في إنجلترا يوجد الماجناكارتا، أو الدستور الكبير، الذي يحفظه كل إنجليزي عن ظهر قلب، والذي يتم تدريسه للجميع، والكل يحترمه ويدافع عنه بحياته، لأن دماء كثيرة أريقت، حتي يكتب الشعب الماجناكارتا... وفي أمريكا دستور يحفظه أيضا كل طفل صغير؛ لأنه جاء بعد حروب دامية ،أريقت فيها أنهار من الدم، جعلت التنازل عن مواده مستحيلاً، احتراماً لكل من أريق دمه من أجل الحصول عليه... أما نحن هنا فلدينا دستور كتبه الحكام، ووافق عليه نواب مشكوك في نزاهة انتخاب معظمهم، واستفتي عليه شعب استفتاء يعرف أي طفل صغير كيف يتم تزييفه وتزويره، حتي يخرج بالصورة التي ترضي الحاكم، وليس تلك التي ترضي الشعب نفسه... ولهذا فهناك مشكلة كبري لدينا مع الدستور، الذي يضع كل السلطات في يد رجل واحد، ويلغينا نحن من حساباته... في مصر لا يتم تدريس الدستور، ولا يتم امتحان الطلاب فيه؛ إنه دستور جاء من فوق، لم يكتبه الشعب، ولم يحارب من أجله، ولم ترق الدماء في سبيله، ولو عرف الناس حقوقهم فيه، لما ارتضوا حياتهم، التي تخالف كل ما جاء به... مصر ستصبح دولة قوية، عندما يكتب الشعب فيها دستوره بحق، وليس عبر ألعاب إعلامية قديمة قدم الأزل، وسيحفظه كل شخص؛ لأنه نابع منه ومن إرادته الحقيقية... عندئذ فقط، سيعرف الأمن دوره الحقيقي، وواجباته الفعلية، التي عليه أن يلتزم بها، وإلا حاسبه الشعب علي تجاوزاته، وسيضطر رئيس الجمهورية الذي سيأتي في ظله، للالتزام بفكرة تداول السلطة، والخروج منها، إذا ما أراد الشعب هذا، وسيضطر الأمن إلي الالتزام بالقانون، وسيرفض بنفسه الخروج عنه ؛ لأن الرئيس التالي قد يحاسبه، أو هو حتماً سيحاسبه علي هذا... مشكلة الأمن أيها السادة هي مشكلة نظام، والنظام مشكلة حرية، والحرية مشكلة ديمقراطية، والديمقراطية والحرية ليست أبداً هبة من حاكم أو من نظام... إنها إرادة شعب، والتاريخ يقول إنها حتماً ستأتي... السؤال هو متي؟!... متي ؟!...