بعد سبعة وثلاثين عاماً، لابد أن نتوقف ونتمهل ونعيد النظر فيما حدث، ونعطي لهؤلاء الرجال ولذلك الشعب حقه، حقه أن يفتخر ويتعالي وينذر بلهجة الأقوياء، تلك الأمة العظيمة التي لا تهزم، تمر عليها الهزيمة مرور الكرام لكنها أبداً لا تتحمله، ففي السادس من أكتوبر عام 1973، وحسب البيان رقم «2» الذي أذيع في الساعة الثانية و5 دقائق، قامت 200 طائرة بضرب أهداف العدو في سيناء ب1500 طلقة في نصف ساعة، كما اشتركت المدفعية الثقيلة ومدافع الهاون ولواء الصواريخ التكتيكية تصب نيرانها علي طول الجبهة، وفي الساعة الثانية والثلث بدأت فرق المشاة في اقتحام قناة السويس مستخدمة ألف قارب، وفي الساعة الثانية والنصف ارتفع علم مصر علي سيناء، كما كانت قواتنا البحرية تكيل الضربات لأهداف العدو علي الساحل الشمالي لسيناء. وفي البيان رقم «3» الذي أذيع في الساعة الثالثة بعد الظهر إلحاقاً للبيان رقم «2»، نفذت قواتنا الجوية مهامها بنجاح وأصابت مواقع العدو بإصابات مباشرة، وعادت جميع طائراتنا إلي قواعدها سالمة عدا طائرة واحدة من مجموع 200 طائرة، وفي اليوم الثاني 7 أكتوبر، وفي البيان رقم «13» الذي أذيع في الساعة الحادية عشرة و10 دقائق حول مجمل القتال كانت خسائر العدو 57 طائرة منها 27 طائرة في اليوم الأول وتدمير 92 دبابة منها 60 في اليوم الأول، بالإضافة إلي عدد كبير من العربات المجنزرة للعدو والاستيلاء علي عدد من الدبابات والعربات المدرعة والمعدات بعد أن تركها العدو وفر هارباً واستسلام عدد من ضباط وجنود وحدات العدو المدرعة بدباباتهم وعرباتهم علي من أسرتهم قواتنا من أفراد العدو وتكبد العدو خسائر أخري كبيرة في الأرواح، وكانت خسائر قواتنا إحدي وعشرين طائرة مقاتلة منها 15 ليلة السادس من أكتوبر وعددًا من الدبابات والعربات، كما تكبدت قواتنا بعض خسائر في الأفراد هذا ومازالت قواتنا داخل سيناء تتقدم مصممة علي النصر، كان ذلك في أول يومين في الحرب العظيمة وتلك هي الأمة المصرية، التي استيقظت في يوم علي نكسة مدوية، نهض زعيمها عبدالناصر ومعه الشعب العظيم فقط لاستعادة النصر ودخلت مصر في أْعظم ست سنوات في عصرها الحديث، حيث بدأت الأمة العظيمة في وضع رجالها الحقيقيين المخلصين وبدأ الاستعداد للمعركة الكبري، بدأت بالفريق أول محمد فوزي وزيراً للحربية وعبدالمنعم رياض رئيساً للأركان ثم توفي عبدالناصر وتسلم السادات الحكم، ووقت الحرب كان المشير أحمد إسماعيل وزيراً للحربية وعبدالغني الجمسي ومحمد حسني مبارك وسعد الدين الشاذلي وعبدالمنعم واصل واللواء عبد المنعم خليل وعلي فهمي قائد الدفاع الجوي وفؤاد زكريا قائد القوات البحرية وقد أصدر الرئيس السادات في يوم الجمعة 26 مايو عام 1978 القانون رقم 35 لسنة 78 باستمرار الضباط الذين كانوا يشغلون مناصب رئيس العمليات وقادة الأفرع الرئيسية في حرب أكتوبر في الخدمة مدي الحياة، وقد انطبق هذا القانون علي الفريق الجمسي والفريق علي فهمي دفاع جوي ومحمد حسني مبارك الطيران وفؤاد زكريا قوات بحرية وكان المشير أحمد إسماعيل علي وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة قد توفي في عام 74 وذلك في 25 ديسمبر الموافق الأربعاء، هؤلاء كانوا بعضًا من قواد مصر ومن رجال مصر ممن قادوا تلك الأمة العظيمة للنصر العظيم، تلك الأمة التي يمكن أن تهزم، لكن، خلال سنوات يمكنها أن تنهض، وتنتفض، وتغير فجأة، النصر يأتي مفاجئاً وعظيماً ومذلاً للعدو وغير متوقع علي الإطلاق، مصر عندما تنهض وتفوق تحرك العالم، عندما تكلمت مصر، هزمت الصليبيين، وهزمت التتار، وعندما تنتفض مصر، يغير عليها إمبراطوريتان هما فرنسا وإنجلترا ومعهما إسرائيل في 56، وتكون السبب في انتهاء عصر أعظم امبراطوريتين شهدهما العالم، وعندما تنتفض مصر في 73، تبدأ الأسلحة والمعدات الأمريكية العظمي في التوافد علي المنطقة خوفاً من ذلك الجيش الرهيب المخيف وهذا الشعب العظيم، الذي يبدو مستكيناً، منكسراً مهزوماً، لكن فجأة، يتعملق ويهز العالم هزاً.