أخبار مصر: انهيار عقار من 8 طوابق بالإسكندرية، الحصر العددي لأصوات المرشحين بالمحافظات، قرار من النيابة ضد سائق إسماعيل الليثي    نتائج أولية بانتخابات النواب بديرمواس في المنيا: الإعادة بين علاء قدري ومحمد جمال    أسعار الفاكهة اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في سوق العبور للجملة    تراجع أسعار الذهب مع ارتفاع الدولار وإقبال المستثمرين على جني الأرباح    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمى شريك أساسى فى التطوير والذكاء الاصطناعى فرصة    وزارة العمل: تحرير 165 محضرا للحد الأدنى للأجور و66 مخالفة لتراخيص الأجانب خلال 24 ساعة    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    وزير الخارجية يؤكد تقدير مصر لدور المحكمة الدائمة للتحكيم    وزير الخارجية يتوجه إلى تركيا    حالة المرور اليوم، أحجام مرورية متوسطة و"خد بالك" من شوارع وسط البلد    ياسمين صبري تهنئ مي عز الدين بعقد قرانها: «فرحانة ليكي من قلبي»    استشهاد طفل فلسطيني متأثرا بإصابته جنوب نابلس    كولومبيا توقف تعاونها الاستخباراتي مع واشنطن إثر ضربات لسفن مخدرات    دون إصابات.. انهيار عقار مكون من 8 طوابق في منطقة الجمرك بالإسكندرية    مصر تعزي تركيا في ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    في ذكرى رحيله، كيف تحول محمود عبد العزيز من موظف وبائع للصحف إلى "ساحر السينما"    انتظام وصول الدم للمخ.. آخر تطورات الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    اليوم التعريفي للأطباء المقيمين الجدد بمستشفيات قصر العيني – جامعة القاهرة    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    سعر الدولار أمام الجنيه بالبنك المركزي والبنوك الأخرى قبل بداية تعاملات الأربعاء 12 نوفمبر 2025    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    طن الشعير اليوم.. أسعار الأرز والسلع الغذائية الأربعاء 12-11-2025 ب أسواق الشرقية    بكام الفراخ النهارده؟ أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الأربعاء 12-11-2025    «زي النهارده».. وفاة الفنان محمود عبدالعزيز 12 نوفمبر 2016    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    رئيس الوزراء: استثمارات قطرية تقترب من 30 مليار دولار في مشروع "علم الروم" لتنمية الساحل الشمالي    نشأت الديهي: بن غفير يوزع حلوى مغموسة بدماء الفلسطينيين    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب "مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي دون خسائر    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم توك توك وتروسيكل بالخانكة    ألمانيا تقدم 40 مليون يورو إضافية للمساعدات الشتوية لأوكرانيا    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل استعداداته لمواجهتي الجزائر (صور)    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    رياضة ½ الليل| الزمالك يشكو زيزو.. انتصار أهلاوي جديد.. اعتقال 1000 لاعب.. ومصر زعيمة العرب    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أشرف الصباغ يكتب:كومبارسات البارات ونجوم دار الخيالة بين الهلفطة السياسية والجهل
نشر في الدستور الأصلي يوم 02 - 10 - 2011

لعل ما حفظ ماء وجه الكثير من ممثلي الأجيال القديمة أن عصورهم لم يكن بها إنترنت أو كمبيوتر. ولم يروا التلفزيون إلا في مطلع ستينيات القرن العشرين. علما بأن الأجيال القديمة من الممثلين سواء من النجوم أو أصحاب الأدوار الثانية وغيرهم كانوا يتميزون بمواهب واضحة وإمكانيات لا بأس بها. وحتى في حال وجود الوسائل المذكورة أعلاه، فأعتقد أن عددا قليلا من هؤلاء الممثلين كان من الممكن أن يفتضح أمره كظاهرة فردية أو مسألة شخصية. ولكن فضائح الزمن الحالي تمثل تيارات أو ظواهر عامة.
