الفقرة الأولى (صيدلية!) - مافيش والله يا أفندم - مافيش إيه؟ هو أنا عايز أنبوبة بوتاجاز!؟ أنا عايز مضاد حيوى عشان الأسنان - ما أنا قلت لحضرتك فيه "بديل" - مش عايز هباب، أنا عايز اللى مكتوب فى الروشته .. أنت هاتفهم أكتر من الدكتور؟! - ماعنديش والله "دالاسين" ده .. مش "متوفر" دلوقتى تلفت حولى بنظرة سريعة لأستعيد فيما بعد الحاجات الشيقة "المتوفرة" فى هذه الصيدلية - الشهيرة - حتى أستطيع أن أكتب عنها فيما بعد فرأيت الآتى: رأيت فيما يرى الصاحى "ستاند" مُحمّل بأمشاط وفرش وبكل وبنس للشعر وأخر ممتلئ عن أخره بلبان وحلويات وشيكولاتات يجاوره "ستاند" شيك أخر صفت عليه بطرمانات عسل أبيض بكل النكهات، يحتضن ثالثاً ممتلئ عن أخره بأعشاب ضد البرد والسمنة والأرق والإرهاق، بالإضافة طبعاً للينسون والكركدية والكراوية والشاى الأخضر والنعناع، يشاركهم الكاونتر ستاند أكبر ممتلئ بعوازل طبية وكريمات جنسية بكل النكهات! داخل الأرفف الزجاجية أجهزة كهربائية متنوعة (سيشوار وماكينات نزع شعر ومكن وأمواس حلاقة، موازين، أحزمة تخسيس، نضارات، قصافات ومقصات مختلفة) وعلى الأرض بجانب الفاترينة أجهزة جرى وتخسيس ولعب أطفال بكل الأشكال والأحجام يجاورها ستاند دوّار لقصص الأطفال وكتب العناية بهم!! طبعاً لم أنسى الجدار الضخم الذى تحتله بأكمله البرفانات والكريمات وأدوات المكياج والعناية بالشعر والبشرة مع مجموعة كبيرة من زيوت وكريمات الشمس للشواطئ، وقد تم تخصيص أحد الأرفف للشباشب (والله العظيم الشباشب) المستخدمة على البحر أو فى حمام البيت، غير ناسى مجموعة أدوات"الحموم" من صابون وشامبوهات وكريمات وليف وحجر وشاورجيل وسفنج وخلافة، طبعاً يعلوها جميعاً رف ضخم محمل بالمكملات الغذائية للاعبى كمال الأجسام!!! وعند خروجى متجهاً للباب وأنا أحسبّن على من سمح لهؤلاء أن يقوموا بتحويل أماكن بيع الأدوية للمرضى لهذا السوبرماركت الكرنفالى الكوزموبوليتانى الخنفشنكارى دخل شخص مهرولاً هاتفاً فى الصيدلى: - كارت شحن لو سمحت - موبينيل ولا فودافون ولا إتصالات؟ - إتصالات "20" - 21 جنيه لو سمحت كدت أن أنفجر من الضحك لولا إدراكى فى عقلى الباطن أن هذه مآساة تدعو للبكاء، وخرجت لأركب السيارة مستكملاً رحلة البحث عن المضاد الحيوى بعد أن طرأت لى فكرة أن أسأل عليه فى السنترال.
الفقرة الثانية (على هامش الإنتخابات!) "تجربتى الإنتخابية كان فيها ضرب واقتحام وتكسير بوابات وإحتجاز صناديق وقضاة وشرطة عسكرية وإطلاق نار وقطع طريق .. والله على ما أقول شهيد" لأننى أتمتع بقدر لا بأس به مما أظنه ذكاء ونصاحة أنطلقت من مدينتى - زايد - فى الخامسة قبل موعد الإغلاق بساعتين (عشان الدنيا تبأه رايقة من تكدس الراغبين فى ممارسة حقهم الإنتخابى أو الخائفين من الغرامة) متجهاً إلى لجنتى (جادالله التجريبية للغات فى شارع الهرم مع إننى لا أعلم من هو "جادالله" هذا وماذا فعل ليدخل التاريخ لكن مع الوضع فى الإعتبار إننى ربما أكون جاهلاً ويكون شخصية عظيمة لم تنل حظها من الشهرة) وفى السادسة إلا الربع تماماً كنت