ليس هناك دليل على هشاشة الطبقة السياسية المصرية وتفاهتها وقصر نظرها اكثر من حديثها الحالى حول الدستور ومحاولات تمسكها بهذة الاطار الذى اسقطة المصريون يوم 25 يناير ، فالحديث حول الجدول الزمنى الذى حدده الدستور ، وحول المنوط به طلب التعديلات الدستورية وغيرها من الترهات ماهى الا هراء فى هراء يؤكد ان هذة الطبقة لم تفهم ولاتريد ان تفهم اننا فى ثورة اسقطت الاطار الدستورى الذى فصله نظام الحكم السابق من اجل استمرار بقائه فى السلطة ، ويؤكد ايضا ان هذة الطبقة السياسية التافهة لاتريد انهاء الحكم العسكرى الجاثم على انفاسنا منذ ما يقرب من 60 عاما . كذلك فان تكالب عناصر هذة النخبة على تشكيل لجان حكماء او طلب التوقيع على مناشده لترشيح بعض الشخصيات العامة لمنصب رئيس الجمهورية فى النتخابات المقبلة ، هو محاولة للقفز على الثورة ومصادرة جهد الشباب الذى حمل روحه على كفه وهو يخرج الى ميدان التحرير للتظاهر منذ يوم 25 ينانير الى الان . فضلا عن ان معظم المصريين يعرف الى من ينتمى هؤلاء الشباب ومن يعتبرر القائد الروحى الحقيقى لهم . فعندما قامت الثورة كانت صرخة من المصريين تطالب بنسف الحمام القديم وبناء اخر مكانه ، وبالطبع فان احد عناصر الحمام القديم هو الطبقة السياسية الرخوة والهشة والفاسده والتى لاتتمتع باى شعبية فى الشارع والتى تسعى للدفاع عن مصالحها من خلال الحيل الدستورية والقانونية التى يقدمونها للسلطة لكى تستمر فى العصف بحياة المصريين ولكى تظل مستمسكة بالسلطة والثروة مقابل فتات تقدمه لهولاء الفسدة الخونة . واقصد بالطبقة السياسية هؤلاء المنتمون الى الحزب الوطنى الذين افسدوا الحياة السياسية وسوغوا الاستبداد مثل احمد فتحى سرور وصفوت الشريف وعلى الدين هلال ومفيد شهاب . كما اقصد ايضا هؤلاء المنتمين الى الاحزاب الكرتونية التى يحكمها مكتب الاحزاب السياسية فى مباحث امن الدولة مثل السيد البدوى ورفعت السعيد واحمد حسن وغيرهم ، كما اقصد عناصر متعددة من المستقلين الذين لاتمكنك ان تعرف هل هم معارضون ام مؤيدون ، لان بعضهم دمى فى ايدى قيادات فى الحزب الوطنى والبعض الاخر يبحث عن هذا الدور ويريد ان يجد من يحركه من نفس الحزب. ومن اغرب ما قيل لى من احد هؤلاء هو ان نظام يوليو اصبح فى خطر بسبب هذة المظاهرات ، ولم يدرى هذا المتحدث وهو ناصرى ان التطبيع مع اسرائيل اى مع العدو الصهيونى تم فى ظل نظام يوليو وان بيع القطاع العام تم فى ظل نظام يوليو ، وانهاء مجانية التعليم والعلاج المجانى وغيرها من مكتسبات ثورة يوليو تم القضاء عليها تماما فى ظل نظام يقول لنا انه ينتمى الى ثورة يوليو .