أتابع مسار العملية الفنية في مصر منذ سنوات طويلة. ومنذ سنوات طويلة أيقنت أن الممثل المصري مسكين ومتواضع الإمكانيات وضعيف وبليد (لنعتبر أن هذه درجات). فهو يتحمل مسؤولية ليست من اختصاصه، ويدفع بنفسه إلى مسارات لا تخدم موهبته أو تنمي إمكانياته المهنية، إما بسبب فهمه الخاطئ لكلمة "نجم"، أو انعدام موهبته التي يجب أن يعوضها بأشياء أخرى، أو انزلاقه إلى طريق العظمة السياسية باعتباره ممثلا عظيما وسياسيا بارعا وحزبيا أريبا وثوريا نادرا وزير نساء لا منافس له منذ عصر عنترة بن شداد.
لم يفلت من هذا المصير أي ممثل في مصر بداية من الممثل الكوميدي عادل إمام وانتهاء بقفة الممثلين الثوريين، مرورا بكومبارسات البارات الذين أدوا دورا أو اثنين وبدأوا يعيشون النجومية في المراقص والبارات الرخيصة كحالة ثورية من جهة، وكاستكمال لحياتهم المتبلدة وبلادتهم المهنية وانعدام خيالهم من جهة أخرى. هذه الفئة الأخيرة لا تهمنا في واقع الأمر، لأنها كما بدأت ستنتهي في تلك البارات والمراقص في أفضل الأحوال إن لم تنته إلى جانب أبطال روايات "وسط البلد" من مدمني "الكُلَّة".
وجاءت الثورة لتفضح الممثلين المصريين وتكشف عن أقبح الوجوه التي يمكن الكشف عنها إلى جانب وجوه الأجهزة الأمنية والعسكرية ونجوم وكوادر الأحزاب العتيقة والجماعات الفاشية. هكذا شكلوا القوائم السوداء للمثقفين والممثلين وغيرهم. غير أن هذه القوائم لا تهم أحدا إطلاقا. فهي معروفة من قبل الثورة، والأشخاص الموجودون فيها لا يهتمون بها لأنهم كانوا يعملون جيدا قبل الثورة، ومازالوا يعملون بعد الثورة. وقد يصبحوا نجوم مرحلة الحكم العسكري القائم على تحالف الإخوان المسلمين والوفد وفلول الحزب الوطني وتجار الخردة والقنوات الفضائية الجدد.
المثير في الأمر أن بعض الممثلين بدأ يظهر بين الحين والآخر لينفي تهمة أو يبرر تصرفا من تصرفاته في علاقته بالثورة والجماهير الأبية. والبعض الآخر بدأ يظهر كنجم سياسي – ثوري – جماهيري أكثر من كونه نجم أو حتى كومبارس فني سواء في السينما أو المسرح أو التلفزيون أو علب الفيديو. من حق الممثل أن يعيش كمواطن له رأيه فيما يجري ليس فقط في بلاده، بل في كل شؤون العالم. ومن حق الناس أن ترى في هذا الممثل أو ذاك انتهازيا أو بليدا أو عديم الموهبة. من حق الممثل أن يختار الدور الذي يتلاءم مع إمكانياته أو رغباته (هذا إذا توافقت الرغبات مع الإمكانيات). ومن حق الناس أن ترى أداءه لهذا الدور جيدا أو سيئا. من حق الممثل أن يختار أيضا الدور الذي يجب أن يؤديه في الحياة. ومن حق الناس أن تتعامل معه كممثل أو انتهازي أو بلطجي. من حق الممثل في نهاية المطاف أن يمثل الدور الذي يعجبه، ولكن ليس من حقه إطلاقا أن يمسك رؤوس الناس وآذانهم ليشرح لهم أبعاد ذلك الدور العظيم التي لم يتمكن من تنفيذها كلها لأسباب تخص السيناريو والإخراج والإنتاج، ولكنه مع ذلك تمكن من تحقيق هذا الجانب وتلك الانعطافة الجبارة اللذين لم يظهرا إطلاقا في العمل الفني.
