مدبولي يُكلف بزيادة الجهود في ملفات النظافة لعودة المظهر الحضاري    بنسبة 1%.. خبير مصرفي يتوقع خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع المركزي| خاص    رئيس الرقابة المالية يلتقي رؤساء تحرير الصحف لتطوير القطاع غير المصرفي    أكسيوس: مستشارو ترامب يعتبرون خطة السلام في غزة اختبارا لمصداقيته    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي    توافد جماهير القطبين على ستاد القاهرة لحضور القمة    استبعاد إريك تراوري من مباراة الإسماعيلي والبنك الأهلي    إنزاجي يعلن تشكيل الهلال أمام ناساف في دوري أبطال آسيا    يلا شوط.. بث مباشر حالًا.. الهلال يواجه ناساف الأوزبكي في دوري أبطال آسيا 2026 – القنوات والمعلق وموعد المباراة    عندما يحكم الإسبان ديربي القاهرة.. سجل نتائج الأهلي والزمالك مع صافرة الليجا    كشف غموض سرقة محتويات من داخل مسجد بالإسماعيلية    قرار بشأن 24 متهماً في خلية مدينة نصر    القبض على شقيقين قتلا عامل خردة في مشاجرة بالخانكة    أمين الأعلى للآثار يتفقد مشروعي ترميم معبد الرامسيوم ومقبرة تحتمس الثاني    جمال رائف يُبرز أهمية زيارة رئيس الإمارات لمصر في هذا التوقيت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29سبتمبر2025 في المنيا    مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 29 -9-2025 في بني سويف    وكيل صحة شمال سيناء: مستمرون في تحسين الخدمة الطبية للمواطنين    رئيس جامعة بنها يشهد احتفالية يوم التميز العلمي بدورتها الحادية عشر    كريم الشناوي: صوت منير هو روح حكاية فيلم ضي    نتائج بطولة السهم الفضي للقوس والسهم لموسم 2025-2026    سقوط مدير مركز تعليمي غير مرخص في القاهرة.. يمنح شهادات الوهمية    خالد الجندي ب"لعلهم يفقهون": القتال في الإسلام للدفاع وليس للاعتداء    نائب رئيس جامعة أسيوط يتفقد سير العملية التعليمية بكلية العلوم    "الصحة" تستعرض تجربتها في المشروع القومي لكتابة تقارير الأشعة عن بعد    إسرائيل هيوم: الحرب المقبلة بين تل أبيب وطهران قد تكون أشد عنفا    ماكرون يرحب بفوز حزب مؤيدي أوروبا في انتخابات مولدوفا    أمين الأعلى للآثار يتابع ترميم معبد الرامسيوم ومقبرة تحتمس الثاني بالأقصر    بينهم فدوى عابد.. عدد من نجوم الفن يشاهدون العرض اللبناني "جوجينج" بالهناجر    عروض القومي للسينما بالمكتبات المتنقلة احتفالًا بنصر أكتوبر المجيد    صيدلة الجامعة الألمانية تنظم المؤتمر الرابع GEPPMA في الطب الشخصي والصحة الدقيقة    محافظ شمال سيناء يكشف سبل تعويض المتضررين من توسعة ميناء العريش البحري    بسبب سد النهضة.. عباش شراقي يكشف تطورات جديدة بشأن فيضان السودان الكبير    إيمان كريم: الشراكة مع الهيئة الإنجيلية فتحت مساحات واسعة للتنمية الاجتماعية    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    السعيد:تعزيز علاقات التعاون فى المجالات البحثية والأكاديمية بين جامعتي القاهرة ونورث إيست الصينية    ألونسو: الهزيمة أمام أتلتيكو إنذار حقيقي لريال مدريد    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    وزير الري يتابع إجراءات تطوير الواجهات النيلية بالمحافظات    عاجل- الإفتاء توضح حكم ممارسة كرة القدم ومشاهدتها وتشجيع الفرق    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في محافظة قنا    أسعار الحديد فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    السيطرة على حريق بمخبز سياحى فى المنوفية دون إصابات    أبرزهم القهوة والكاكاو.. 