هل كان للرئيس مبارك في يوم من الأيام أي علاقة تذكر بالسياسة قبل أن يأتي به القدر رئيساً؟ السؤال سببه أن رؤساء مصر الذين سبقوه كانت لهم علاقة بالأمر نفسه، منهم من انضم للإخوان المسلمين، وقام وخطط لثورة 1952، ولم نجد في كل المعلومات التي ذكرت عن علاقة الرئيس بالسياسة سوي معلومة واحدة قالها فرج النجار القيادي الإخواني الراحل بأنه كان عضوا في الإخوان المسلمين لكن كثيرين شككوا في صحة هذا الكلام. يقول حسام تمام - الباحث في الجماعات الإسلامية -: ليست هناك معطيات عن انضمام حسني مبارك للإخوان أو أي نشاط سياسي آخر، وفرج النجار عندما يقول هذا فإنه يقترب بما يقوله إلي نمط الحكايات التي لا أميل إلي التسليم بها مباشرة، والضباط الأحرار الذين كانوا أعضاء في جماعة الإخوان يقدر عددهم من 70 إلي 90 ضابطاً ليس من بينهم مبارك، وجميعهم انقلب علي الجماعة. أما ضياء رشوان - الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية - فقال: أشك في حقيقة انضمام حسني مبارك إلي أي كيان سياسي، فالرجل لم يكن له أي علاقة بالسياسة في يوم من الأيام، ليس فقط قبلما يصبح رئيسا ولكن بعدها أيضاً، فضباط الجيش الذين كانوا علي علاقة بالإخوان معروفون، وهناك قوائم كاملة بأسمائهم، ولم يرد اسم مبارك بينهم، ولو كان انضمامه للإخوان قبل التحاقه بالكلية، فهناك قسم الطلبة بالإخوان، ولم يذكر أي منهم أي شيء عن وجود علاقة بالإخوان . عند الوقوف علي السيرة الذاتية للرئيس مبارك تجدها بسهولة شديدة - منزوعة السياسة - فالرجل من مواليد الرابع من مايو سنة 1928 بمحافظة المنوفية، و حصل علي بكالوريوس العلوم العسكرية 1948 وبكالوريوس علوم الطيران 1950، ثم علي دراسات عليا في علوم الطيران من أكاديمية «Frounz» العسكرية الروسية. وخلال الفترة من 1952 حتي 1959 عمل محاضراً في أكاديمية القوات الجوية، وفي 1964 عمل قائداً للقاعدة الجوية الغربية بالقاهرة ثم مديرا لأكاديمية القوات الجوية عام 1968 ورئيساً لأركان القوات الجوية في 1969 فقائدا للقوات الجوية قبيل حرب أكتوبر بعام واحد فقط حتي كتب له القدر أن يصبح نائبا لرئيس الجمهورية عام 1975، حتي عندما أنشأ الرئيس السادات الحزب الوطني جاء به نائباً لرئيس الحزب عام 1979 وبعد وفاة السادات أصبح بالتبعية «مبارك» رئيساً للحزب حتي يومنا هذا. يأتي ذلك في الوقت الذي كشف قطاع الأخبار في التليفزيون عن شريط فيديو نادر يكشف علاقة كل رؤساء مصر السابقين بجماعة الإخوان المسلمين وفي مشهد واحد يحضرون الاحتفال بالذكري الخامسة لتأبين حسن البنا علي قبره في فبراير 1945. المشهد نفسه نشرته مجلة «التحرير» في عددها الرابع والأربعين بتاريخ 16 فبراير 1954 علي غلافها، أسرة حسن البنا تستقبل قادة الثورة الثلاثة، نجيب وعبد الناصر والسادات، وهم واقفون علي قبره وقال عبدالناصر حينها: «نعم أذكر في هذا الوقت، وفي مثل هذا المكان كيف كان حسن البنا يلتقي مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ العالية والأهداف السامية، لا في سبيل الأشخاص ولا الأفراد ولا الدنيا وأُشهد الله أنني أعمل - إن كنت أعمل - لتنفيذ هذه المبادئ، وأفني فيها وأجاهد في سبيلها». ولا ينسي أحد علاقة السادات بالتلمساني - مرشد الإخوان - الذي قال للسادات إني أشكوك إلي الله فرد عليه في قولته الشهيرة اسحبها يا عمر، أما مبارك فلم يمسكه أحد متلبساً أو غير متلبس في أي عمل سياسي، رغم أن المنوفية حفلت بالعديد من قيادات الإخوان. أما مبارك فكان كما ينصح المصريون أبناءهم بالمشي جنب الحيط، الطالب الذي نجح فانضم إلي الكلية، وتخرج في الكلية وتدرج بها في مناصب وظيفية، حتي شارك في حرب أكتوبر، وبعدها تدرج في منصبه كموظف بمنصب نائب رئيس جمهورية، فيتم اغتيال السادات الذي أنشأ الحزب الوطني قبل وفاته وتمسك بأن يصبح رئيساً له، فجاء به نائبا لرئيس الحزب، فمات السادات وورث مبارك تركة حكمة.