تأكيدا لما نشرته «الدستور» مؤخرا عن قرب انعقاد قمة مصرية ليبية، بحث أمس الرئيس حسني مبارك الذي قام بزيارة مفاجئة إلي مدينة سرت الليبية دامت عدة ساعات، مع العقيد معمر القذافي العلاقات الثنائية والعربية في ضوء مساعي القذافي لتنقية الأجواء بين مصر وكل من سوريا وقطر. واعترفت مصادر مصرية وعربية ل «الدستور» بصعوبة مهمة القذافي في الوساطة بين القاهرة والدوحة ودمشق، لكنها لفتت في المقابل إلي أنها ليست مستحيلة في ضوء العلاقات الشخصية القوية التي تجمع بين القذافي وقادة الدول الثلاثة. وكان القذافي قد أجري مؤخرا في العاصمة الليبية طرابلس محادثات علي حدة مع الرئيس السوري بشار الأسد وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، فيما اجتمع الأسد والشيخ حمد قبل بضعة أيام في العاصمة القطرية. ورأي قيادي بعثي سوري أن الهجوم الذي شنه الرئيس مبارك علي سوريا وقيادتها مؤخرا ليس إيجابياً ولا يفيد التقارب العربي العربي، وربما يشير إلي تضارب في السياسة المصرية. وقال فايز عز الدين، في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء «تحتاج العلاقة السورية المصرية إلي تنقيتها من الشوائب، والمصريون يترددون في فتح صفحة جديدة مع سوريا، وكأنما هناك اضطراب في السياسة المصرية يشير إلي أن الرغبة في المصالحة غير متوافرة، وهو ما لم نألفه في السياسة المصرية». وأعرب عن قناعته بأن سوريا «تأمل أن تقوم مصر بدورها المعروف والكبير في الأمة العربية، وأن لا تخرج من جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، وأن يكون لها الوجه الواعد الذي ألفه وخبره العرب فيها عبر التاريخ». وحول هجوم الرئيس مبارك غير المباشر علي سوريا في حديث بمناسبة يوم الشرطة في مصر، وقوله بأنها «سمحت باحتفالات جماهيرية ونشاط عنيف ضد مصر»، وإشارته إلي أن لدي المصريين «معلومات موثقة وأكيدة علي ما يجري في تلك الدولة الشقيقة التي تسمح بأن تدار ضدنا احتفالات عنيفة»، وإعلانه أنها تعيش في بيت من الزجاج، قال إن تصريحات الرئيس مبارك «ليست إيجابية، ولا تفيد التقارب العربي العربي، وربما لا تؤدي إلي تقريب أجواء المصالحة بين البلدين»، إلا أنه بالمقابل أكّد علي الرغم من ذلك، أن «الدبلوماسية السياسية التي تعتمدها سوريا ستستوعب هذه التصريحات وردود الأفعال، وستخطو علي العكس خطوات نحو مصر ولن تبتعد عنها». وكان الرئيس مبارك يرافقه وفد مكون من أحمد أبو الغيط - وزير الخارجية - وأنس الفقي - وزير الإعلام - واللواء عمر سليمان - رئيس جهاز المخابرات المصرية - والدكتور زكريا عزمي - رئيس ديوان رئيس الجمهورية -، قد وصل إلي مطار سرت، حيث استقبله، اللواءان مصطفي الخروبي والخويلدي الحميدي، عضوا القيادة التاريخية للثورة الليبية، والبغدادي المحمودي - رئيس الحكومة الليبية -، بالإضافة إلي عدد من الوزراء والمسئولين الليبيين. من جهته، أكد السفير أحمد بن حلي - نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية - أن الإعداد للقمة العربية في دورتها الثانية والعشرين والتي ستستضيفها العاصمة الليبية طرابلس في 27 من مارس المقبل بدأ علي قدم وساق، نظرا لما تكتسبه تلك القمة من أهمية خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة.