ربما ينجح نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في خداع البعض لتصديق مسرحية "العصابات المسلحة" التي تلوكها ألسنة مسئوليه باستمرار، ويستخدمونها مبررا لاستمرار آلة القتل التي حصدت أرواح أكثر من 2200 سوري منذ اندلاع الثورة ضد حكمه في مارس الماضي، وحتى الآن، لكنه سيجد صعوبة شديدة في تبرير مشهد تعذيب طفل برئ لأنه يرفض السجود ل"ربه الأعلى" بشار الأسد، كما يراه عناصر أمن الأسد، الذين عذبوا الصغير الذي فضل تعذيبا لا يحتمله جسده الضعيف على التفريط في كرامته، بل كرامة سوريا كلها. على مواقع المعارضة السورية انتشر فيديو يُظهر الطفل وهو يتعرض للضرب المبرح من قبل عناصر يرتدون الزي العكسري ليجبروه على السجود لصورة لبشار، بينما يصرخون بصوت هستيري "من ربك؟" وفي الفيديو الذي قال الناشطون إنه تم تصويره في مدرسة بمدينة إنخل في درعا (جنوب)، يطالب رجال الأمن الطفل ب"الركوع" لصورة ما وصفوه ب"الرب" بشار الأسد، لكن الصغير يرفض، بل ويبصق على الصورة، مما زاد رجال الأمن في تعذيبه. الرئيس السوري كان وصف في وقت سابق تصرفات بعض قوى الأمن والجيش التي تجبر معتقلين على الركوع على صوره أو ترديد عبارات مثل "لا إله الا الله بشار" بأنها تصرفات فردية لا تعبر عن جيش وأجهزة أمنية تضم مئات الآلاف من العناصر، لكن هذه الحجة باتت محل سخرية كثيرين، ومن بينهم شيخ قراء الديار الشامية كريم راجح الذي قال في خطبته الأخيرة قبل أن يتم منعه عن الخطابة الجمعة الماضية: "الدعس على صورة الرئيس لا يعتبر حادثا فرديا". في المقابل يواصل النظام قتل السوريين، غير مبال بالمطالبات التي أطلقها وزراء الخارجية العرب أول من أمس الثلاثاء من القاهرة، للقيادة السورية بوقف العنف فورا وإجراء حوار وطني يشارك فيه الجميع لحل الأزمة, حيث قتلت قوى الأمن 28 متظاهرا في عدة مدن سورية أول من أمس، سقط 16 منهم في حماه، و3 في حمص و2 في دير الزور، فيما ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن جثث 3 أشخاص مجهولي الهوية وصلت إلى المشفى الوطني في معرة النعمان بإدلب، وأوضحت أنهم توفوا جراء التعذيب في مراكز الأمن. الشعب السوري الذي حسم خياره بتمسكه برحيل الأسد ومحاكمته، واصل مظاهراته المطالبة بإعدام الرئيس ضمن مظاهرات ما عرف ب"ثلاثاء الغضب على روسيا" تنديدا بموقف الكرملين الداعم للنظام. لكن في المقابل فالنظام مستمر في حملاته الأمنية واعتقال العشرات، ومداهمت طالت حتى مجلس عزاء الناشط غياث مطر في ريف دمشق الذي قتل على يد الأمن، بمجرد مغادرة 4 سفراء جاؤوا للعزاء. وذكر نشطاء أن مدرعات سورية اقتحمت منطقة وعرة بالقرب من الحدود مع تركيا أمس لتوسع بذلك نطاق حملة عسكرية رئيسية في شمال غرب البلاد، وأضافوا أن مئات من أفراد الجيش تدعمهم عشرات من العربات المدرعة والحافلات المكتظة بأفراد الامن والشبيحة الموالين للأسد أطلقوا نيران المدافع الرشاشة بشكل عشوائي أثناء اقتحامهم 10 قرى وبلدات على الاقل في جبل الزاوية عبر طريق سريع قريب بعد أن سدوا مداخل المنطقة وقطعوا عنها الاتصالات.