"سواق الاتوبيس " .. فيلم رأيته منذ سنوات طويلة ولم ولن أنساه ، خاصة لقطته الأخيرة ونور الشريف أو الأسطى حسن يضرب النشال بغل شديد وهو يصرخ : يا ولاد الكلب. منذ مايقرب من 30 سنة ، وولاد الكلب ينهشون لحمنا ويخرّبون في البلد ويملأون كروشهم من خيراتها كأنها مكتوبة لهم بصك شرعي " بيع وشرا" .. صرخة – أذكر يومها – هزّت قاعة العرض ودوى التصفيق لمدة غير قصيرة وخرج الجمهور مشحونا بدرجة هائلة ، انخفضت " حبة حبة " إلى أن تلاشت تماما وهم يلقون بأجسادهم على السرير في البيت. الله يرحمك يا عبقري يا للي اسمك عاطف الطيب .. مخرج لم يكن أبداً طيبا أو مسالماً في أفلامه ، ويديلك طولة العمر يا بشير يا ديك كاتب السيناريو التحفة. " سواق الاتوبيس " أخرجه الطيب عام 82 ، وكأنه كان يتحدث عن السنوات العشر التي سبقت ثورة 25 يناير .. هى هى بالملي .. الحرامية والهلّيبة ، واللي بيلعبوا بالبيضة والحجر ، واللي يبيعوا أبوهم عشان القرش ، واللي ينسى أهله ويدوس عليهم بالجزمة عشان مصلحته تمشي ، البلد تولع مش مهم .. " الورشة " تتباع .. في ستين داهية .. مادام القلب ميت ، والجيب عمران .. يبقى طظ في الكل كليلة! " الأسطى حسن " تقاعس عن ملاحقة النشال في البداية نزولا على رغبة الركاب "أهل البلد " : يا لا يا اسطى إحنا مستعجلين ورانا شغل " وهم ما يتلم " .. يعني هي المحفظة اللي نشلها فيها كام .. ده انت لو نفّضتنا كلنا مش حتلاقي معانا 10 جنيه .. يا لا اتوكل على الله .. إلهي لا يسيئك. سكتوا بمزاجهم على القروش القليلة اللي اتسرقت ، إلى أن فوجئوا في النهاية ب " كروش " عفنة لهفت البلد كلها دون رقيب او حسيب ، فكانت الصرخة العاتية للأسطى حسن وهو يضرب الحرامي في نهاية الفيلم ويسب كل حرامية البلد : يا ولاد الكلب. فيلم .. مجرد فيلم .. لا أظن ان عاطف الطيب أخرجه للتسلية او ليفرح ونحن نصفه بالعبقري ، ولكن لينبّهنا لخطر داهم سيأكل الأخضر واليابس ، وهذا ما حدث حتى يوم 24 يناير 2011. · لو كنا سمعنا كلام أمل دنقل : " لا تصالح .. ولو منحوك الذهب .. أترى حين أفقأ عينيك .. ثم أثبًت جوهرتين مكانهما .. هل ترى .. ؟ .. هى أشياء لا تُشترى" .. لو كنا سمعنا أمل دنقل وصدقناه ، ما كنا قد وصلنا إلى المودة والتآلف وقمة المحبة مع إسرائيل وأعطيناها الغاز ببلاش ، ونتقاتل نحن على أنبوبة غاز من أجل طبق فول وكباية شاى.. لو لم نسكت على قتل الجندي المصري الشجاع سليمان خاطر بأيدينا نحن إرضاء لبنت الجزمة إسرائيل ، لأنه كان يدافع عن الحدود فقتل منهم 7 ، ما كنا وصلنا الى ان يتجرأ العدو ويقتل 5 من رجالنا في عقر دارنا وهم مطمئنون ان سلطاتنا لن يتحرك لها ساكنا : " بالهنا والشفا ..طرّي على قلبك ولو عايزه اكتر عيالنا عيالك ، اعملي اللي انت عايزاه فيهم .. اذا كنا عشان خاطر عيون اللي خلّفوها قتلنا إبننا .. حيجري إيه يعني لما تقتل هي ولادنا في عز الضهر .. ماهو على رأى المثل " اللي يعمل ضهره قنطرة يستحمل الركوب " ! · لو اعترض مواطن دخل القسم مرة لإنهاء معاملة عادية وغار على كرامته والضابط ينظر إليه من فوق لتحت باشمئزاز وتكبّر .. لما وصل الأمر الى الضرب ع القفا .. و" عايز إيه يا " ... " امك " .. وصولا إلى عصاية عماد الكبير الشهيرة! · لو لم نسكت على " الخصخصة " اللي اتعملت " مخصوص " عشان الملاعين ينهبوا البلد وينهبونا .. ماكنش عمر افندي اتباع ، والمصانع والبنوك .. واتشرد الموظفين الغلابة وبقوا يشحتوا على باب السيدة. لو كنا ضربنا الحرامي الصغير بالجزمة ، ماكنش طلعنا الافندي احمد عز ولهف حديد البلد في كرش أبوه .. يعلّي فيه وينزّل على مزاج اللي خلفوه ، مسنود على صاحبه " جيمي " ابن كبير البلد اللي فوق التمانين ولسه بيصبغ شعره عشان يبان حلو وهو على سريره الأونطة أمام المحكمة. لو كنا قلنا لأى صحفي " دلدول " بيطبل للنظام : عيب واحترم نفسك ، ماكنش حيبقى فيه اسامة سرايا ولا ممتاز القط " ابو طشة ملوخية تجنن " ولا مجدي الدقاق ولا تامرامين او لميس الحديدي ولا سىء افندي ولا خالتي بلاء .. واللستة السودا طويلة. لو كنا سمعنا واستوعبنا كلام محمد منير " اوعى تخاف م القوي اللي يقولك انا .. منفوخ وفاضي وهوا مستقوي من ضعفنا " .. كانت الليلة خلصت من زمان .. والله في 18 دقبقة مش 18 يوم . ... مائة لو ولو .. لكن قدر الله وما شاء فعل .. الأسطى حسن " سواق الاتوبيس " خلّف لنا عيال رجالة .. قاموا بالثورة – صحيح متأخر اوي – بس عملوها ، اما مراته في الفيلم اللي أدارت له ظهرها لما باع التاكسي عشان الورشة " البلد " ما تتبعش .. فأكيد بعد ما طلقها إتجوزت واحد من طينتها وخلّفت لنا جماعة " أسفين ياريس ". عموما الله يبارك لك يا اسطى حسن ويديكي الصحة يا فؤادة اللي جابت عتريس الأرض ويرحمك يا عم أنيس يا بطل " ثرثرة فوق النيل " يا للي قلتها من زمان أوي : يا ناس فوقوا " .. وإحنا كأن " سمعنا " تقيل او ما كناش عايزين نفوق .. عاجبانا البهدلة والسطلة .. وعشان كده نستاهل اللي كنا فيه. .. واختتم ب " نوًارة " البنات ، بنت عمنا نجم : أحسن شعار شفته في التحرير : آسفين يامصر .. اتأخرنا عليكي كتير.