7 مشروبات مفيدة للقلب في يومه العالمي    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 في مصر للقطاعين العام والخاص.. هل تم تحديده رسميًا؟    مجلس الوزراء : قفزة قياسية فى تحويلات المصريين بالخارج تعزز استقرار الاحتياطيات الدولية    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    ضبط شخص بالإسكندرية بتهمة النصب على المواطنين بادعاء العلاج الروحاني    أليجري بعد الفوز على نابولي: روح ميلان كانت رائعة.. ومودريتش يلعب بذكاء    الدنمارك تحظر رحلات الطائرات المدنية المسيرة قبل قمة الاتحاد الأوروبى فى كوبنهاجن    مصرع شخص وفقدان 12 آخرين جراء الإعصار بوالوى فى فيتنام    فعاليات مشتركة بين السياحة والشباب والرياضة بأسيوط لتعزيز الوعى السياحى    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    الحوثيون يعلنون تنفيذ عمليات نوعية على أهداف للاحتلال    صحة غزة: 361 من الطواقم الطبية مُغيبون قسرًا في معتقلات الاحتلال    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حازم شريف يكتب:صفقة الدستور.. رسوب في البيزنس.. فعل فاضح في السياسة
نشر في الدستور الأصلي يوم 08 - 10 - 2010

في الاجتماع الذي دعا إليه عبد الله السناوي رئيس تحرير جريدة العربي للتضامن مع الزميل إبراهيم عيسى المقال من رئاسة تحرير الدستور وعقد في مقر الحزب الناصري مساء أمس الأول الثلاثاء، طلب مني السناوي تناول الابعاد الخاصة برأس المال والاقتصاد في أزمة الدستور.
وقد أجبت: أنني أرى بوضوح أن موضوع الإقالة سياسي بالأساس ولا علاقة له بالبيزنس أو الاقتصاد، وشرحت وجهة نظري التي لم تذهب بعيدا عن وجهات نظر أغلب الحضور، وتتلخص في أن صفقة الدستور تمثل حلقة في سلسلة من الإجراءات تستهدف تقليم أظافر وسائل الإعلام والصحافة خلال الفترة المقبلة إلى آخره.
إلا أن ما طلبه السناوي لفت نظري إلى زاوية أخرى من الموضوع، تتجسد في أهمية فحص وتمحيص ما قام به الملاك الجديد لجريدة الدستور قبل وفي أعقاب إتمام صفقة شرائها، وذلك لتبين ما إذا كنا بصدد مجموعة من المستثمرين بقيادة البدوي أو رضا إدوارد- أيهما تفضل أو تصدق- سعوا لشراء صحيفة للحفاظ عليها كما ذكر البدوي في مؤتمره الصحفي أمس الأول أم أن الأمر كله لا يعدو صفقة لا علاقة لها بالجريدة بالأساس وإنما بمصالح السيد البدوي السياسية بصفته رئيسا لحزب الوفد وكرجل أعمال يرى فرصة سانحة لحماية بل وتعظيم مصالحه الاقتصادية بعيدا عن الجريدة؟
دعوني اتخيل نفسي مكان البدوي وأنني لم يكن في ذهني شراء الدستور كما ذكر في مؤتمره الصحفي وأنني قد تلقيت اتصالا هاتفيا- وليس هاتفا في منامي- من صديقي رضا إدوارد يدعوني فيه لمشاركته في إنقاذ صحيفة الدستور ثم أنني قد لبيت النداء وشرعت في إعداد العدة لإتمام هذه المهمة الوطنية.. دعوني افترض كل ذلك، عندها يصبح السؤال: ماذا بعد؟
أي موظف مبتدئ يعمل في مجال الاستحواذات والاندماجات ببنوك الاستثمار، يعلم ضرورة ترجمة هذا التفكير الرقيق الرومانسي لعدة خطوات على ارض الواقع تتمثل في الآتي:
1- فحص القوائم المالية بدقة لجريدة الدستور للخروج بتقييم مبدئي لأسهمها مبنيا على اسلوب أو أكثر للتقييم مثل مضاعف الربحية أو خصم التدفقات النقدية مع إضافة بعض التعديلات لنتائج التقييم وفقا لعوامل أخرى كالاسم التجاري والأصول العقارية في حال وجودها وغيرها.
