الفيلم يعد محاولة جادة من مخرجه لإرضاء جميع الأذواق دي لويس ونيكول كيدمان لا يستطيع الجمهور العادي للأفلام أن ينسجم بسهولة مع الأفلام الموسيقية فهذه النوعية من الأفلام لكي تسترخي بها وتستمتع لابد أن تكون من معجبيها، لكي تفهم وتشعر بالمشاهد التي تمر بين الاستعراضات والغناء وأن الغناء هنا يكون هو الدراما والحوار الأساسي. لكن المخرج «روب مارشال» في أحدث أفلامه الغنائية «nine»، يمزج بين الموسيقي والغناء من ناحية، وسحر السينما الإيطالية وواقعيتها من جهة أخري، ويروي أحداثًا في حياة شخصية موجودة ومشهورة وهو المخرج الإيطالي «جويدو كونتيني» الشهير في الستينيات وكأنه يحاول إرضاء جميع الأذواق ليس لضمان جمهور للفيلم بل في محاولة لجذب جمهور أكثر لسلسلة الأفلام الغنائية التي يفضلها. ومرة أخري عرض ناجح جدا من مسارح برودواي ينقل إلي السينما علي أيدي «مارشال» بعد فيلمه الغنائي الماضي والحاصل علي العديد من جوائز الأوسكار «Chicago»، ومن البداية يدخل «مارشال» المشاهد إلي سحر السينما الإيطالي عبر الانتقال من المشاهد المصورة أبيض وأسود إلي الألوان الصارخة وكأنه يمزج الكلاسيكية الإيطالية بالحداثة السينمائية، والانتقال بين المشهد الكلامي والاستعراض والأغنية التي تعبر وتشرح دائما أكثر عن علاقات البطل «جويدو كونتيني» والذي يؤدي دوره نجم الأوسكار «دانيال دي لويس» كانت تتم دائما بشكل تدريجي ولافت وكأنه تنبيه للمشاهد ليستعد للأغنية القادمة، ويتوالي ظهور النساء في حياة «جويدو» لتكشف كل منهن مشاعرها في أغنية وأحيانا استعراض يكشف عن موهبة مارشال في تقديم هذه النوعية من الأفلام وعن موهبة أخري وهي قدرته علي تقديم أي نجم بشكل مختلف تماما عما اعتاده الجمهور، «دانيال دي لويس» تحول فجأة إلي شخص إيطالي في أدائه واللكنة التي تنسي الجمهور بالفعل أنه إنجليزي في أداء يجعل المشاهد لا يصدق أن هذا الممثل حصل علي الأوسكار ورشح لها عن أكثر الأفلام دموية، وأن أفلامه دائما تتسم بالعنف إلا أنه هنا يغني ويحلم ويحب علي الطريقة الإيطالية. 7 نساء في حياة «جويدو» فرصة لمارشال لتقديم كم أكبر من الاستعراضات المبهرة والأزياء الصارخة خاصة أن الأحداث تدور داخل الوسط السينمائي ولهذا فالإبهار هنا يكون عبر النساء، وأيضا عبرهن يكشف حقائق وخفايا نفسية كونت شخصية «جويدو» التي يطلق عليها الجميع لقب «المايسترو»، «ليلي» مصممة الأزياء في جميع أفلامه وأقرب النساء إلي عقله ونصائحها دائما مسموعة. امرأة ناعمة يلجأ إليها دائما وتشرح شخصية جويدو بسهولة وتوضح البعض عن شخصيتها ذات الأصول الفرنسية، في استعراض لا يصدق الجمهور أن من تؤديه هي دام «جودي دينش»، الزوجة «لويزا» التي تؤدي دورها الحاصلة علي أوسكار أحسن ممثلة في العام الماضي «ماريون كوتيلارد» في استعراضين وأغنيتين مختلفتين تماما يكشف بهما «مارشال» عن عواطف امرأة تحب زوجًا خائنًا تركت من أجله كل شيء وأعطته كل شيء ولكنه لا يفكر سوي في عمله وأفلامه وأن يجمع حوله جميع النساء اللاتي يلهمنه في عمله، العشيقة «كارلا» التي يعلم الجميع علاقتهما وفي استعراض جريء ل «بينلوبي كروز» التي تقوم بدور العشيقة يذكر مارشال المشاهد أنه لم ينس تحفته الأولي «Chicago» لأن أداء «بينلوبي» يشبه أداء «كاترين زيتا جونز» لإحدي أغانيها في الفيلم، وبطلة أفلامه «كلوديا» التي تؤدي دورها «نيكول كيدمان» في دور يجعل المشاهد يتساءل لماذا قدمته وهي لم تضف أي شيء للشخصية ولم تضف إليها التجربة أي شيء، أما الأم المتوفاة والتي قدمتها «صوفيا لورين» والغريب أن أداء «دي لويس وماريون» كان أكثر إيطاليا من أداء «صوفيا» نفسها وكأن المخرج اكتفي بوجودها بين هذه المجموعة الرائعة من الحاصلين علي الأوسكار، دون أن يجعل لكنتها الإيطالية تظهر أكثر، بينما تأتي شخصية الأمريكية «ستيفاني» واستعراضها المفعم بالسرعة والحداثة ليضفي لمسة أمريكية سريعة. بينما هي موجودة لإظهار الجزء الشهواني في «جويدو»، وتأتي آخر نساء المجموعة لتظهر طفولة جويدو وهي بائعة الهوي «ساراجينا»، التي قامت بدورها المطربة «ستاسي فيرجسون» في استعراض رائع وصارخ ولكن جلستها علي الكرسي ويداها علي جسدها تشبه كثيرا أداء كوين لطيفة في فيلم «chicago» ليثبت مرة أخري مارشال أنه متأثر بفيلمه الغنائي الأول أكثر من اللازم. أخطأ مارشال عندما وضع صوفيا لورين في وسط باقي النساء في مشهد النهاية أمام الكاميرا خاصة أنها متوفاة فكان يمكن أن تقف بجواره كما حمل الطفل علي قدميه في مشهد ينم عن عودة الطفل بداخله والذي يجعله المخرج المايسترو لينطق أخيرا وبعد معاناة طوال الأحداث «اكشن».