: لن نصطدم مع الرئيس القادم.. والبرادعي فرصته معدومة ناجح إبراهيم تبدو "الجماعة الإسلامية" في السنوات الأخيرة في محاولة مستمرة لصياغة علاقة جديدة مع النظام الحاكم، مساحة قد تمكنها من الحركة الآمنة داخل المجتمع، وفي الوقت الذي تعيش فيه الجماعة حالة من التقرب والمودة مع الحكومة، يبدو موقفها على العس تماما من البرادعي وغيره من قوى التغيير، فضلا عن موقف أكثر حدة تجاه الكنيسة المصرية، عن ما سبق وغيره كان لموقع الدستور الأصلي هذا الحوار مع ناجح إبراهيم الرجل الثاني في الجماعة الإسلامية. لماذا حمل بيانكم السنوي الأخير نبرة تؤكد أن هناك مرحلة جديدة تقبل عليها الجماعة الإسلامية مع النظام؟ هي ليست مرحلة جديدة بالمفهوم الزمني لكنها تأسيس وامتداد لما بدأناه منذ إطلاق مبادرة الجماعة لإنهاء العنف وإصدار المراجعات الفقهية والفكرية للجماعة. ولكن نريد أن نؤكد أن المبادرة ليست استراحة محارب كما أنها ليست مرتبطة بشخص من الأشخاص تحيا بحياته وتموت بموته. ولكنها منهج ممتد يعبر عن قناعة فكرية وشرعية.. وطرح استراتيجي بديل للعلاقة بين الحركة الإسلامية والدولة يؤصل للمشاركة وينبذ المواجهة والصدام.. ويدعو للمعايشة والحوار وينبذ الخلاف والتنافر ،ويتيح لكل طرف القيام بواجبه ومهامه . وما هي طبيعة تلك المرحلة؟ هي مرحلة وضع إطارات عامة لتحويل العلاقة بين الحركة الإسلامية والدولة من سياسة الإحلال والاستبدال إلى سياسة المشاركة والتعايش، و حددنا دور الحركة الإسلامية في الفترة القادمة والمتمثل في الدعوة إلى الله وهداية الخلائق ونشر الخير والحض على الفضيلة والنهى عن المنكرات والحفاظ على الهوية الإسلامية، ونشر الفكر الإسلامي السمح الوسطى المعتدل.. والتصدي بالفكر والحجة والإقناع للأفكار الشاذة والحركات الهدامة وحماية الشباب المسلم من النهج المتطرف والغلو في الدين.. والدفاع عن رموز الإسلام وثوابته.. دون منازعة الدولة سلطانها ودون التعدي على حقوقها أو مؤسساتها أو محاولة القيام بدورها في المجتمع . ونحن نعتبر أن أفكار المبادرة ليست خاصة بنا أو بجماعتنا أو بجيلنا.. وهي أفكار صالحة لحل المشكلة الأزلية بين الحركة الإسلامية والدولة.. ويمكن تطويرها والبناء عليها. ما هو الدور الاجتماعي الذي بإمكانكم ممارسته؟ هل من خلال السماح لكم باعتلاء منابر.. أم من خلال العمل الاجتماعي والأهلي وتأسيس جمعيات أهليه؟ نحن نرحب بالقيام بأي دور يخدم الدعوة إلى الله ويلبى رغبتنا في المساهمة في الارتقاء بوطننا ومجتمعنا والمشاركة في تحقيق النهضة لأمتنا من خلال المنابر والمؤسسات والمسالك الشرعية، لذلك فنحن نرحب بكل منبر ندعو فيه إلى الله يسمح لنا بمخالطة الناس والاقتراب منهم والإحساس بمعاناتهم ومشاركتهم همومهم ، ويتيح لنا دراسة قضاياهم وتشخيص أمراضهم حتى تؤتى الدعوة ثمارها المرجوة . ونحن حتى الآن ليس لنا مساجد ندعو من خلالها..أو جمعية خيرية..وهناك فيتو على ظهورنا في القنوات الفضائية. ومن المعروف أن جميع دول المنطقة تملك رصيدا ً كبيرا ً من التوجس والحذر من الإسلاميين عموما ً ومن الجماعات التي حملت السلاح في يوم من الأيام مثل الجماعة الإسلامية.. إلا أننا نأمل أن تكون مصر رائدة في السماح بتجربة المبادرة وأفكارها الإيجابية في الظهور إلى واقع الحياة. ولكنن نسعي لظهور مقنن وسلمي. وهل المراجعات من وجهة نظركم رؤية شخصية قد تتغير ملامحها بعد وفاة اللواء أحمد رأفت.. أم أنها سياسة دولة تتطور ولا تتراجع؟ هي سياسة دولة تتطور ولا تتراجع ، وربما كان موت اللواء أحمد رأفت نفسه شاهدا على هذه الحقيقة وهذا الواقع ، ففقده رحمه الله لم يؤثر بالسلب عليها، بل أكد تمسك الدولة والجماعة معا بها.