الأفلام التي تمنح شخصيات رجال الشرطة البطولة كثيرة للغاية، ومن كثرتها أصبحت مكررة ولا يقدم فيها شيء جديد، وفيلم «الأشخاص الآخرون» The Other Guys هو فيلم تقليدي للغاية عن مغامرات ومطاردات الشرطة، ولكن الجديد فيه هو أسلوب التناول الساخر للغاية وطريقة أداء الممثلين التي لا تنجرف وراء المبالغة الكاريكاتورية الفجة، وهذا هو أسلوب المخرج وكاتب السيناريو «آدم ماكاي» الذي قدم من قبل عددا من المسلسلات التليفزيونية والأفلام الكوميدية، وهي في فيلمه الأخير يستعين بنجوم كبار لأداء مشاهد صغيرة وأدوار غير متوقعة، وهو أمور نجحت في تقديم حالة مختلفة، ومشاهد ضاحكة للغاية تسخر من صورة رجل الشرطة الخارق الذي تقدمه السينما نفسها، فالشرطي القوي الخارق يمكن أن نتوقع منه نتائج بطولية متوقعة. أما الشرطي الأحمق فآخر ما يمكن توقعه منه هو البطولات. وفي فيلمThe Other Guys أو حسب ترجمة الشركة الموزعة «شرطيان في الاحتياط» نري النموذجين بكل تناقضهما، النموذج الأول نراه في المشاهد الأولي للفيلم من خلال ضيفي الشرف «صمويل آل جاكسون» و«دوين جونسون» وهما ضابطا شرطة من النوع المغامر الذي لا يأبه بالخطر مهما كان نوعه ومهما كانت النتائج، تعتمد عليهما إدارة الشرطة بشكل مطلق حتي أصبح باقي ضباط الإدارة ممن يقومون بعمليات صغيرة ينظرون لهذا النموذج علي أنه النموذج المثالي الذي يتطلعون إلي تحقيق نفس نجاحه، وهناك الضابطان «مارك والبرج» و«ويل فاريل» عاطليان تقريباً عن العمل الميداني ملتصقين بمكاتبهما وغارقيان في الأعمال الكتابية، أحدهما هو «ويل فاريل» مستسلم تماماً لهذا العمل الآمر.. يشارك زملاءه في الانبهار بزميليه آل جاكسون ودوين جونسون، بينما زميله «مارك والبرج» غاضب من هذا الوضع ويحاول التمرد عليه، ولكنه يفشل دائماً إلي أن تساهم الظروف في دفعه وزميله إلي النزول إلي الميدان ومحاربة الأشرار دون قصد منهما. الفيلم من النوعية الكوميدية الساخرة التي تمزج بين الأكشن والمواقف الضاحكة، ولعل البداية القوية والساخرة في الفيلم خير تعبير عن ستايل الفيلم، فبعد عملية المطاردة القوية التي تم فيها تحطيم الكثير من السيارات وتعريض الآخرين للخطر يتم استقبال رجلي الشرطة من قبل زملائهما في القسم وكأنهما نجوم سينما، بل إن بعض زملائهما يلتقطون بالموبايل الصور لهؤلاء الأبطال، ويبدو هذا المشهد عبثياً تماماً حينما يبدي بعض العقلاء اعتراضهما علي كل ما حدث من دمار مبالغ فيه من أجل القبض علي أشخاص بحوزتهم كمية مخدرات ضئيلة للغاية، ولكن في ظل حالة الانبهار التام بأساليب الضابطين لا يلتفت أحد إلي هذه الأمور، ورجلا الشرطة نفسهما ينجرفان دائماً إلي المخاطر والتصرفات غير المتوقعة حتي إنهما يقفزان من ارتفاع عال للغاية في إحدي المطاردات، وهو الأمر الذي يعرضهما للموت. الأمر الذي يؤخذ علي الفيلم أن البداية القوية والساخنة والكوميديا اللاذعة لا تلبث أن تفتر مع الوقت ويخفت وهج الفيلم ويتدهور إيقاعه تدريجياً إلا من مشهد هنا وهناك يعيد الفيلم إلي مساره الأول إلي أن ينتهي الفيلم وقد استرد كثيرا من الحيوية التي افتقدها في مشاهد استطرادية ومكررة تصور غضب والبرج الدائم بسبب وبدون سبب، وأيضاً إعجاب الحسناوات غير المنطقي ب«ويل فاريل»، وهي مشاهد تكررت كثيراً لاستدرار الضحك.