.. لكل شيء حد.. إلا الظلم في مصر فقد فاق كل الحدود!! .. لكل شيء سقف.. إلا التلفيق في مصر، الذي تجاوز كل الأسقف!! .. لا أعرف كيف نامت أعين النظام، ليلة القبض علي عشرات من الفتيات والشبان الذين ذهبوا بدافع الحب لبلدهم، وتضميد جراحها، لتعزية أسر، وعائلات شهداء مذبحة نجع حمادي؟! .. كيف أغمض ذلك المسئول جفنه ونام قرير العين، وهو يعلم علم اليقين، كم الزيف والتلفيق والحماقة، في تحويل معزيين، إلي مخربين.. دعاة وحدة وطنية، إلي متهمين بالإضرار بها؟!! .. الشباب الذي ألقي القبض عليه صباح الجمعة الماضية، لم يُختَبر، ولم تُختَبر نواياه لأنه ببساطة لم يلامس أرض الاختبار!! حيث إن الضبط والقبض كان في لحظة وصوله لمحطة قطار نجع حمادي، خلافاً لما ادعته مذكرة التحريات التي أحالتها النيابة لاتهامات تثير الأسف والقرف!! .. الاتهامات التي نقلها لي زملائي المحامون الموفدون باسم الغد (أحمد ميلاد، وإبراهيم جمالي، وأحمد نصار) تراوحت بين الجهر بالصياح، والاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة، وبلغت الاتهامات بالإضرار بالوحدة الوطنية، والانضمام لجماعة الغرض منها تعطيل القوانين!! .. هذه الاتهامات التي جاءت مذكرة تحريات المباحث محشوة بها، وبغيرها، إن صحت وتبينتها النيابة العامة في التحقيقات التي تجري لليوم التالي وقبل الإفراج عنهم وحتي كتابة هذا المقال فنحن أمام فضيحة قانونية من العيار الثقيل تبلغ من الهزل أكثر من الجد.. .. الهزل هنا أن النظام البوليسي بات لا يستحي أن يتساند علي نصوص مهجورة في قوانين عطلها الدستور الذي كفل الحق في التعبير والحق في التجمع والاجتماع السلمي، والحق في العمل والانضمام للأحزاب السياسية.. .. ولعلي أملك بعض الحقائق - علي الأقل - بالنسبة لحزب الغد.. فقد أصدرت الهيئة العليا للحزب قراراً في اجتماعها مساء 8 يناير الجاري بتكليف عدد من أعضاء الهيئة قيادات الحزب بالسفر لنجع حمادي لتمثيل الحزب، وتقديم واجب العزاء لأسر شهداء عيد الميلاد.. ومن هذا المنطلق تحرك الزملاء: باسم سمير، وأحمد بدوي، وإسراء عبدالفتاح، وآخرون لتمثيل الحزب تنفيذاً لقرار هيئته العليا.. فهل يمكن أن يقبل بعد هذا الحديث عن جماعة سرية؟! .. والأغرب أن الأمن الذي اعتقل ممثلي الغد، والجبهة، و6 أبريل، وعددًا من النشطاء الحقوقيين بسبب توجههم لأداء العزاء لأسر ضحايا حادث المطرانية هو ذاته الذي قام منذ ساعات بتأمين وفد الحزب الوطني، أثناء قيامه بذات المهمة!! .. النظام البوليسي الذي سرق نظرة الفرح من عيون الناس - خاصة - أولادنا وشبابنا، هو ذاته الذي استدار ليجرم حقنا في أحزاننا، في أن نشاطر بعضنا الحزن والعزاء، في الكوارث التي هو أولها، وأطولها تحققاً. .. حقاً لا نامت أعين الجبناء، وتحية تقدير لشباب مصر من مختلف الأحزاب والتيارات والمنظمات الحقوقية، خاصة أبنائي: باسم سمير، وأحمد بدوي، وإسراء عبدالفتاح، وكذلك شباب حزب الجبهة و6 أبريل والمدون الرائع وائل عباس وبولا عبده وسلمي عقل وناصر فتحي وأميرة الطحاوي وباسم فتحي وشاهيناز عبدالسلام ومصطفي النجار وآخرين.. .. حق إنساني أن يلجأ الإنسان للتعبير عن احتجاجه أو عذابه، فالناس تصرخ إذا احترق أصبع واحد من أصابعها فكيف يحتمل من تشتعل النار في أصابعه العشرة، ويطلب منه أن يحتفظ بابتسامته؟! .. ليس من السهل أن يكون المرء فيلسوفاً في غابة من المجانين، أو قديساً في مواجهة أفعال الشياطين!! قمة الصعوبة عندما تحاول أن تحتفظ بثلجك الخارجي، بينما الجميع يُشارك في سكب الزيت علي جمرك الداخلي!!