ونحن نسترجع تاريخ نضال وطنى عظيم شارك فيه طلاب الجامعة واستشهدوا دفاعا عن الوطن وقت أن كانت الجامعة حرة فى الماضى ووقت أن كانت مقيدة فى الحاضر ألعهد البائد وتحولت لأداة لامتصاص دماء الطلاب، وصارت جيوب أولياء الأمور مصدرا لزيادة موارد الجامعة بلا سند قانونى، وطريقة لزيادة دخل أستاذ الجامعة، فارتفعت مصاريف الكليات وكذلك الإقامة بالمدن الجامعية، وتم إنشاء تعليم مميز لنفس طلاب الفرقة الواحدة بمصاريف يقدر عليها أبناء القلة الثرية، ويتوارى خجلا عنها أبناء الفقراء غالبية هذا الشعب النبيل. تعليم متميز يفرق بين أبناء الوطن الواحد، ويلغى مبدأ تكافؤ الفرص. وصار القائمون على الجامعة جل همهم زيادة مواردها على حساب طلابها فى محاولة لتعويض النقص فى ميزانيتها من الدولة المنهوبة وتعويض النقص الحاد فى مرتبات أعضاء هيئات التدريس. وتدنت الجامعة فى أداء دورها التنويرى والبحثى والريادى، وصارت ركنا ملحقا بجهاز أمن الدولة (سابقا)، وبعد ثورة 25 يناير ظننا أنها تحررت إلا أننا لاحظنا أنها وقعت تحت هيمنة جهاز الأمن الوطنى (أمن الدولة سابقا)، وفقدت الجامعة استقلالها وضاعت هيبتها، وبعد أن كان التعليم مجانيا حقيقيا أصبح مجانيا صوريا، وتكلفته تفوق دخل أولياء الأمور، ويبيت المواطن جائعا ليوفر نفقات تعليم ابنه. وأصبحت الجامعة كجابى الضرائب يُحصل الأموال ولايقدم خدمةتعليمية جيدة لأبناء دافعى الضرائب. ونظرا للظرف الحالى وسوئه، ومحاولة انتشال الجامعة من المستنقع الذى رماه فيها العهد البائد، وحفاظا على جامعة مستقلة تقدم تعليما جيدا للطلاب وبحثا علميا راقيا للمجتمع، قرر أساتذة الجامعات الإضراب الجزئى التزاما بقرارات مؤتمر أعضاء هيئة التدريس فى 11/9/2011، وإن هذا الإَضراب هو فى صالح الطالب وليس ضده، حيث يوفر للطالب ظروفا تعليمية جيدة من حيث كفاءة العملية التعليمية والقائمين عليها، وتوفير مجانية حقيقية ترفع عبء المصروفات الباهظة عن كاهل الطالب الذى عانى منها لثلاثة عقود مضت، وحل جيب ولى أمر الطالب محل ميزانية الدولة للجامعة. وقبل المضى قدما فى الإضراب، ونظرا لوجود شركاء أساسيون فى العملية التعليمية وهم الطلاب، وحتى لايظن المجتمع أن أساتذة الجامعة يبحثون عن ترف وميزة ومطالب فئوية، يجب الرجوع إلى الطلاب، للتشاور معهم فى عملية الإضراب التى أقرها المؤتمر وعلينا التوافق معهم حول تعديلها أو تغييرها حسب مايتوافق مع العملية التعليمية لتحقيق المصالح المشتركة، ومنها إقالة أو استقالة القيادات الجامعية التى حرمتهم من الترشح وزورت انتخابات الاتحادات الطلابية ضد غالبيتهم، ومصت دماءهم بزيادة المصروفات ولم تقدم لهم ما يتناسب مع مايدفعونه. والحقيقة أن الأساتذة لم يسعوا للإضراب، بل هو الذى سعى إليهم وفرض عليهم وهو كره لهم لما فيه من تعطيل العملية التعليمية، كما أنه لم يعد مقبولا لديهم الصمت على زيادة المصروفات الجامعية على الطلاب بلا عملية تعليمية حقيقية، ولايرضوا أن يكون ابناؤهم الطلاب هم مصدر زيادة فى دخل العاملين بالجامعة المفروض أن الدولة مكفلة به. الإضراب الهدف منه هو جامعة مستقلة فى إدارة ميزانيتها من الدولة وعدم تدخل الأمن فى شئونها بتعيين المحاسيب أو رفض تعيين المعيدين بحجج أمنية واهية، وإقرار حق الطلاب فى ممارسة أنشطتهم الاجتماعية والانتخابية بلا رقابة أمنية ولا شطب من القوائم الانتخابية. ولايفوتنا أن ننوه إلى أن المطالبة بزيادة رواتب أعضاء هيئة التدريس من الدولة هو رفض لزيادته من جيوب طلابنا من حيث شراء الكتب والمذكرات والأدوات المعملية ودفع رسوم التدريبات العملية المكلفة بها الجامعة وكذلك الابتعاد عن الدروس الخصوصية وكثير من الدناءات التى يجب أن تترفع الجامعة عنها، وايضا المطالبة بزيادة أعداد الجامعات الحكومية لتتناسب مع زيادة السكان بحيث تكون جامعة لكل 2 مليون نسمة، وحق ضم المعيدين والمدرسين المساعدين لهيئة التدريس فالمعيد هو النواة الحقيقية لأستاذ الجامعة، وكيف احصل على أستاذ سوى عانى فى صغره التفرقة والاضطهاد؟ هذا ليس إضرابا عاما، إنها محاولة للفت الانتباه ودق ناقوس الخطر للمسئولين الغافلين، وللشعب المصرى الذى دفع ويدفع أبناؤه دمه ثمنا لحرية مصر، فكيف يقوم الأستاذ بدوره التعليمى والبحثى وذهنه مشغول بتدبير احتياجاته؟ وكيف يُحَصِل الطالب دروسه وهو عاجز ومشغول بتدبير ثمن كتاب أو شراء أدوات المختبرات للكليات العملية أو توفير دفع ثمن حصة درس خصوصى؟