كذلك تم تراكم ثروات بالمليارات لرجال الدولة عبر فساد مالى منهجى ومن دون اى اطار للمحاسبة فى ظل نظام يوليو نفسه . ولم يبق لنا من نظام يوليو الذى يدافع عنه هذا الزميل وعدد اخر من اصدقائه سوى الاستبداد والبقاء الابدى فى السلطة والحكم العسكرى . جزء من مناورات هذة النخبة الهشة يمكن تفسيره بانه يرجع الى هشاشتها وتفاهتها ، وجزء اخر يمكن تفسيره بانه محاولة يائسة من هذة المجموعة المنتمية الى النخبة لكى تبحث لنفسها عن دور ما فى المستقبل وهو بحث ياتى من قراءة خاطئة لما ستؤل اليه الاحداث ، ولكن التفسير الاساسى قد يكون هو مرض عناصر هذة النخبة بمرض المازوشية اى حب تعذيب الذات على ايدى النظام الذى كلنا يعرف انه لو استقر له الحال سوف يقوم بعمليات انتقام وعصف بالذين سعوا الى اسقاطه . ولى سؤال لهؤلاء السادة الاجلاء من الذين يرون ان الدستور الحالى الذى فصله الترزية من اجل بقاء الرئيس مبارك فى السطة مدى الحياة من دون منافس ، ثم نقل المنصب الرئاسى الرفيع الى ابنه من بعده ،وهم نفس الذين سيشرفون على اى تعديلات دستورية مقبلة طالما بقى الحزب الوطنى يتمتع بالاغلبية البرلمانية ، هل الدستور الحالى قابل لان يكون اطارا قانونيا فى دولة متحضرة قابلة للعيش فى القرن الحادى والعشرين . ام ان هؤلاء كانوا يريدون فقط القضاء على سيناريو التوريث ، وعندما تحقق هذا الهدف اصبح الهدف هو الحفاظ على اطار دستورى بالى متهرىء ؟ ولنا سؤال اخر هو اذا كنتم قد حققتم هدفكم وانهيتم سيناريو التوريث ، فلماذا لاتجلسوا صامتين فى بيوتكم وتتركوا الشعب المتظاهر فى حاله عله ينجح فى تحقيق هدفه فى بناء مصر حرة وديمقراطية لايعشش فيها الفساد ولايترعرع فيها الاستبداد . لقد اثبث سلوك عناصر هذة النخبة الهشة انه لاتماس بينها وبين الشعب الذى يقوم بالثورة ، بل ان بعض المنتمين لها من الذين يتحدثون عن الدستور واحترامه ولايتحدثون عن تغييره ، انهم مثل الطابور الخامس الذى يساهم فى شق صفوف الثورة . والدليل على ما نقول هو ان هؤلاء الذين كانوا فى الايام الاولى للثورة يقفون فى ميدان التحرير اصبحوا الان ضيوفا دائمين فى القنوات التلفزيونية المصرية ، خاصة تلك الخاصة التى تقوم بدور بارز فى تشويه الثورة ومحاولات شق صفوفها . وهذة القنوات هى واحدة من ابرز تجليات زواج المال والثروة ، ويريد اصحابها استمرار الوضع القائم ويستعينوا بالضيوف الذين يساهموا فى تحقيق نفس الهدف . وعلى من يريد ان يعرف عمن اتحدث عليه ان يفتح هذة القنوات ليرى ضيوفها الدائمين . لقد اثبتت الازمة الحالية ان النظام المصري البوليسى كان نظاما هشا يفتقد الى الكفاءة والحكمة ، ويستعين بالعناصر محدودة الكفاءة فى مناصبه المتعددة ، وكان هؤلاء يمكن لهم ان يقبلوا بمطالب المتظاهرين فى حدها الاعلى لان الضغوط عليهم اصبحت داخلية وخارجية ، لكن هذة العناصر التى يصف بعضهم نفسه بالمعارضة دخلت على الخط وجعلت هؤلاء يتمسكون بالاستمرار فى السلطة. طالما وجدوا الحلول الذى قدمها لهم المنتمون الى طبقة سياسية تريد الابقاء على الاوضاع الراهنة لانه تخدم لهم مصالحهم متصورين ان توزنات القوى فى المستقبل وعمليات الاحلال والتجديد التى سيجريها النظام من اجل الايحاء بانه يتغير ستعطى لهم دورا بارزا.
ان ماتريده مصر حاليا هو ان تنسف حمامها القديم ، اى انها تريد دستورا جديدا وعقد اجتماعى جديد ونخبة سياسية جديدة ارجو ان تكون غير هشه او تافهة مثل النخبة التى ابتلانا الله بها فى هذه المرحلة .