فى ميدان الرماية على بعد 2 كيلو متر من اللجنة. سلكت الحارة اليمنى المؤدية لشارع الهرم، وكان هذا أخر مافعلته حتى الثامنة والنصف مساءً. قطعت مسافة 2 كيلو فى ثلاثة ساعات إلا ربع بالتمام والكمال!!! ولمن لا يعرف خريطة الرماية وقبل أن يتفزلك أى أحد ويتسائل لماذا لم أترك السيارة وأكمل سيراً على الأقدام، أحب أن أوضح أن هذه المسافة لايوجد بها حارات للركنة بجانب الرصيف بالإضافة أنها بأكملها مغلقة من الجهة اليمنى بأسوار المنطقة العسكرية ومن الجهة اليسرى بالجزيرة الوسطى، وأقرب فتحة للهروب كانت بعد ساعتين ونصف عندما أنفتح الطريق نسبياً بعد فوات الآوان. كل هذا ليس مهماً بقدر ما لاقيته عند وصولى إلى اللجنة والتى عرفت أن سبب إمتداد الرحلة إليها لثلاث ساعات هو قطع شارع الهرم من الناخبين (حوالى ثمانمائة) الراغبين فى الدخول اللى اللجنة وقد تم منعهم! وكرد فعل أفترشوا الرصيف ووقفوا فى عرض الطريق وتعلقوا بالبوابات الحديدية هاتفين وقد تزعمتهم سيدة غير محجبة (مش هانمشى .. مش هانمشى). أندسيت (لأنى عنصر مندس طبقاً لتصريحات أولى الأمر) داخل هذه الهوجة محاولاً الوصول للبوابة للوقوف على سبب إغلاق اللجنة مع وجود ناخبين بالخارج، وعند وصولى للباب الحديدى (بصعوبة) وجدت خلفه - الباب - شخص ملتحى وظابط شرطة عسكرية فسألت الأول لأن الأخر لا يوجد بينى وبين فصيلته أى ود: - فيه إيه يا عم قفلتوا ليه؟ - القاضى تعبان وعايز يمشى صرخت إحدى الواقفات من خلفى: - ومامشيش ليه؟ والصناديق ماخرجتش ليه؟ قاعد ليه جوه بقاله ساعتين هو وبتوع حزب النور قلتله بإنزعاج: - الكلام ده حقيقى - أنا ماعرفش مين جوه .. أنا بره اللجنه .. ونفسى الناس كلها تدخل .. بس القاضى تعبان وعايز يروّح عشان شغال من الصبح صرخت سيدة أخرى: - يعنى إيه تعبان؟ هو واخدله عشرتلاف جنيه فى شغل يومين وإحنا جايين من أخر الدنيا ببلاش .. حرام عليكوا يا كفرة وصرخ أخر (راجل المره دى) بجانبى: - أصلاً الجدع اللى أنت بتتكلم معاه ده من حزب النور فرد المندوب بإنزعاج: - وأنا مالى .. أنا صحيح من حزب النور بس موجود هنا كمراقب والله، ماعرفش مش عايزين يدخلوا حد ليه صرخ صوت جهورى من خلفى منادياً الحشود: - كسّروا البوابات صرخت السيدة (غير المحجبة): - إقطعوا إنتوا الطريق .. إقطعوا الطريق عشان يعرفوا إننا مش ماشيين وإحنا هانكسر البوابة (!) أنطلق الرجال لقطع الطريق وهجمت السيدة على البوابة الحديدية يتبعها المنقبات الكثر الواقفات خلفها لأفاجأ بإنهيار البوابة الحديدية تحت ضغط الأيادى المصرية الناعمة بعد خبطتين أو ثلاث على الأكثر!!! فور إنهيار البوابة هجم المئات على المدخل المؤدى للجنة ففوجئنا بطلقات رصاص (ثلاث أو أربع طلقات) من النافذة العلوية للمدرسة، لأجد أغرب رد فعل رأيته فى حياتى من جمع بشرى رداً على إطلاق الرصاص عليه! - هاهاهاهاهاها - مين الأهبل اللى ضرب نار؟ - إنتوا لسه فاكرين يا غجر؟ - ده كان زمان - ده دلوقتى العيل الصغير معاه مسدس - إتعودنا خلاص على ضرب النار يا ...... وكلام تانى كتير لولا معرفتى أن فيه بنات بتقرا المقالة كنت قولته، وتتابعت الأحاديث لتكمل صورة ماحدث فى عقلى المشوش: - بتقفلوا اللجنة الساعة 6.30 يا ..... - وحياة أمكم مانتوا خارجين النهاردة .. لا أنتوا ولا الصناديق - فيه باب ورا يا جماعة والناس اللى عنده قليلين - يبأه الرجالة تروح عند الباب اللى ورا، والستات تفضل هنا أنطلق الرجال لتنفيذ المخطط الحريمى، وأنطلقت انا إلى السيارة الموجودة فى منتصف الشارع تقريباً (خاصةً إنى مش محموق أوى على حكاية الإنتخابات الهزلية دى ولا أصدق ولا أعبأ بموضوع الغرامة) ولكنى أتيت "حلاوة روح" ربما أساهم فى ألا يكون لدينا برلماناً يتنافس فيه الإخوان والسلفيين على رضاء المجلس العسكرى لكن "شكلها باظت" خلاص ولبسنا فى الحيطة إلى أن يقضى الله امراً كان مفعولاً وينقذنا من مصير أزعم إننا لا نستحقه .. قولوا أمين الفقرة الثالثة (فيلم السهرة) إنها قصة حياة وموت مبكر لأسطورة عظيمة .. قصة مذهلة وغريبة لبطل من الغرب الأمريكى عبارة عن .. سحلية! نعم .. رانجو ليس أكثر من سحلية خضراء صغيرة ولكنه يختلف عن السحالى (وحتى عن أغلب البشر فى إنشغاله بالبحث عن معنى لوجوده .. وعن الهدف من الحياة! وأن يُجيب السؤال الذى ربما يسأله لك الكثيرين ولا تفكر أبعد من مجرد الإجابة السطحية المعروفة التى لا تتعدى إسمك وهو "من أنت؟". كل منا لديه رحلة يجب أن يقطعها للإجابة عن السؤال .. ورحلة المعرفة مليئة دائماً بالعواقب الوخيمة .. ألا يُخجل هذا الكثيرين من حزب الكنبة؟ لقد وعدت ألا أتكلم فى السياسة فى هذا الباب ولذلك سأحاول التمسك بكلمتى قدر الإمكان .. نرجع لرانجو .. هناك من يتعمد إفقار الناس حتى يلجأوا إليه كمخلص وحيد من فقرهم ولكن النتيجة أنه يستمر فى إستعبادهم لا لشئ إلا لكى يزداد ثراء وقوة .. هل تظنون إننى جنحت للسياسة من جديد؟.. أبدا والله إنها قصة الفيلم .. والمذهل إن الفيلم عن حاكم عجوز "سلحفاة معمرة" يحكم مدينة "ديرت" وإسمها يعنى "القذارة"، ويسيطر على سكان المدينة الصحراوية عن طريق حرمانهم من موارد المياه وإلقاؤها سرا فى الصحراء حتى يظل هو المسيطر الوحيد على منابع الحياة والثروة! ألا يذكركم هذا بشخص ما؟ .. مخلوع مثلاً؟ .. لا سياسة أرجوكم .. إتفقنا؟ يقول السلحفاة العجوز لرانجو فى سياق الفيلم: "سيطر على المياة (أعظم ثروة فى الصحراء) وستسيطر على كل شئ .. الناس هنا حياتها غاية فى الصعوبة .. أتعلم لما يصبرون عليها؟ .. لأن لديهم إيمان بأن الاوضاع ستتحسن يوما ما .. بأن الرخاء قادم .. وبرغم كل الإحتمالات المضادة .. يظنون إن الغد سيكون مشرقاً عن اليوم .. على الناس ان تؤمن بشئ ما .. هذا هو المخدر الذى يجعلهم قادرون على تحمل البؤس" .. بالله عليكم ألا يذكركم هذا الحاكم النصاب بشخص ما؟ "رانجو" فيلم عن بطولة البحث عن الذات والدفاع عن المبدأ (حين يوجد) حتى الموت .. عن إنتصار الخير على قوى الشر والإفساد عندما يتكاتف الناس ضد من يخدعونهم. ولكنك لن تجد فى الفيلم بعد خلع السلحفاة العجوز المجرم الذى أفقر وقتل مواطنيه من يقول .. أسفين يا مخلوع!