في أزمة النائب مصطفي السلاب مع محافظ القاهرة.. لدينا احتمالان.. إما أن أحدهما علي حق والآخر علي باطل.. كما لدينا روايتان.. إحداهما للنائب الذي يمتلك مع إخوته بعض المباني السكنية والإدارية في بعض أحياء القاهرة.. تم التصالح بشأنها مع الأجهزة المختصة بسبب وجود مخالفات قانونية.. الرواية الثانية قدمها محافظ القاهرة في ملف إلي رئيس مجلس الشعب.. يضم المخالفات القانونية المتعلقة بممتلكات النائب وإخوته.. مثل تحويل عقار سكني إلي مستشفي ومركز خدمة سيارات إلي فندق وتحويل مبني سكني إلي تجاري.. مع صدور أحكام بإزالة المخالفات. استخدم المحافظ صلاحياته وأصدر أوامره بالإزالة.. لكن النائب اعترض في مجلس الشعب وتضامن معه عدد من النواب.. مهددين بالاعتصام أمام مجلس الوزراء في حالة عدم اتخاذ موقف حاسم ضد المحافظ.. ووصفوه بالتعسف في استخدام صلاحياته.. وبعد شد وجذب أصدر رئيس الوزراء تعليماته بوقف تنفيذ قرارات محافظ القاهرة. قرار رئيس الوزراء يوحي بصحة موقف النائب.. وإذا صح ذلك.. فإن الأمر يستلزم التحقيق مع محافظ القاهرة وتوقيع الجزاء المناسب عليه.. لتعسفه في استخدام سلطاته ضد السلاب.. خاصة أن الأخير قد اتهمه بالانتقام منه بسبب تضامنه مع أهالي عزبة الهجانة ضد قرار المحافظ بهدم بعض العمارات المخالفة بالعزبة. رواية النائب تستدعي سؤالا وهو: إذا كان النائب علي حق فيما يقول.. فلماذا لم يذهب إلي القضاء مباشرة.. بدلا من إسراعه إلي مجلس الشعب طالبا مساندة زملائه؟! ظني أن هناك فارقا كبيرا بين الحكم القضائي وقرار رئيس الوزراء.. فالأول له قدسيته.. أما الثاني فإنه يخضع لعوامل المواءمة السياسية.. وقد فضل النائب القرار الثاني بديلا عن حكم القضاء.. لأنه يعلم أن الفعل والواقع لرئيس الوزراء.. أما أحكام القضاء فهي للزينة وللغلابة فقط. الموقف السابق يفرض تساؤلات منطقية منها: ماذا لو لم يكن السلاب نائبا بمجلس الشعب.. وله حيثية داخل المجلس والحزب.. بل مجرد مواطن عادي.. هل كان يستطيع أن يستصدر قرارا من رئيس الوزراء بإلغاء قرارات المحافظ.. بل وأن تجتمع لجنة برلمانية مشتركة برئاسة وكيل المجلس وبحضور وزير الإسكان.. لتصدر توصية عاجلة إلي الحكومة بوقف قرارات الإزالة بصورة فورية ضد عائلة النائب مصطفي السلاب؟!.. وماذا يفعل المواطنون الذين لديهم حالات تشبه حالة النائب.. بينما لايتمتعون بعضوية نيابية أو سياسية. لا يعنيني النائب بمحلاته ولا المحافظ بسلطاته.. القصة في مغزاها الحقيقي تؤكد أن هوية الشاكي هي الفيصل في حسم مشاكله.. لذا كان مبررا هذا الصراع بين رجال الأعمال وأصحاب النفوذ علي جنة الحزب الوطني وعضوية البرلمان. عندما ألغي رئيس الوزراء قرار محافظ القاهرة.. فقد أسقط القانون حكما بين الناس.. وعندما انتصر لنائب دون انتظار لحكم القضاء.. فقد أسقط هيبة الدولة.. قرار رئيس الوزراء أكد أن من له ظهر في مصر لا يمكن أن يضرب علي بطنه.. وعندما يغيب القانون ويكسره المنوط بهم الحفاظ عليه.. فلا تسأل عن دولة بل عن غابة البقاء فيها للأقوي ولأصحاب النفوذ.