قالت صحيفة هافينجتون بوست الأمريكية إن الثورة المصرية التي حدثت مؤخرًا وأطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، أدت إلى توقع بعض النقاد لحركة مماثلة في الصين، على الرغم من اختلاف الظروف الصينية تمامًا عن المصرية. وذكرت إنه إلى جانب الهند واليونان، تعتبر مصر والصين من أقدم الحضارات في العالم على الرغم من إنهما أسستا حكوماتهما منذ حوالي 60 عامًا فقط. وتساءلت الصحيفة كيف أدارات حكوماتهما شئونهما ولماذا لا يحتمل وقوع أحداث مشابهة للأحداث التي قضت على نظام مبارك في الصين؟ من الواضح إن المشكلات الأساسية وراء المطالبة بإسقاط نظام مبارك كانت لها علاقة أساسية بالرئاسة والاقتصاد. ففي مصر، ظل حسني مبارك هو الرئيس المصري الوحيد لمدة 30 عامًا. ولكن، في الصين، ومنذ إصدار دنغ شياو بينغ لسياسة الإصلاح والانفتاح عام 1978، انتقلت السلطة الصينية بطريقة سلسة بين ثلاثة أجيال من الزعماء. كما إن الرؤساء الثلاث لمصر – ناصر والسادات ومبارك – ينتمون إلى خلفيات عسكرية. وعلى النقيض، ينتمي معظم رؤساء الصين إلى خلفيات مدنية وكثيرًا منهم مهندسون. ويعتبر القادة المدنيين أفضل لأنه يكون لديهم رؤية واسعة فيما يتعلق بالعلوم والأعمال والمجتمع ككل. وأشارت إلى الإشاعات التي انتشرت في الفترة الأخيرة في مصر مفاداها إن الرئيس مبارك كان يتآمر من أجل توريث الحكم لابنه مما أغضب الشعب المصري بما في ذلك المجلس العسكري، وأدى إلى الإطاحة به. إذا نظرنا إلى تاريخ جمهورية الصين الشعبية، لن نجد أي قائد خلف حكمه إلى أحد من سلالته. وعلى الصعيد الاقتصادي، تواجه كل من الصين ومصر مهمة شاقة للتعامل مع عدد هائل من السكان لتوفير التعليم والعمل اللازمان.
خلال ال 30 عامًا الماضية، قامت الحكومة المصرية بإصلاح الاقتصاد المركزي الهائل الذي ورثته عن الرئيس عبد الناصر. وساعدت سرعة الإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك السياسات المالية والنقدية والخصخصة وتشريعات العمل الجديدة مصر على التقدم تجاه اقتصاد أكثر توجهًا للسوق وزيادة الاستثمار الأجنبي. وقد عززت الإصلاحات والسياسات نتائج معدل النمو السنوي والتي وصلت إلى 5% سنويًا. ولكن، فشلت الحكومة في الحد من مشكلات البطالة المتزايدة بين الشباب دون ال 30 عامًا.
وفي هذه الفترة اتبعت الصين اقتصاد السوق الاشتراكي الخاص بها وأصبحت الدولة النامية الأسرع نموًا في العالم. بمعدل نمو سنوي يصل إلى 10% خلال ال 30 عامًا الماضية. وقد انتشلت الصين 300 مليون شخص – أي أربع أضعاف الشعب المصري تقريبًا – من الفقر. ومازال أمام الصين الكثير للقيام به، ولكن ما توصلت إليه حتى الآن مبهر. ويعود نجاح الصين الهائل إلى استراتيجية التخطيط طويلة المدى التي وضعتها.
وأشارت هافينجتون بوست إنه في معظم البلاد الديمقراطية، تعتبر ثقة ورضا المواطن بحكومته أمر غاية في الأهمية لنجاح الدولة. ووفقًا لمسح أجراه مركز بيو الأمريكي للأبحاث والدراسات عام 2010 عن رأي الشعب الصيني في حكومته كانت النتائج كالتالي: 9 من 10 أشخاص سعداء باتجاه دولتهم (87%) ويشعرون بالراحة تجاه حالة الدولة الحالية واقتصادها (91%) ومتفائلون بمستقبل الصين الاقتصادي (87%). وبالطبع تقود ثقة المواطن إلى زيادة الإنتاجية والاستثمارات والاستقرار. وعندما يكون المواطن راضيًا، يمكن للحكومة القيام بوظائفها وأعمالها التي ستنعكس من دون شك على الإنتاج والخدمات والشعب. وأخيرًا، قالت إنه على الرغم من وجود أمور متشابهة بين مصر والصين في حضارتهما العريقة وانتقالهما من اقتصاد مركزي إلى اقتصاد سوق في السنوات الثلاثين الماضية، يظل الاختلاف كامنًا في احتفاظ الصين بانتقال سلس للسلطة وتخطيط اقتصادي تثمر بنتائج مذهلة. والأكثر من ذلك، إن الشعب الصيني راض تمامًا بأداء حكومته.