فالدولة نفسها رأت في المبادرة طريقا ً جيدا ً لحل مشكلتها مع الحركة الإسلامية دون أن ينقص ذلك من سيادتها.. ودون إكراه منها للحركة الإسلامية.. أو إلزام لها بما لا تريده.وقد غيرت الدولة سياستها تجاه الجماعة الإسلامية فعلا ً.. في السجون وفي خارج السجون.. وفي التعامل وفي كل شيء. ولذلك كررت الدولة التجربة مع جماعة الجهاد ومع تنظيم سيناء.. بل وصدرت الفكرة إلى الدول الأخرى. والآن هناك أجيال جديدة من مفكري وقادة الجماعة الإسلامية أصبحوا يحملون هذه الفكرة ويكتبون عنها باستمرار.. وستكون لهم الريادة بعد ذلك في حمل هذه الفكرة. فنحن وقعنا بالنيابة عن أجيال بأكملها صلحا وأبرمنا عقدا، فإذا مات بعضنا أو متنا جميعا ، فالعقد المبارك في أيدي الأجيال القادمة . هل بدأت تؤتي المراجعات ثمارها؟ ثمار المبادرة والمراجعات التي أطلقتها الجماعة الإسلامية أصبحت واقعا ً ملموسا ً لا ينكره أحد.فما عليك إلا أن نقارن بين واقع مصر اليوم وواقعها في أوائل ومنتصف التسعينات من القرن الماضي سنجد ثمارها في كل بيت آمن من بيوت الإخوة أو الشرطة.. وفي كل شارع الأمان الذاتي الذي حظي به الجميع في كل مكان.. وهو أفضل من الذي يأتي عن طريق الكمائن والمداهمات.وتتوالي الثمرات في خروج المعتقلين ووقف المحاكمات العسكرية والاستثنائية. وزيادة الاستثمارات في كل المجالات.. وخاصة السياحية.أما الثمار المعنوية والفكرية والإسلامية فأكثر من أن تحصى. وهل ستمهد تلك المرحلة لمشاركة سياسية خلال السنوات القادمة؟ المشاركة السياسية للجماعة الإسلامية غير مناسبة على الإطلاق لها في هذه المرحلة. لأنها لن تكون فعالة وناجحة إلا إذا توقفت الحرب الباردة بين الحكومة والحركة الإسلامية.. وسادت حالة من التفاهم بينهما. أما في ظل حالة الشك والتوجس وتربص كل فريق بالآخر وشك كل فريق في نوايا الآخر.. فلن تكون هذه المشاركة السياسية ذات جدوى أو قيمة. كما أرى أن الواقع السياسي المصرى لا يقبل حتى الآن الحركة الإسلامية كمنافس سياسي حقيقي ضمن المنافسين الآخرين.. إن كان هناك منافسين. ولذا فإنني أرى أن على الحركة الإسلامية الآن ألا تعطي كل اهتماماتها وتضحياتها وأوقاتها وأموالها في هذه المنافسات السياسية العقيمة الجدوى والفائدة.. حيث يتوافق الوضع المحلي والإقليمي والدولي الآن على منع الحركة الإسلامية من التقدم في هذا المجال بأي طريقة.فلماذا نسير في طريق مسدود؟ولماذا لا نقفز على هذه الأحجار الموضوعة أمامنا؟لذلك أرى أن الاستثمار في الإنسان هو أفضل استثمار في هذا الوقت.. والاستثمار في التنافس السياسي ليس وراءه مردود. كما أرى أن كل ما يهدر بلا طائل في هذا الميدان يعد خصما ً من رصيد الدعوة، وإهدار لطاقات وجهود الحركة الإسلامية. كيف ترون حالة الحراك السياسي التي يشهدها الشارع المصري الآن؟ وأين أنتم منها؟ نرى في هذا الحراك ظاهرة ايجابية.ونحن جزء من المجتمع، نتابع قضاياه ونشارك بالرأي بحسب المتاح لنا.ولكن أري أن التركيز على الحريات العامة أفيد للمجتمع شريطة أن تكون هناك مسئولية في استخدام هذه الحرية.. وأن تكون مصلحة الوطن العليا هي البوصلة الوحيدة التي تضبط الجميع نحوها على اختلاف أفكارهم وآرائهم. وأنا أرى أنه إذا أعطيت الحرية للجميع سيظهر للناس الغث من السمين.. وسيعرف الناس كيف يفرقون بينهما. وأن يركز الحراك أيضا ً على محاربة الفساد والرشوة.. والعدل الاجتماعي في هذه الفترة بالذات لأن الجائع لن يكون له رأي.. وسيبيع نفسه لمن يعطيه.. وقد يبيع وطنه أيضا ً.. خاصة مع التردي الأخلاقي وغياب الدين بمعناه الشامل عند الكثيرين. وكيف ترون تحركات البرادعي؟.. وهل ساهمتم في جمع التوقيعات له ولماذا؟ نحن نحترم الدكتور البرادعي كشخصية مصرية علمية وصلت لمنصب مرموق كأمين عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونحترم رغبة أي مواطن مصري في الترشح للرئاسة، ولكننا لا نساهم في ترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك ولا نجمع توقيعات لأحد، وننتظر ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات. لكن أيا كان الرئيس القادم لمصر.. فإننا سنمد له يد المشاركة والتعاون للحفاظ على الموجود من الشريعة والدين والدعوة إلي الخير.. ولمحاولة إيجاد المفقود منه. أين كان رئيس الدولة ؟ نعم لأنني أري الصراع مع الحكام فسيضيع الموجود من الشريعة والدعوة ولن يأتي بالمفقود منها. هل ترى أن هناك فرصة للدكتور البرادعي للوصول إلى السلطة في مصر؟ أرى أن فرصة د/ البرادعي في الوصول للرئاسة تكاد تكون معدومة.. كما أن شخصية البرادعي الحقيقية غامضة حتى على من حوله.. وآراءه في القضايا المصيرية غير معروفة.. وأولها رأيه في الصراع العربي الإسرائيلي. وهذا ما قاله كل من حوله من الذين تحالفوا معه في البداية ثم فضوا تحالفهم معه. وأرجو ألا تتورط الحركة الإسلامية فيما يسمى العصيان المدني الذي قد يدعو إليه البرادعي وكفاية وغيرهما..لأنه سيدعو إليه وهو في الخارج.. وفي مأمن من كل شيء.. حيث أنه له حصانات متعددة معروفة.. والآخرون لن يحدث لهم شيء. أما الحركة الإسلامية فستتحمل تبعات هذا الأمر كله وستدفع ضريبته كاملة.. وعلى الحركة الإسلامية أن تمتنع عن لعب دور "مقاول أنفار" للآخرين. وعلى الآخرين ألا يعتبروها أنها مجرد مقاول أنفار لهم.. حتى إذا حصلوا على ما يريدون تركوهم يذهبون إلى السجون والمعتقلات. والخلاصة أننا لن نصطدم بالرئيس القادم وسنحاول أن نتعاون معه في كل خير وسنمد له يد المشاركة في كل ما نراه صوابا ً وخيرا ً.. وسنقوم بدورنا الذي رسمناه منذ البداية كحركة إسلامية تدعو إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة. حتى ولو كان جمال مبارك ؟ حتى ولو كان جمال مبارك ألا تتفقون مع المطالب السبع التي توافقت عليها القوي السياسية والوطنية في الوقت الراهن ؟ المطالب السبعة تعد مطالب عادلة ستفيد البلد.. ولكني ضد أن تعمل الحركة الإسلامية كما قلت كمقاول أنفار لأحد.. تجمع له التوقيعات.. وتتحمل عنه التبعات.. وتزج بأبنائها في السجون من لأجله. حتى إذا جاء إلى الحكم تنكر لها.. ورفع غيرها على عروش الفكر والثقافة والإعلام والسياسة. لا نريد أحدا ً يصعد على جراحاتنا وآلامنا وآهاتنا ومآسي أسرنا.. ثم ترى الحركة الإسلامية منه ما رأت من عبد الناصر بعد وصوله للسلطة. وعلى الحركة الإسلامية أن تتفكر مليا ً في تجربة تأييدها لمحمد نجيب سنة 1954م ضد عبد الناصر.. فلا نجيب وصل إلى السلطة.. ولا الحركة الإسلامية احتفظت بعلاقة جيدة مع عبد الناصر. فلا أدركت هذه ولا تلك؟ ولو وقفت على الحياد بينهما لكان ذلك أفضل لها. وكيف تري تصريحات الظواهري بشأن البرادعي؟ تصريحات د/ أيمن الظواهري عن البرادعي أو غيره يغلب عليها عادة التخوين والاتهام بغير دليل.. ولا يعني أنك تخالف إنسانا ً أو لا تقبل ترشحه أو فكرة أن تتهمه بغير حق. على الحركة الإسلامية أن تنتهي تماما ً عن الطعن في نيات الناس أو الحكم على ما في قلوبهم "فلنا الظاهر وعلى الله السرائر" كما تقول القاعدة الشرعية المعروفة. وعلينا أن نحترم عطاء كل إنسان حتى لو اختلفنا معه.. وعلينا البعد عن تعميم الأحكام.. أو الأحكام المسبقة.. أو اتهامات العمالة والخيانة. قام الدكتور البرادعي بجولات للإخوان والقوي الوطنية فهل تواصل معكم ؟ لا.. لم يتواصل معنا. انتظروا الجزء الثاني من الحوار.