فيما لا يزال المستقبل السياسي لعمرو موسي - الأمين العام الحالي للجامعة العربية - غامضا، علمت «الدستور» أن الجزائر ستتقدم بمذكرة رسمية إلي القمة العربية التي ستعقد في العاصمة الليبية طرابلس قبل نهاية شهر مارس المقبل لإحياء مطالبها السابقة بشأن تدوير منصب موسي وعدم قصره علي دولة المقر( مصر). وفيما تنتهي ولاية موسي في رئاسة الجامعة العربية خلال العام المقبل، فإن مهمة البحث عن خليفة له قد انطلقت مبكرا وسط خلافات مصرية عربية، علما بأن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي سبق أن اقترح تعيين موسي منسقا للشئون الخارجية للعرب علي غرار المنصب الذي يشغله خافيير سولانا في الاتحاد الأوروبي. وقالت مصادر ليبية إن القذافي الذي ستنتقل إليه رئاسة القمة العربية المقبلة سيعيد طرح هذه الأفكار في قمة طرابلس في إطار تبنيه تطوير مختلف مؤسسات العمل العربي المشترك. ولم يتضح بعد ما إذا كان موسي سيقبل بالمنصب المقترح أم سيكتفي بالتقاعد وينخرط في الحياة السياسية العامة. وقالت مصادر مصرية وعربية مطلعة إن الخطوة الجزائرية المرتقبة تعني تصعيد الخلافات المصرية - الجزائرية في المرحلة المقبلة علي نحو ينفي عمليا أي اتجاه لتهدئة الأجواء بين الطرفين. وسبق للجزائر أن دعت إلي اختيار أمين عام للجامعة العربية غير مصري وإتاحة الفرصة للدول العربية لتقديم مرشحين لتولي المنصب، قبل أن تسحب هذا المقترح إثر اتصالات مصرية - جزائرية قبل القمة العربية التي عقدت بالجزائر عام 2005. ولا يتضمن ميثاق الجامعة العربية أي نص رسمي علي احتكار مصر للمنصب، لكن العرف المعمول به جري علي أن تنفرد مصر باعتبارها دولة المقر بتعيين المرشح لمنصب الأمين العام، وهو أمر لم يسبق حدوثه في كل المنظمات الإقليمية والدولية الراهنة التي تفصل بين جنسية أمينها العام وجنسية دولة المقر مثل اتحاد المغرب العربي الذي يتخذ من مدينة الرباط المغربية مقرا له ويترأسه التونسي الحبيب بن يحيي ومنظمة المؤتمر الإسلامي الموجودة في مدينة جدة السعودية برئاسة التركي أكمل الدين إحسان أوغلو. كان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي قد أعرب عن تأييد بلاده فكرة إجراء تعديل شامل لهياكل الجامعة العربية. وقال مدلسي، في حديث مع إذاعة الجزائر الرسمية، إنه «إذا كانت إرادة القادة العرب أن يستمروا في إعادة هيكلة الجامعة العربية انطلاقا من قمة الجزائر فلم لا ؟ ليس هناك هيكل يخرج عن إطار التقييم.. لابد من التقييم». وأكد أهمية توسيع عمل الجامعة العربية، قائلا: «لا بد أيضا للجامعة العربية التي هي موجودة أكثر في الجانب السياسي من تحويلها نحو الجانبين الاقتصادي والاجتماعي». كان وزير الدولة الجزائري عبد العزيز بلخادم، والممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد قال: «إن الجزائر عندما تتحدث عن التدوير فلأنه ممارسة ديمقراطية إذا أردنا إصلاح الجامعة العربية... وتكريس الممارسة الديمقراطية تقتضي أن يكون اختيار المسئولين بالطريقة التي تحقق رغبة الجميع إما بالتزكية أو بالانتخاب». وشدد مدلسي علي ضرورة «بذل جهود كبيرة» خلال القمة العربية المقبلة في طرابلس بليبيا المزمع تنظيمها في 27 مارس من العام الحالي. وأشار إلي «أن وزراء الخارجية المغاربة اتفقوا علي تحضير هذه القمة بصورة جماعية حتي نجعل من قمة طرابلس ناجحة وتعمل من أجل المصالحة وتعالج القضايا الكبيرة مثل قضايا الشرق الأوسط وفلسطين». وكانت تقارير صحفية واردة من الجزائر قد أفادت مؤخرا بأن عددا من نواب البرلمان الجزائري يدرسون إمكانية إحياء مقترح الجزائر بشأن المطالبة بتدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية، كرد علي الحملة الإعلامية الشرسة المصرية التي طالت الجزائر عقب مباراة كرة القدم المثيرة للجدل التي جرت بين المنتخبين المصري والجزائري في السودان في إطار التصفيات المؤهلة لكأس العالم المقبلة.