الفكرة ببساطة أن الممثل المصري في السنوات الكثيرة الأخيرة أظهر أمية فنية وثقافية ومهنية رفيعة المستوى. وأصبحت الهوة شاسعة بينه وبين الناقد الفني النظري الذي بات يحمل هذا الممثل أو ذاك فوق طاقته بإطلاق الألقاب التي ليس لها علاقة بالفن من بعيد أو قريب. وقد تكون وسائل الإعلام الرخيصة هي المذنب الأول في إضافة ألقاب من قبيل "الفنان الجماهيري" و"المثقف الثوري" و"النجم العالمي" "والفلتة الإقليمية" إلى الممثلين المصريين المتواضعين والبلداء. فالممثل الذي يؤدي دور مواطن شريف في فيلم حول الفساد يصبح بطلا شعبيا وسياسيا خطيرا. وفجأة يظهر على صفحات الجرائد وفي برامج "التوك شو" ليتحدث عن ضميره السياسي ومشواره الثوري ومعاناة الجماهير العريضة. ويتحول الممثل بقدرة قادر إلى كادر سياسي ومحرض للجماهير، بينما هو متواضع فنيا وثقافيا وسياسيا. وينتهي الأمر بالممثل أو الممثلة على شاشات التلفزيون وهو يهلفط بكلمات وعبارات ما أنزل الله بها من سلطان حول الثورة (سواء كان معها أو ضدها) ومعاناة الشعب المناضل من أجل الحرية والكرامة (بصرف النظر عن مفهومه للحرية والكرامة والمجتمع المدني والدولة الحديثة). الحديث لا يدور أبدا عن توزيع الأدوار وقصرها على التخصص أو حصرها في إطار المهنة، بل يدور تحديدا حول ثنائيات قديمة وتقليدية مثل الجهل والخداع، البلادة وقلة الحيلة، الحماقة وتضخم الذات، انعدام الموهبة والرقص على الحبال..
ماذا يحدث بالضبط؟!
لقد تحدث أحد الأصدقاء، عرضا، عن الثنائية القديمة المقيتة الكلاسيكية المستهلكة المبتذلة المتعلقة بالشكل والمضمون. تساءل الصديق: هل يجب أن أطبل وأزمر لعمل فني تافه وبليد وليس به أي فن على الإطلاق لا لشئ إلا لأنه يطرح قضية ما أناصرها؟ وتساءل أيضا: ولكن ماذا نفعل بشأن عمل فني بارع ومهني ويراعي كل الجوانب الفنية، ولكنه يطرح قضايا لا أناصرها؟ لا إجابة، لأن الإجابات طرحت منذ زمن، ولكن انعدام الموهبة والجهل لدى قطاع واسع من الممثلين في مصر يدفع بهم إلى طرق متعددة ليس لها علاقة بالفن. ومع ذلك فهم يعملون ويعيشون في وهم النجومية الحاضرة في البارات الرخيصة، أو المؤجلة لأسباب كثيرة يترجمها الممثل إلى حالة من العدمية الخلاقة عن طريق كل الأدوات اللازمة بداية من الترفية إلى التغييب مرورا بعشقه العبيط للمرأة التي تسخر من تصرفاته وإيحاءاته وخفة ظله المقيتة..
سيدي الممثل، مشهورا كنت أو مغمورا، كن مع الثورة أو ضدها، كن مع الجماهير أو ضدها، ولكن لا تلوث حاستي البصرية أو السمعية بمظهر الأراجوز المتذاكي وبكلمات بلهاء ليس لها أي معنى. تحدث كما شئت عن أدوارك العظيمة، ولكن اخلع من نافوخي ولا تتبول أوهامك عنها في رأسي. اجلس على أي مقهى أو ارقص في أي بار رخيص، ولكن لا تلقي بثقل دمك وبدمامتك الروحية على من حولك باعتبارك نجم المستقبل والفرصة لم تأتيك بعد. اظهر كما شئت على شاشات التلفزيون أو صفحات الجرائد، ولكن حاول أن تتحدث باسمك أنت فقط واتركني في حالي فأنا لا أحتمل نظراتك الذكية جدا وأفكارك النادرة الخلاقة وتصرفاتك المثيرة للشفقة والسخرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.