2- إجراء فحص نافي للجهالة "Due Diligence" قانوني ومالي للتأكد من صحة البيانات الواردة في القوائم المالية وما يدعمها من مستندات وعقود سواء لملكية الأصول والاسم التجاري وغيرها وذلك بهدف التوصل لتقييم نهائي يتم التفاوض بشأنه مع الطرف البائع.
3- البدء على الفور في إعداد خطة عمل "Business Plan" للفترة المقبلة لا تقل مدتها عن ثلاث سنوات تتضمن وضع الأهداف والاستراتيجية وكيفية التحول من الوضع القائم الآن إلى ما يجب أن يكون في المستقبل مع وضع خطة لإعادة الهيكلة للتوصل في النهاية إلى حجم الاستثمارات الجديدة التي ينبغي ضخها في المؤسسة لإصلاحها- أو انقاذها على حد تعبير البدوي-، وتعظيم العائد على رأس المال وحقوق المساهمين على حد تعبيري أنا لو كنت في مكان البدوي أو إدوارد أو أي مساهم آخر ورد اسمه في هيكل ملكية الجريدة الجديد سواء إن كان مستثمرا حقيقيا أو موظفا لدى البدوي أو إدوارد.
وفي ضوء ذلك لا استطيع أن أقاوم إلحاح السؤال: كيف يصف البدوي جريدة الدستور- التي يبلغ رأسمالها المدفوع مليون جنيه- بأنها تواجه صعوبات مادية دفعته للتدخل هو ورفاقه لانقاذها، وفي الوقت نفسه يدفع ثمنا لها 20 مليون جنيه بما يجعل مالكها السابق عصام إسماعيل فهمي بلامنازع صاحب الرقم القياسي المحلي في تحقيق العائد على رأس المال بنسبة 1900% في نحو عامين تشكل عمر الجريدة اليومية!
الأكثر غرابة من ذلك أن يكتشف الملاك الجدد -إذ فجأتن- بعد توقيع العقود ثم إقالة عيسى، أن الموقع الإلكتروني للجريدة ليس مملوكا لها بل لإبراهيم عيسى! ولذلك قصة طريفة ملخصها أن عصام فهمي لم يكن مؤمنا بجدوى الاستثمار في المحتوى الرقمي ولذلك أخذ عيسى على عاتقه مهمة إنشاء الموقع والإنفاق عليه وسجله باسمه.
الحقيقة أنني لو كنت مستثمرا افتراضيا استقطبه البدوي أو إدوارد – أيهما تفضل- للمساهمة في هذه المهمة الوطنية أزعم أن احتجاجي ورد فعلي على مثل هذه المزحة كان لا محالة سيصل إلى حد التجاوز وربما – بل وفي الأغلب- كانت ستفلت مني إشارة بذيئة أو لفظ خارج أو أصوات نابية جدير بها أن تخرج في موقف كهذا حين تتأكد أن قائد مجموعة الاستحواذ لم يكلف نفسه عناء القيام بأبسط أنواع الفحص النافي للجهالة!
أمر آخر أغفله البدوي – أو إدوارد أيهما تحبذ- من أبجديات الاستحواذ وهو ضرورة التفاوض مع إبراهيم عيسى قبل توقيع عقد شراء الصحيفة لضمان تواجده لفترة محددة يتم الاتفاق عليها.
