الاحتلال الأمريكي احتلال سخيف. كل احتلال في هذه الدنيا سيئ، وضد حقوق الإنسان، وانتهاك لحق الشعوب في تقرير مصيرها، وعملية سطو مسلح علي موارد وثروات هي من حق شعوب أخري، وإهدار لكرامة الإنسان، وتقسيم للبشر إلي سادة وعبيد، وعادة ما يكون السادة هم الأغراب، والعبيد هم أصحاب الأرض. الاحتلال يصاحبه بعض الأمراض التي يجلبها هو بنفسه من مختبره، وينشرها عن عمد، وأول مبادئ الاحتلال: «فرق تسد». مبدأ قديم اعتمد من قبل الإمبراطورية الرومانية. الشعوب الواقعة تحت الاحتلال تعاني أمراض الكراهية، والعنصرية، والطائفية، والمذهبية، والتفاهة، والتصدر في الهايفة، والشعور بفقد القيمة، والمرارة. رجال الشعوب الواقعة تحت الاحتلال يسيئون معاملة النساء بشدة. أطفال الشعوب المحتلة مسنون. نساء الشعوب ضحايا الاحتلال مقهورات، أو متفسخات، أو غاضبات معظم الوقت. مثقفو الشعوب المحتلة يهتمون بالقشور، يعانون عقليات محتلة، يستعيرون أفكارا من القوة التي تحتلهم، ولا يبتكرون. كل فرد في بلد واقع تحت الاحتلال يعاني الرهاب، ويسيطر الخوف علي عقله فلا يميز بين عدو وصديق. الشعوب المستسلمة للاحتلال ببغاوات، لا يفكرون خارج الصندوق الذي حبسهم فيه المستعمر. القوة المحتلة تتعمد إفساد الشعب المستهدف، تتعمد وأد أي مشروع يخدمهم، تنفي كل العقول التي يمكن أن تنهض بهم، تضع الرجال غير المناسبين في أماكن ليست من اختصاصهم، تجند جزءا من الطبقة المتوسطة، وتقيده بالمصالح، وتشغل العامة بأنفسهم عن الاحتلال. لمعرفة المزيد من تشخيص أمراض الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، يرجي مراجعة كتاب «معذبو الأرض» للطبيب النفسي، والمناضل، والكاتب، والمنظر المارتنيكي، والمجاهد الذي شارك في الثورة الجزائرية: فرانتز فانون. وهو مدفون في الجزائر.. الفاتحة. انظر إلي الأعراض السالف ذكرها، هل نعانيها؟ المتفائل سيقول: نعم نعاني جزءاً منها. المتشائم يقول: نعاني أكثر منها. الخلاصة، أننا نعاني علي الأقل بعض الأعراض المذكورة آنفا. طيب.. أين الاحتلال؟ نعم، نعم.. أين قوات الاحتلال التي تجوب الشوارع؟ هنا تكمن سخافة الاحتلال الأمريكي: إنه شبح. يقول فرانتز فانون إن العلاج الناجع الوحيد لأمراض الشعوب الواقعة تحت الاحتلال هو المقاومة، لأن طاقة الغضب، والكراهية، والشعور بالمهانة، إن لم تخرج في مكانها الصحيح، وتوجه نحو المتسبب في وجود هذه الطاقة السلبية، ستخرج علي دفعات في اتجاهات خاطئة تضر بالمريض، وتزيد من تراكم الطاقات السلبية بداخله، ومن ثم ستعيد هذه الطاقات إنتاج نفسها بشكل أكبر، وليتمكن المريض من المضي في طريق هذا العلاج، عليه أولا عبور حاجز الخوف، فالواقع تحت الاحتلال يمارس أنواعا من العنصرية ضد نفسه النابعة من الخوف، مثل إيمانه بأنه أقل ذكاء من المستعمر، أو أن المستعمر يتمتع بقوة خارقة، متغلغلة، لا يمكن التفوق عليها مهما فعل. لكن، كيف يمكننا كسر حاجز الخوف من الأشباح؟ الإنسان يخاف من الجن، والعفاريت، وأشباح الموتي، لأنه يسمع قصصا عنهم، لكنه لا يراهم. كيف يمكن للمواطن المصري الذي يعاني كل أعراض «المس» المتعلقة بالاحتلال أن يواجه عفريتا لا يري مكانه، وربما سخر منه البعض: يا راجل.. ما عفريت إلا بني آدم؟!.