لا أعرف السبب الذي جذبني لقراءة هذا الإعلان الذي احتل نصف الصفحة الأولي من العدد الأخير لصحيفة الوطني اليوم.. ربما بسبب موقعه.. وربما لأنه حمل صور جميع قادة الحزب الوطني بداية من رئيس الحزب ومرورا بصفوت الشريف وزكريا عزمي وأحمد عز وانتهاء بجمال مبارك.. مما أثار انتباهي. كان الإعلان عن بيان لاثنين من نواب الحزب الوطني استعرضا خلاله ما قدماه من خدمات (جليلة) لأهالي دائرتهما الكرام.. مع الدعوة لانتخابهما مرة أخري.. لا ملامة في أن يعلن أي مرشح عن إنجازاته التي قدمها لأهالي الدائرة الكرام بشرط أن تكون حقيقية وليست من خطط الحكومة والوزارات المختصة.. خاصة أن أهالي الدائرة يعرفون إذا كان النائب - كل نائب - قد أنجز أم لم ينجز ما وعد به.. حرص المرشحان أن يسجلا في الإعلان (إنجازاتهما) من أرض الواقع وكانت كالتالي: 1- دعم المدارس المتقدمة للجودة بمبلغ خمسين ألف جنيه (مفترض أن هذا المبلغ قد دفعه النائبان من جيبهما الخاص). 2- التبرع بخمسة وأربعين مليون جنيه لشراء قطعة أرض لإنشاء مدرسة لأهالي الدائرة الكرام.. وسوف تتساءل عن كنه هذه الأرض في هذا الحي الشعبي التي تساوي هذا المبلغ الضخم.. وإذا كان التبرع قد جري لشراء الأرض.. فلماذا لم يكتمل لبناء المدرسة.. ثم هل كان هذا التبرع الضخم من حر مال هذين النائبين.. وإذا افترضنا أن سعر متر الأرض قد بلغ عشرة آلاف جنيه وهو سعر مرتفع في الحي الشعبي الذي يمثلانه.. فإن هذا يعني أنهما اشتريا مساحة تزيد علي فدان بأكمله لبناء المدرسة.. وسؤالنا هنا عن هذه المدرسة الحكومية في جمهورية مصر العربية بأكملها المقامة علي مساحة فدان. 3- تطوير المدارس الرسمية من الداخل والخارج بتكلفة 18 مليون جنيه ل 18 مدرسة.. والمعروف أن هذه المبالغ خرجت من ميزانية وزارة التربية والتعليم والتي فعلت ذلك لمدارس أخري وفي دوائر أخري.. فلماذا نسب النائبان هذا الإنجاز وغيره لنفسهما.. مثلما قالا عن تجديد 75% من شبكة الصرف الصحي بتكلفة 30مليون جنيه.. ورصف شوارع الحي بخمسة وسبعين مليون جنيه.. وتوحي صياغة الإعلان بأن تلك المبالغ قد دفعها النائبان من جيبهما الخاص.. وهذه ليست الحقيقة لأنها من ميزانية الوزارات المعنية. 4- لم يكتف النائبان بنسب بعض إنجازات الحكومة في دائرتهما إليهما شخصيا بل زادا ولم يتركا كبيرة أو صغيرة دون نسبها إليهما مثل تطوير الأجهزة الطبية بجميع المستشفيات الحكومية بالحي.. وكذلك دعم كل مراكز شباب الحي.. وكانت للأعمال الدينية والخيرية نصيبا من الإنجاز حيث ساعدا في تأدية أكثر من مائة أم مثالية للعمرة وكفالة أيتام وتزويج العرائس واليتيمات. بعد أن تنتهي من قراءة هذه الإنجازات العظيمة لعينة من نواب الوطني فإنك سوف تشعر أنك تقرأ بيانا وزاريا أو حكوميا يعرضه رئيس الوزراء أمام نواب الشعب والذي ما لبث أن أخذه كل نائب إلي دائرته واقتطع منه عدة صفحات ليعلنها أمام أهالي دائرته باعتبار أن ما يعرضه هو من إنجازاته. الإعلان السابق لإنجازات النائبين وما جري في دائرتهما يأتي في إطار خطة الحكومة الخمسية، ثم إن ما تنجزه الحكومة من خطة خمسية يأتي في إطار البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية.. وهكذا.. فالنائب (الحزب الوطني) والوزراء (الحكومة) والرئيس (الدولة) أصبحوا جميعا كيانا واحدا.. ولهذا توحدت برامجهم وأصبح إنجاز الحكومة ينسبه النائب لنفسه.. وهو ما يفعله رئيس الحكومة حرفيا عندما يعلن أن خطط الحكومة تأتي تنفيذا لبرنامج الرئيس الانتخابي. مع الحزب الوطني.. اللي يعيش ياما يشوف.. ومع قادته الجدد.. هيشوف أكتر.