عندما تنشر الصحف العالمية عن احتمالية وجود شبهة تواطؤ بين مسئولين داخل منظمة الصحة العالمية وشركات الأدوية العالمية المنتجة للأمصال.. بل وتوجيه اتهامات مباشرة لكلا الطرفين.. هنا يجب علينا مواجهة وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي بعشرات الأسئلة.. ولابد أن يجيب عنها ولا يصمت. وإذا كان مقبولا تعرض المواطنين إلي عملية نصب.. من بعض شركات الأدوية أو بعض المنظمات الدولية.. بسبب الجهل وغياب المعلومات وانعدام الرؤية.. لكن ما التبرير إذا كان هناك مسئول عن صحة هؤلاء المواطنين.. بل وحمايتهم من أي عمليات نصب دولية.. فهل كان الوزير جاهلا بما يدور حولنا في عواصم العالم.. وكيف لم يفطن - وهو الطبيب المتخصص- إلي احتمالية وجود مصالح لمافيا الدواء العالمية جعلتها تروج للحديث عن انتشار وبائي لفيروس ضعيف.. فتمت إشاعة الرعب بين سكان العالم.. وهل لم يعرف الوزير ماردده أكثر من طبيب مصري عن ضعف هذا الفيروس.. وإذا لم يعلم الوزير.. فمن الذي سيعرف إذن.. هل هو المواطن العادي أم الوزير المختص؟. ثم كيف نجحت مافيا الدواء العالمية أن تدخل مصر وتسوق الوهم.. وكيف سمح الوزير لنفسه بإثارة كل هذه الدرجة من الرعب والفزع والهلع داخل كل البيوت المصرية.. ولماذا اعتمد التخويف كسياسة لوزارته في تلك القضية ولم يزن الأمور بميزانها الصحيح.. وإذا لم يكن هو الأجدر بذلك فمن يكون؟. نريد معرفة كم وكيف استفادت مافيا الدواء المحلية جراء حالة الرعب التي انتشرت بين المصريين بسبب تصريحات الوزير.. وكم تكلفة خسارتنا من ضياع عام دراسي كامل بعد تغييب 17مليون تلميذ عن مدارسهم بدافع من ذويهم خوفا عليهم من العدوي؟ يحق لنا محاسبة وزير الصحة الآن.. لأننا ومنذ إعلانه عن وصول فيروس إنفلونزا الخنازير إلي مصر كتبت داعما له.. وكان عندي أسبابي التي كان أهمها احترام التخصص.. فوزير الصحة - بحكم منصبه - هو المسئول الأول عن صحة المواطنين.. وعليه ممارسة صلاحياته كاملة، خاصة في ظل وباء (حسب وصفه) مثل إنفلونزا الخنازير.. لذا لم أتعامل باستخفاف مع مهمة الوزير وافترضت النيات الحسنة - ولا أزال - في سياسات الوزير؛ لقناعتي بأن الصورة واضحة تماما أمامه أو هكذا تصورت. وقد انتقدنا مغالاة الوزارة في تسعير تحليل فيروس إنفلونزا الخنازير بالمعامل الخاصة.. بعد أن ذهبت واستمعت إلي رأي أطباء ومتخصصين في هذا المجال.. وكتبت عن السعر الحقيقي لإجراء هذا التحليل.. وهو أربعمائة وخمسون جنيهًا.. وقتها استجاب الوزير وقام بتخفيض السعر علي مرحلتين، حيث بدأ بألف ومائتي جنيه وانتهي مؤخرا إلي أربعمائة وخمسين جنيها. كان لدي علامات استفهام وتساؤلات عن كيفية تخفيض سعر (سلعة) بمقدار 70 % خلال فترة لاتتجاوز أسبوعين ودون وجود متغير عالمي أو محلي يؤدي إلي هذا الفارق الكبير بين السعر الأولي والنهائي.. لعل هذا يدعوني إلي توجيه سؤال وهو: أين كان سيذهب الفارق بين سعري التحليل الذي بلغ ألفًا وخمسين جنيهًا؟.. بالتأكيد إلي جيوب مافيا الدواء وبعض المعامل الخاصة.. كل هذا وأكثر منه.. لم أتوقف أمامه.. طالما تم تحديد السعر الحقيقي لتحليل الفيروس.. كما انتقدت استمرار الوزير في بث الفزع بين المواطنين.. بعد تصريحاته عن المقابر الجماعية وتوقعاته بإصابة ثلاثة ملايين مصري بالفيروس خلال شهور يناير وفبراير ومارس. لكن الآن وبعد الحديث عن وجود مؤامرة شاركت فيها مافيا شركات الأدوية العالمية لترويج منتجاتها من الأمصال للوقاية من فيروس ضعيف.. فإنه لايكفي أن يقول لنا وزير الصحة إن ماتعرضنا له من عمليات نصب قد تعرضت له دول أخري.. لأننا سنسأله: وما دورك وفائدة وجودك يامعالي الوزير؟!.