم أسبابها أن العقول ينقصها الحكمة وتشعلها العصبية الطائشة في ظل توافر السلاح الآلي الذي يعد أخطر المسببات، كما أن الاتهام الباطل يثير مشاعر الغضب بصورة لا يمكن تداركها لأن من الشائع في الصعيد أن يختار أطراف النزاع أحسن الأشخاص بين العائلتين للثأر منهم أو لتقديمهم للمحاكمة بالرغم من عدم صلتهم بحدوث الخلاف. ونفي «حزين» حصوله علي أجر من قيامه بهذا العمل الأخلاقي والإنساني مؤكدًا علي أنه يبتغي وجه الله فقط بالرغم من أنه ينفق من ماله الخاص علي هذا العمل والذيمن أهم شروطه «الحكمة - الأمانة في الكلمة - وألا يخشي في الله لومة لائم حتي أمام رئيس الجمهورية - الخبرة الكبيرة التي تمكن صاحبها من التعامل مع مختلف المشكلات وكيفية حلها وأن يكون حريصًا علي صاحب الحق ولا يحكم الأهواء الشخصية، وأشار إلي أنه يتم دعوته لحل الخلافات في محافظات مختلفة تصل لأسوان في وجه بحري يتم دعوته لحل المشكلات خاصة في الشرقية.