لأول مرة الرئيس مبارك ينتقد الأزهر والكنيسة معاً، فقد وجه الرئيس مبارك في خطابه احتفالاً بعيد الشرطة، أمس الأول انتقاداً إلي الأزهر والكنيسة وحملهما مسئولية غياب «الفكر الديني المستنير»، فقال الرئيس بالنص في خطابه: «إننا نواجه ظواهر غريبة علي مجتمعنا يدفعها الجهل والتعصب ويغذيها غياب الخطاب الديني المستنير من رجال الأزهر والكنيسة». هذا اللوم الذي قد يصنفه البعض هجوماً، والذي وجهه مبارك للأزهر والكنيسة يطرح أسئلة عديدة حول أسبابه وتوقيته والمقصود من ورائه. الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الدراسات السياسية بالأهرام يري أن لوم الأزهر والكنيسة هو لوم للدولة ذاتها ودورها خلال السنوات الأخيرة ويضيف «أن هذا النقد في محله تماماً إلا أنه يحمل في نفس الوقت هجوماً علي الدولة. وأوضح الشوبكي أن الأزهر شهد في عصر الرئيس مبارك أكبر تراجع في دوره التنويري وأشار إلي أن نقد الكنيسة هو رد فعل لحالة التدين الشكلي التي انتشرت في مصر خلال المرحلة الماضية وهو ما يعني أن الرئيس يحمَّل الكنيسة مسئولية التعصب والانغلاق خلال الفترة الماضية. واعتبر الشوبكي أن اللوم الذي وجهه الرئيس للأزهر يحمل في طياته «توجيهاً» بدور جديد، أما الكنيسة فهي ليست مؤسسة يتحكم فيها الرئيس، ولكنه أكد أن حديث الرئيس يحمل اتهاماً بالفشل لاختيارات نظام الحكم نفسه واعترافاً بتراجع دور الأزهر والكنيسة معاً. من جانبه، اعتبر عبد الغفار شكر القيادي اليساري أن الهجوم الذي شنه الرئيس علي الأزهر والكنيسة يحمل لوماً للمؤسسات الدينية وتوجيهاً في نفس الوقت، موضحاً أن الدولة بهذا الحديث تريد التنصل من مسئولياتها الأساسية بالحديث عن دور المؤسسات الدينية في نشر الخطاب الديني المستنير وهو أمر - في رأي شكر - لا يقوم به الأزهر أو الكنيسة وحدهما لأنه جزء من دورهما. وقال شكر: إن الهجوم علي الأزهر والكنيسة غير كاف لحل أزماتنا، فلا يكفي الحديث عن «الفكر الديني المستنير» - رغم أهميته - من أجل مواجهة مشكلة كبيرة مثل الطائفية لأننا نحتاج إلي وسائل وأساليب أخري أكبر بكثير من مجرد الحديث عن الفكر الديني المستنير علي رأسها الحديث عن قانون موحد لدور العبادة ووصول التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلي الصعيد وتفعيل حقيقي لفكرة المواطنة. أما أمين إسكندر وكيل مؤسسي حزب الكرامة فقد اعتبر أن الهجوم علي الأزهر والكنيسة لابد أن يسبقهما تساؤل حول انسحاب دور الدولة من حياة المواطنين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في الصحة والتعليم وكل شئون الحياة معتبراً أن الهجوم علي الأزهر والكنيسة وغياب دورهما التنويري لا ينفي أن الرئيس ذاته هو الذي جعل ملف الوحدة الوطنية طيلة عصره مجرد ملف في أيدي الأجهزة الأمنية تتحكم فيه تماماً بما يجعلنا نتساءل عن أسباب الحديث اليوم عن دور الأزهر والكنيسة والمثقفين. واعتبر إسكندر أن هذا الهجوم هو جزء من انسحاب الدولة من حياة المواطنين ومحاولة لإلصاق التهمة بالأزهر والكنيسة.