يذهب كتاب توثيقي عن شيخ الملحنين زكريا أحمد إلى أن له فضلا لا ينكر في تجديد طابع الموسيقى العربية بصورة تجعله جديرا بأن يكون "عبقريا في مقاعد صناع تراث الانسانية" في مجال الموسيقى وان لم يحظ بشهرة تليق بانجازاته. ويستشهد الكتاب بأغنياته التي ما زالت تمنح السرور في الأفراح والمناسبات السعيدة ومنها (يا صلاة الزين) و(يا حلاوة الدنيا) و(الورد جميل) رغم مرور أكثر من نصف قرن عليها "وهو أمر يستحق النظر" لأن صوته الأجش لم يكن جميلا "لكنه كان يملك ما هو أبلغ من جمال الصوت وصفائه وهو عبقرية الخلق وسحر التصرف وروعة الأداء وعمق الإحساس بالكلمة وربطها بالنغمة" والسيطرة على إيقاع الكلمات. ويضيف الكتاب أن أغنية (الليلة عيد) التي غنتها أم كلثوم لم تعد تراثا فحسب بل "تقليدا اجتماعيا قل أن ينجح أحد في صنع مثله" إذ صارت هذه الأغنية جزءا من الإحساس الشعبي بقدوم العيد. ويقع كتاب (زكريا أحمد) في أكثر من 400 صفحة كبيرة القطع وهو العمل الخامس في (المشروع القومي للحفاظ على تراث الموسيقى العربية) الذي تديره ياسمين ماهر عبد النور وأنجز في الفترة الماضية أربعة أعمال توثق تراث كل من أم كلثوم وسيد درويش وسلامة حجازي ومحمد عبد الوهاب. والكتاب الذي أعدته ايزيس فتح الله صدر عن دار الشروق في القاهرة بالتعاون مع مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي بمكتبة الإسكندرية ضمن (موسوعة أعلام الموسيقى العربية). وقال مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي فتحي صالح في المقدمة أن لديه خطة لتوثيق التراث الموسيقي تتضمن بناء قواعد بيانات شاملة لأعلام الموسيقى منذ نهاية القرن التاسع عشر ستشمل كتبا عن رياض السنباطي وفريد الاطرش وغيرهما. ويقول الكتاب أن أحمد (1896-1961) درس في الأزهر وكان أبوه يؤهله ليصبح من علماء الدين حيث أتم حفظ القرآن ودرس علوم اللغة والفقه الاسلامي وارتدى الزي التقليدي للمشايخ لكنه مال الى الانشاد الديني وساعده حفظ القران على التمكن "من روح اللحن العربي" وتعلم أصول الايقاعات الموسيقية على يد الشيخ درويش الحريري "الذي كان حجة في الموسيقى العربية." ويقول الكتاب انه خاض تجربة التلحين للمسرح لاول مرة في 1916 اذ قدم ألحانه مجانا لعرض (فقراء نيويورك) الذي قدمته فرقة مسرحية من طلبة هواة ضمت الممثلين حسين رياض وحسن فايق. ثم عاد الى تجربة التلحين المسرحي في 1924 في عرض (دولة الحظ) الذي قدمته فرقة علي الكسار بعد رحيل فنان الشعب سيد ردويش الذي تميز في هذا المجال. وكان اخر ألحانه للمسرح عرض (عزيزة ويونس) تأليف محمود بيرم التونسي في 1945