التعديلات التى وضعها علماء مجمع البحوث الإسلامية على قانون الأزهر دخلت دائرة الجدل. بعض أبناء المؤسسة نفسها انتقدوا التعديلات، والتيارات الإسلامية «حشرت» أنفها فى الموضوع، كعادتها مع كل ما هو دينى. قامات أزهرية لها ثقلها، رفضت ما جاء فى التعديلات، تحديدا فى ما يخص شروط عودة «هيئة كبار العلماء». رئيس لجنة الفتوى الأسبق الشيخ جمال قطب، يرى أن تطوير الأزهر «يجب أن يبدأ من القاعدة»، واصفا جلسة مجمع البحوث الأخيرة بال«مسرحية التى تمت لإرضاء الناس، بناء على رغبة (شيخ الأزهر) الدكتور الطيب وأعضاء المجمع». قطب انتقد «سلْق» قرار عودة هيئة كبار العلماء، قائلا «العودة كان يجب أن لا تتم بهذه الطريقة». معتبرا أن التطوير يُبنى على ثلاثة بنود، أهمها الخبرة والانتخاب، الذى يجب أن يبدأ من القاعدة، من الدعاة والمدرسين، وينتهى بكبار العلماء الذين تدرجوا فى التسلسل الوظيفى، ثم يبدأ الأزهر فى إنشاء مجامع علمية، يتم انتخاب هيئة كبار العلماء منها. وأضاف: «أما عودة الهيئة القديمة، بشروط غير مقبولة، تقوم بتهميش عدد كبير من علماء الأزهر، فهو أمر مرفوض، خصوصا فى ما يتعلق بتحديد سن المنضمين إلى الهيئة ب60 سنة». «مشروع القانون ينقصه بعض التعديلات»، هذا ما تأخذه الدكتورة آمنة نصير على مشروع تطوير الأزهر، لكنها تعتبر الأهم أن تكون هيئة كبار العلماء «المستحدثة» وأعضاؤها فاعلين فى المؤسسة، وأن يكونوا أصحاب خبرة، مشيرة إلى أنها تقبل بالقانون بشكل أولى. «خطوة موفَّقة» وصف من عضو الهيئة العليا لحزب النور بسام الزرقا، للتعديلات الجديدة فى قانون الأزهر، معتبرا أنها أولى محاولات تحرر الأزهر من السلطة الحاكمة، مستدركا بأن استقلالية الأزهر لن تكون كاملة إلا إذا تحررت المؤسسة فى مواردها من خلال استعادة الوقف الأزهرى، لأن «من لا يملك قوته لا يملك كلمته»، كما قال الزرقا، انتقد اقتصار المشروع على الإطار المحلى لدور الأزهر، مطالبا الشيخ الطيب بالعمل على أن ترقى المؤسسة إلى العالمية، ومعتبرا أن مؤسسة الأزهر لن تكون مؤثرة إلا بعد إصدار حزمة من القوانين التى تساعد على انتشارها، رافضا إعلان تعديلات قانون الأزهر على مرحلة واحدة، لأنها، على حد رأيه «تحتاج الكثير من المناقشات». لكن الإخوان، وعلى لسان مسؤول قسم الدعوة وعضو مجلس شورى الجماعة الشيخ عبد الخالق حسن الشريف، وجهوا انتقادات عديدة، عبر «التحرير»، إلى مشروع تطوير الأزهر، رغم تأكيده أنه يتقارب مع مشروع للنهوض بالأزهر يمتلكه الإخوان. الشريف قال إن عدد هيئة كبار العلماء المذكور فى مشروع القانون والمقيد ب30 عضوا فقط أمر يجب توسيعه للاستفادة من كم العلماء الموجودين فى مصر، وطالب بضرورة أن لا يقل العدد عن 80 عضوا على سبيل المثال. «عضو شورى الإخوان» رفض قصر عضوية الهيئة على علماء مصر، قائلا «يجب أن تكون هناك نسبة من علماء الخارج يتم تضمينها فى هئية كبار العلماء، من أجل الاستفادة من علماء الخارج والاهتمام بتوسيع دور الأزهر فى الخارج»، وطالب بأن يقل سن عضو الهيئة عن 60 سنة، بل تمنى لو كان فى ال50، خصوصا أن سن الستين يصاحب وهن الصحة»، بحسب كلامه، لكنه اعتبر رأيه ذلك لا يتعارض مع اشتراط سن ال80 لتقاعد شيخ الأزهر، وتمنى عودة المذاهب الفقهية إلى التدريس فى الإعدادية والثانوية والجامعة بالأزهر «نتيجة لدورها المهم فى تخريج كفاءات من الأزهر، قادرة على التصدى للفتيا الشرعية». مناهج التدريس فى الأزهر ارتكزت عليها انتقادات عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية ووكيل مؤسسى حزب البناء والتنمية صفوت عبد الغنى، مطالبا بالعودة إلى قصر العلوم الشرعية على الدراسة فى الأزهر، وأضاف «استقلال الأزهر يتطلب أن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب لا بالتعيين». وعارض عبد الغنى أن يكون سن شيخ الأزهر 80 عاما، قائلا «الأزهر يحتاج إلى قيادة واعية، ففى عهد الملك كان شيخ الأزهر أقوى من رئيس الوزراء، ولا أظن أنه يستطيع القيام بذلك وهو فى ذلك العمر». وعلى نقيض رؤية الإخوان، رفض عضو شورى الجماعة الإسلامية، أن يقود الأزهر شخص من خارج مصر، لأنها قلب الأمة ولا بد أن تظل رائدة بأبنائها، وقال «يكفى أن الدول العربية الأخرى تفخر بخريجيها من مؤسسة الأزهر، معتبرا أن رئاسة التونسى الشيخ الخضر حسين للأزهر ليست قاعدة عامة». نائب رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، الدكتور عبد الله بن بيه، رفض تنصيب شيخ للأزهر من خارج مصر، وقال «من الوارد أن يكون شيخ الأزهر القادم فى حالة إقرار قانون جديد ممن ينتمون إلى الاتحاد العالمى خصوصا أنه يضم عددا كبيرا من العلماء المصريين، ولكن سيكون مصريا، لأن الأزهر، رغم عالميته، نشأ فى مصر، وتكريما لذلك يكون شيخ الأزهر من مصر».