فمن المعروف أن الشركات التي لا تعتمد في بدايتها على الطابع المؤسسي يقترن نجاحها باسم الفرد الذي يدير المشروع سواء كان مالكا لها أو غير مالك. وما من قارئ في مصر – يفك الخط بصعوبة- إلا ويدرك تماما أن العلامة التجارية للدستور ترتبط باسم إبراهيم عيسى ولذلك فإني لو كنت مستثمرا افتراضيا دعاني البدوي – فلبيته بالمعنى الحرفي وليس المجازي- لشراء الصحيفة لكان أو ما أتوقعه أن يسبق توقيع عقد الشراء الاتفاق مع عيسى لبقائه في موقعه لفترة ثلاث سنوات على الأقل ينتهي خلالها من تنفيذ خطة عمل تستهدف استكمال إعادة الهيكلة وزيادة معدلات التوزيع وتعظيم الربحية.. والأهم ربط العلامة التجارية بالمؤسسة ومصداقيتها وتأثيرها بعيدا عن شخص عيسى.. إلا أن شيئا من هذا لم يحدث!
من أطرف ما قرأته في مجال الاستثمار والأعمال هو ما ذكره البدوي في مؤتمره الصحفي من أنه قام بزيادة راتب العاملين بالصحفيين بحد أدنى 100% وأقصى 300% ورفع عدد صفحات الجريدة من 14 إلى 20 صفحة ثم أثبتت الدراسة المالية أن الخسارة تزيد! ولعلها المرة الأولى في تاريخ عملية الاستحواذ التي يقوم فيها الملاك الجدد باتخاذ قرارات ذات طابع مالي من شأنها رفع التكلفة في صورة دراماتيكية دون أن يسبق ذلك دراسة سابقة – بل لاحقة- بما يوحي بل يؤكد أن عملية الشراء لم يصاحبها وضع خطة مستقبلية للمؤسسة!
فيما يخص راتب عيسى نفسه ثمة نقطتان رئيسيتان أولهما أن البدوي قد ذكر أن راتب عيسى كان يبلغ 25 ألف جنيه معفاة من الضرائب أي نحو 32 ألف جنيه باحتسابها - وهي معلومة أغفلها لإضفاء بعض المبالغة- وأنه قد زاد إلى 75 ألف جنيه قبضها بعد الضرائب 71500 جنيه. والسؤال هو ما سر مبلغ الخصم المستقطع ويبلغ 3500 فالضرائب المستحقة على الراتب الجديد تبلغ 10 آلاف جنيه على الأقل، فهل قبل البدوي – بصفة شخصية- تحمل جزء من قيمة ضرائب عيسى أم هكذا تحتسب قيمة الضرائب في الدستور في عهد البدوي أو إدوارد أيهما الأقرب إلى قلبك!
نقطة ثانية أزعم أنها كانت ستؤرقني لو كنت مساهما مدعوا لحملة انقاذ الدستور هو ذلك العرض السخي الذي قدمه البدوي- وفقا لتصريحاته- لعيسى بنفحه راتبه كاملا مقابل اقتصاره على كتابة عموده اليومي وهو ما كنت سأرى فيه شخصيا "فسادا إداريا" لا طاقة لي على تحمله، فهو من ناحية يمثلا إهدارا للموارد البشرية بإبعاد عيسى عن رئاسة التحرير وثانيا تبديدا للموارد المالية بصرف هذا المبلغ له مقابل الاكتفاء بالكتابة، وثالثا يمثل تجاهلا تاما لحقيقة أن قيمة صحيفة الدستور الفعلية تتجسد في سياساتها التحريرية التي وضعها عيسى وبالتالي فإن "الحفاظ عليها" يستلزم بقاءه في منصبه لفترة ليست بقصيرة.
إن قراءة الأحداث وما قام به البدوي- دعك أصلا من إدوارد- على مستوى إدارة الأعمال و"البيزنس" في جريدة الدستور يؤكد أن ما تم وماجرى وما سوف يجري لا علاقة له بالاقتصاد، وإنما تجسيدا مكتمل الأركان للفعل الفاضح في العمل السياسي.. أشك أن يفلت به صاحبه!
"حازم شريف" هو رئيس تحرير جريدة المال الاقتصادية اليومية والمقال نشر في الصفحة الأخيرة من عدد الجريدة الصادر يوم الخميس 7 أكتوبر 2010.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.