مسكينة الضحية الألمانية التى قتلتها سمكة قرش متوحشة على شواطىء شرم الشيخ الاثنين الماضى بعد يومين من قرار متعجل من وزارة البيئة باعادة افتتاح الشاطىء للجمهور مرة أخرى، ومسكينة سمكة القرش التى تم قتلها وتحنيطها قبل هذا الحادث بعد أن تم تلفيق تهمة ترويع وعض السياح لها، ومشكلة وزارة البيئة التى تسرعت باصطياد أى قرش وقتله واعادة فتح الشاطىء أن رد القرش السفاح الذى لا زال طليقاً جاء قاسياً ومحرجاً، فبعد أن كان مكتفياً بالعض والاصابة أصبح يقتل ويفتك بعنف. وزارة البيئة بعد حوادث الخميس الماضى والتى تسببت فى اصابات لعدد من السياح الروس وأوكرانى تعاملت مع الموضوع بفهلوة واستخفاف ودون احتياطات واجراءات أمان، لم تكد تصطاد وتقتل سمكة قرش حتى أعلنت اعادة فتح الشاطىء واستتباب الأمن، ورمت الوزارة كل تصريحات الخبراء التى أكدت اختلاف نوع القرش الذى تم صيده عن النوع الذى هاجم السياح، بل انها اعتمدت على أقوال شهود العيان من غير الخبراء فى تحديد نوع القرش، وهذه الفوضى لا يمكن أن تشاهدها الا فى الأفلام لزوم الاثارة والتشويق، بل أن نفس ما حدث فى شرم الشيخ الأيام الأخيرة يكاد يتطابق مع أحداث فيلم ستيفن سبيلبرج الشهير باسم الفك المفترس Jaws المقتبس عن أحداث حقيقية حدثت فى نفس الشاطىء الامريكى الذى تم تصوير الفيلم به فى عام 1916. المدهش أن فيلم Jaws الذى انتج عام 1975 يحتوى تفاصيل تكاد تتطابق مع ما حدث ويحدث حتى الآن فى شرم الشيخ بعد 35 عام من عرضه، هناك قرش قاتل يهدد المصطافين والمسئولين ينكرون خوفاً على تأثر السياحة، الفيلم فى ظاهره فيلم رعب ومغامرات ولكن الحبكة تحتوى على خط درامى هام يصور استهتار المسئولين بأرواح الجمهور والاستخفاف بالطرق العلمية التى تسعى لكشف حقيقة الحوادث، وهى أمور تشبه كثيراً تصرفات وزارة البيئة ومحافظة جنوبسيناء الذى قام أحد كبار الموظفين بها بالغطس فى نفس المكان الذى قتلت فيه السائحة الألمانية لطمانة السياح، هذا على الرغم من أن القرش الذى قتل السائحة لم يتم صيده أو تحنيطه كسابقه وهى أمور تدل على كثير من الارتباك والارتجال الذى يصل الى حد التهور. فى فيلم سبيلبرج تبدأ الحادثة الأولى حينما يقتل قرش متوحش فتاة كانت تسبح فى مياه البحر مساءً وحيدة وفى الصباح وجدت جثتها ممزقة على الشاطىء، وقد رفض عمدة المدينة تنفيذ قرار الشرطى المسئول عن المنطقة "روى شايدر" باغلاق الشاطىء، وكان منطق العمدة أن انتشار خبر القرش القاتل وغلق الشاطىء سيكلف المدينة أرباح موسم الصيف السياحى الذى تعتمد عليه المدينة بصورة كبيرة، وحينما قام مجموعة من الصيادين باصطياد قرش ضخم على مسافة قريبة من الشاطىء ساد الاعتقاد بأنه القرش القاتل رغم تأكيدات الخبير البحرى "ريتشارد دريفوس" أن السمكة التى تم اصطيادها وقتلها ليست السمكة القاتلة، ورغم البروباجندا الذى تعمد العمدة اثارتها حول صيد القرش وانتهاء الخطر الا انه الخبير البحرى لم يقتنع، وواصل أبحاثه من خلال الكشف على جثة القتيلة، وأيضاً جثة القرش القتيل المتهم بقتلها، ولم يجد اى علاقة بين الاثنين، بل ما وجده فى معدة القرش لم يزد عن بعض المخلفات التى تلقى بها السفن أو تجرفها الأمواج من الشاطىء مثل الزجاجات وعلب العصائر المعدنية، ويستمر العناد بين عمدة المدينة من ناحية و العالم البحرى وضابط الامن من ناحية اخرى، فالعمدة يصر على أن الخطر زال والشاطىء آمن، وهما يسعيان الى تنظيم رحلة خطرة تضمهما مع صياد محترف للقضاء على القرش القاتل الحقيقى وهو من نوعية مختلفة تماماً عن النوع الذى تم قتله ونشرت الصحافة صوره، وينجح الفريق فى قتل القرش فى النهاية بعد أن يكبد الفريق خسائر فادحة. ولأن كل شىء فى مصر غامض وتصاحبه تصريحات متناقضة ومرتبكة فان هيئة الثروة السمكية تنفى أن القاء الحيوانات النافقة من احدى المراكب المارة أدى الى هجمات أسماك القرش، ولكن وزارة البيئة شخصياً تؤكد أن الهجمات بسبب حمولة حيوانات نافقة تم القائها أمام سواحل البحر الأحمر، وتأكيداً لكلامها قالت الوزارة أن حادث الخراف النافقة المقصود تم منذ شهر، وهو ما يعنى انها تحللت بعد فترة قصيرة من وجودها بالمياه، وبين تحليلات البيئة وتأكيدات الثروة السمكية نحن فى حيرة، وعلينا انتظار نشر برقية فى ويكيليكس ربما تكشف لنا المعلومات الحقيقية التى حصلت عليها السفيرة مرجريت سكوبى من مصادرها أو من خلال فريق الخبراء الأمريكى الموجود حالياً بشرم الشيخ، ومن المتوقع أنها ستلوم المسؤولين المصريين الذين تصرفوا بطريقة العمدة الأمريكى فى فيلم الفك المفترس، وبعيداً عن هؤلاء هل نجد أيضاً "روى شايدر" أمين على حياة السياح يخلصنا من القرش الحقيقى؟