اليوم (5 أكتوبر2011) تمر ذكرى بطولة عسكرية فذة بطلها كان الشهيد سليمان خاطر. لابد أنك تعرف شيئا عنه. أنا كنت أعرف قصته إجمالا، لكنني لم أجد من قبل حماسا كبيرا لدراسة تفاصيلها، ربما لأنها ستسبب لي حسرة لا داعي لها؛ ستذكرني بقتل جنودنا على الحدود مجانا، وستذكرني بمشاهد مخزية أبطالها من رجال الشرطة العسكرية الذين يتأكدون من عذرية البنات ويضربون من يقع تحت أيديهم من الثوار أو حتى المجرمين بطريقة يندى لها الجبين. كنت أريد اليوم أن أتضامن مع أساتذتي وأصدقائي المضربين عن الكتابة هذا اليوم احتجاجا على الرقابة العسكرية على الصحف، لكنني لا أدري لماذا قررت اليوم أن أدرس قصة سليمان خاطر بتأنٍ، أغلب الظن أنني لم أحتمل هذا الفيديو الذي شاء القدر أن ينزل على الفيس بوك يوم 5 أكتوبر أيضا، ولله في خلقه شئون!! فقررت أن أرد على الرقابة العسكرية بطريقتي: http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=Cyc4XLJq1bM&skipcontrinter=1 ما هذه الرجولة كلها؟؟ كل هؤلاء الجنود يضربون هذا الفتى المرمي على الأسفلت؟ لو أن هذا الفتى مجرم كبير، لما جاز لهم أن يفعلوا به ذلك أبدا، وهو مع ذلك متظاهر لا أكثر. أستغرب كثيرا من المواطن المصري أو من أي إنسان على هذا الكوكب يتصور أن إهانة كرامة أي إنسان أمر جائز حتى لو كان مجرما فظيعا، يمكن أن يُعدم لكن يجب أن يُعامل معاملة آدمية حتى بعد إعدامه. المهم، دعنا نتأمل لقطات من ملحمة هذا البطل، لكني أريدك أن تسترجع معي قصة الشهيد خالد سعيد، لأنني دون قصد كنت أستدعي تفاصيلها ولا أملك إلا أن أقارن كثيرا من تفاصيلهما المشتركة المتشابهة على نحو غريب. مبدئيا، أقترح عليك زيارة هذه الصفحة التي تعرض القصة بإيجاز: http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86_%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1 والآن فكر معي في هذه الأسئلة: هل لاحظت أن سبب الأزمة في القصتين هو الفضيحة؟ مبارك شعر بأن سليمان فضحه أمام أسياده لأن شابا مصريا قتل رعاياها، وبلطجية الداخلية من كبيرهم لصغيرهم شعروا أن خالد فضحهم أيضا حين نشر الفيديو فتواطأوا على قتله وتشويه سمعته. قالوا عن خاطر مختل وقالوا عن خالد حشاش، وشنّت الصحف القومية حملات مخجلة لتشويه سمعة الشهيدين، لا يمكن أن أتصور كيف يمكن لإنسان أن يأكل لحم أخيه ميتا وبهذه الوضاعة. الأهم من ذلك هو الأثر الذي حققه الشهيدان وإلهامهما للشباب بالذات. ستجد على هذا الرابط حوارا معي في جريدة الدستور الأردنية (بتاريخ 15/12/2010)، ابدأ القراءة من المنتصف وستجد وصفي للإلهام الذي أشعله فينا خالد سعيد: http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=\ArtsAndCulture\2010\12\ArtsAndCulture_issue1157_day15_id288401.htmhttp://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5CArtsAndCulture%5C2010%5C12%5CArtsAndCulture_issue1157_day15_id288401.htm قارن ذلك بالمظاهرات التي أشعلها سليمان خاطر أيضا، ثم فكر في السؤال الأبسط والأغرب في الوقت نفسه: لماذا لا تتعلم الأنظمة المستبدة الحمقاء من دروس التاريخ؟ ولماذا تصر على الاستخفاف بالناس على هذا النحو المستفز؟ مثلا: هل لاحظت أن الطب الشرعي مثلا تغابى في الحالتين حتى فضح نفسه فأدرك الناس بوضوح أن سليمان بطل شهيد يستحيل أن ينتحر أو أن يحشر لفافة بانجو في حلقه. لو كان خالد متعاطيا لأدرك بحسه الإجرامي أهمية الاحتفاظ باللفافة ليقدمها للباشا الضابط فيفرح بها ويتحنن عليه، لكن كبير الأطباء الشرعيين يومها تصور أن المصريين سيصدقون أن سليمان الممتلئ بالرجولة والإيمان سيفكر في الانتحار. لا شك أن هذا الرجل هو أستاذ السباعي أحمد السباعي كبير الأطباء الشرعيين السابق، وبعيدا عن الاسم والجسد والملامح التي تشير إلى شخصية جزار لا طبيب، لكننا لم نعرف أي أخبار عن نتائج التحقيق مع هذا "السبع" بشأن قضية تزوير تقارير الطب الشرعي الخاصة بشهداء الثورة، فهل يا ترى نال براءته؟ لاحظ أخيرا دور والدة خالد في مساندة قضيته وقارنه بدور الحاجة أم سليمان التي صرّحتْ للجرائد وقتها: "ابني اتقتل عشان ترضى عنهم أأأمريكا وإسرائيل". المهم الآن، هل تتفهم جيدا يا صديقي القارئ أن الدرس الأساسي لثورتنا هو أن المصريين "مش هُبل"، وأنه من العبث والتهريج أن أعلن لك في بيان رسمي بأنه لا صحة للأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام بأنني مستمر في كتابة مقالاتي (مثلا يعني) حتى 2011 فقط، ثم أفاجئك بأنني أتصرف كأنني جالس على كرسي الكتابة إلى الأبد، وأنني صبرت عليك صبر أيوب و...... فاهم يا صديقي القارئ؟ والا أعيد تاني؟