أضفت زيارة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني لإسرائيل والأراضي الفلسطينية مزيداً من الغموض علي شخصيته التي أنهاها دون علم الكثيرين بحقيقة ما يشعر به أو حتي إدراك توجهاته ومواقفه الحقيقية من الوضع السابق والآتي، فضلاً عن المستقبلي علي الساحة الفلسطينية الإسرائيلية. بدأ بيرلسكوني زيارته بخطاب ألقاه في الكنيست الإسرائيلي، متغنيًا فيه بحب إسرائيل، فضلاً عن تبريره العدواني الصهيوني الغاشم علي قطاع غزة في ذات الخطاب، معتبرًا أن ذلك رد علي الصواريخ الفلسطينية، كما أكد حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية معلنًا عن حلمه في أن تنضم إسرائيل للاتحاد الأوروبي. بدا في الجزء الثاني من جولته وخلال زيارته لبيت لحم بالضفة الغربية بيرلسكوني غاية في التناقض وذلك عندما اعتبر أن وقف الاستيطان الإسرائيلي يشكل «شرطا» للتقدم في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، كما زاد الأمر سوءًا عندما أجاب عن سؤال حول تعاطفه مع إسرائيل وضحايا المحرقة، فقال: كما نبكي ضحايا المحرقة - يقصد الهولوكست - من العدل أيضا أن نبكي ضحايا غزة في إشارة إلي الحرب التي شنتها إسرائيل علي قطاع غزة الشتاء الماضي، ولطّف من شدة حديثه عندما أضاف: وفي كل مرة تحل الحرب محل السلام يحدث هذا ونفقد جزءًا من الإنسانية وتفقد العلاقة القائمة علي التعقل مكانها. إلي ذلك لم ينس رئيس الوزراء الإيطالي - المتناقض - تماديه في التملق لإسرائيل من خلال تطرقه للبرنامج النووي الإيراني داعيا إلي فرض «عقوبات فعالة» علي إيران علي خلفية برنامجها النووي. المعروف عن بيرلسكوني أنه شخصية مثيرة للجدل سواء أكان ذلك علي صعيد حياته الشخصية أو العامة، وكثيرا ما اتسمت مواقفه بالغموض، ورغم ذلك يبدو دوما شخصية ناجحة، لاسيما علي صعيد المال والإعلام وهما الصعيدان الأكثر رواجا في إيطاليا. يشار إلي أن والده عمل مديرًا لأحد البنوك الإيطالية فكان من السهل عليه أن يبدأ حياته العملية كمقاول في مجال البناء، وفي سنة 1980 أنشأ بيرلسكوني القناة الخامسة وهي أول قناة خاصة في إيطاليا، ومن ثم سطع نجمه في مجال الإعلام إلي أن امتلك أكبر إمبراطورية إعلامية إيطالية وقد ضمت أكبر ثلاث شبكات تليفزيونية في البلاد، وفي سنة 1986 اشتري نادي إيه سي ميلان لكرة القدم. حصيلة تاريخه الاقتصادي جعلته يقرر بعد أن تربع علي عرش إمبراطورية المال في بلده أن يخوض تجربة الدخول في عالم السياسة سنة 1994، فأنشأ حزب «العمل الإيطالي» الذي فاز معه في الانتخابات التشريعية قد تولي منصب رئيس الوزراء فيه، إلا أنه اضطر فيما بعد إلي تقديم استقالته من منصبه بعد بضعة أشهر بعد انتقال حليفه ليجانورد إلي المعارضة. بعد ذلك عاد بيرلسكوني إلي منصب «رئيس وزراء إيطاليا» في عام «2001» وذلك بعد فوزه بالانتخابات علي رأس ائتلاف باسم «منزل الحريات» مكون من أربعة أحزاب منها حزب يميني متطرف. في «يناير 2008» استقالت حكومة يسار الوسط بزعامة منافسه رومانو برودي إثر انهيار الائتلاف الحاكم وتقرر إجراء الانتخابات العامة في «13 أبريل 2008» أي قبل 3 سنوات من موعدها المقرر، في «13 أبريل 2008» أجريت الانتخابات العامة الإيطالية وشارك فيها 158 حزبًا وكانت نتيجة الانتخابات فوز حزب بيرلسكوني، وبذلك أعاد انتصاره في الانتخابات العامة للمرة الثالثة وحصل علي رئاسة الحكومة رقم «62» منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.