لو أن لدينا حقاً حرية، لما احتجنا من الأساس طرح هذا السؤال؛ لأنه في الدول التي لها حرية، لا تجد مسئولين يؤكدون هذا؛ لأنها حقيقة يعلمها كل مواطن في الدولة، ولا تجد تصريحات تكررها؛ لأنها أمر لا يقبل الجدل، لكننا لا نتمتع حقيقة بالحرية، إلا من الوجهة الشكلية فقط، فالنظام أطلق أقلامنا، تقول ما تريد، ثم لا يبالي هو إلا بما يريد.. الحرية الحقيقية ليست في أن نكتب ونتكلم، بل في أن يكون لكتاباتنا وكلامنا صدي حقيقي... لو أن لدينا حقاً حرية، لما كان هناك جهاز يطلق عليه أمن الدولة، لأن الأجهزة الأمنية كلها، يفترض فيها أن تحمي أمن الدولة، وأمن الدولة هو اسم الدلع للبوليس السياسي، الذي رأينا صورته القذرة، في فيلم (في بيتنا رجل)، والمؤسف أن ما جاء في ذلك الفيلم هو نفسه ما يمارس الآن علي أرض الواقع، وما كنا ننتقده، من زوار الفجر وزبانية السجون والمعتقلات، هو نفسه ما يمارسه الأمن الآن.. شاب يدون مدونة عبر شبكة الإنترنت فيتم إلقاء القبض عليه وإرهابه، لعله يقطع لسانه في المرة القادمة. وآخر ينشر كتاباً عن منافس للرئيس، فيتم احتجازه وإرهابه. وثالث يغني أغنية وطنية علي الشاطئ فيتم اعتقاله، باعتبار أن الوطنية جريمة، تستوجب الاعتقال والعقاب... لو أن لدينا حقاً حرية، لما انتشر التطرف الديني، الذي يعبر به الناس عن كبتهم وقهرهم وعذابهم وآلامهم، وفقرهم للمال والحرية وحق التعبير... لو أن لدينا حقاً حرية، لما بقي رئيس في الحكم ثلاثة عقود، وشاهد عدة رؤساء يتركون مناصبهم، في الدول الديمقراطية الحقيقية... لو أن لدينا حقاً حرية، لما ضاعت قيمتنا بين دول المنطقة، وانخفض سعرنا وراحت كرامتنا... لو أن لدينا حقاً حرية، لما انهار اقتصادنا، ونعم مترفونا بعرقنا وجهدنا، وفسقوا فيها حتي حق علينا القول.... هذا لو أن لدينا حقاً حرية..... لو!!.