"ضرورة وضع مبادئ حاكمة للثقافة، على غرار المبادئ الحاكمة للدستور، كسر النخبوية التي طبعت المجلس ونشاطاته ولجانه طوال السنوات الماضية، التأكيد على ريادة مصر الثقافية وانفتاحها على كل الثقافات والحضارات.." كانت هذه أبرز الموضوعات التي ناقشها المشاركون في اللقاء المفتوح مع الدكتور شاكر عبد الحميد الأمين العام الجديد للمجلس الأعلى للثقافة، والذي عقد مساء أمس، بورشة الزيتون، وأداره الناقد والشاعر شعبان يوسف. في البداية، رحب شعبان يوسف بالدكتور شاكر عبد الحميد، مبديا تقديره وسعادته لاختياره أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة، وأنه خير من يتولى هذا المنصب في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد حاليا، وذلك لخطورة الدور الذي يلعبه المجلس الأعلى للثقافة، واضطلاعه بمهام عديدة منها اللجان والشعب المختلفة، وجوائز الدولة، ومنح التفرغ، والنشر، والمؤتمرات والندوات، إلخ الفعاليات والأنشطة الثقافية المختلفة التي يتولى المجلس مسئوليتها كاملة. وقدم يوسف الدكتور شاكر للحضور بوصفه ابنا بارا وتلميذا وفيا للدكتور مصطفى سويف أستاذ علم النفس الشهير ومؤسس المدرسة المصرية العالمية في دراسات علم نفس الإبداع، معتبرا أن شاكر عبد الحميد هو "الامتداد الثقافي الجدلي" المحترم لمصطفى سويف، على حد وصفه. وأكد الشاعر شعبان يوسف أنه وعلى مدار عقود طويلة تم استبعاد وحرمان أصحاب المشاريع الفكرية والثقافية الحقيقية من تولي المناصب الثقافية، ومنهم الدكتور شاكر عبد الحميد، لكن وبعد قيام الثورة هناك محاولات جادة لإحداث حالة تنشيط ثقافي وإسناد المناصب الثقافية إلى الأسماء التي كانت تستحقها منذ زمن طويل، ولعل هناك مؤشرات تدل على الاتجاه في ذلك المسار خلال الفترة الماضية. ثم تحدث الدكتور شاكر عبد الحميد الذي وجه الشكر للحضور ولكل من أيد ترشيح اسمه لأمانة المجلس الأعلى للثقافة، مبديا ترحيبه التام بأي فكرة مهما كانت، ودعا إلى حوار حر ومفتوح ونقاش دائم ومستمر دون أي قيود أو معوقات، وأكد على أن المرحلة الحالية في حاجة إلى طرح مفاهيم تأسيسية جديدة قدر حاجتها إلى انتقاد الأفكار والسياسات والسلوكيات القديمة، وعدم الاكتفاء بنقد الماضي والتقدم بطروحات وأفكار للمستقبل. ودعا شاكر إلى وضع ما أطلق عليه "المبادئ الحاكمة للثقافة" على غرار "المبادئ الحاكمة للدستور"، وهو بمثابة إطار عام للثقافة والمثقفين، تنص بنوده الأساسية على حرية الرأي والتعبير، وحق الاختلاف ونبذ العنف والتطرف، ومحاربة الجمود الفكري والانغلاق الثقافي والانكفاء على الذات.. إلخ تلك الأفكار والآراء التي تحظى بتوافق عام من المثقفين.. وأكد شاكر أنه سيبدأ من الأسبوع القادم عقد سلسلة من الاجتماعات مع الدكتورة كاميليا صبحي رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان، لوضع الأسس أو المعايير التي سيتم اتخاذها لاختيار وتشكيل اللجان خلال الشهر القادم. كما أكد أنه سيسعى لإحداث تغيير في نظام التصويت على الجوائز، وتوسيع إطار جهات الترشيح وعدم قصرها على الجامعات، والسماح لجهات أو مؤسسات أخرى خارج إطار الجامعة بالترشيح لجوائز الدولة، وضرب مثلا بورشة الزيتون وساقية الصاوي وغيرهما، وبأحقيتهما في التقدم بترشيح الأشخاص والمبدعين لجوائز الدولة في فروعها المختلفة. وعن النشر خلال المرحلة القادمة، قال أمين الأعلى للثقافة إن هناك 150 كتابا قيد النشر حاليا، وعبر عن رغبته في إنشاء سلاسل جديدة تتواءم وتلبي متطلبات الواقع الثوري الجديد الذي يتطلب بالضرورة أفكارا جديدة. أما الحاضرون من الأدباء والمثقفين، فقد أكدوا على ضرورة التغيير العام الشامل لكل مناحي الأنشطة والفعاليات واللجان بالمجلس الأعلى للثقافة، وهو ما عبرت عنه بوضوح الروائية والناقدة هويدا صالح بقولها إنه يجب تغيير كل الأسماء التي تكررت بعينها في اللجان وعلى رؤوس اللجان لسنوات وسنوات، وضرورة ضخ دماء جديدة في المجلس حتى نتخلص من السلبيات الموجودة والتي عانينا منها طويلا. وشاركها الرأي الروائي والقاص سعيد نوح الذي أشار بدوره إلى مهزلة منح التفرغ وعدم العدالة في توزيع هذه المنح والتفاوت في المبالغ المنوحة، ففي حين يحصل البعض على مبالغ زهيدة يحصل آخرون على مبالغ كبيرة لا لشيء سوى العلاقات والمصالح الشخصية، ودعا إلى إعطاء المجلس الأعلى للثقافة صلاحيات كافية للإشراف على مناهج تدريس الأدب بمراحل التعليم المختلفة، بالمدارس والجامعات، وأن تكون له اليد العليا في المناهج والمقررات التعليمية المختصة بالأدب أو الثقافة العامة. أما الفنان والناقد التشكيلي سيد هويدي فقد قدم اقتراحا لاقى قبولا واستحسانا من الحضور وهو ضرورة وجود محلل نظم معلومات وبيانات بالمجلس الأعلى للثقافة -أو أي هيئة أو مؤسسة ثقافية- بغرض الوصول إلى أنسب الطرق العلمية القائمة على المعلومات الدقيقة ومناهج التحليل الحديثة لتطوير هذه المؤسسات والارتقاء بها وتلافي سلبياتها الموجودة.