الحبة الصفراء بول الإبل بذور الشمر الحلفا بر كلها وصفات شعبية للعلاج من فيروسات الكبد يثق فيها المرضي أكثر من ثقتهم بالأدوية التي يكتبها الطبيب تلك الثقة لم تأت من فراغ بل استندت إلي المقولة الشهيرة: «إنه كلما استعصي شفاء المرء سادت الخرافة حوله». فعلي الرغم من التحذيرات المختلفة من عشوائية التداوي بالأعشاب فإن الدعاية لها انتشرت بشكل مبالغ فيه محليا وعربيا، علي مواقع الإنترنت وفي القنوات الفضائية وبعض المراكز العلاجية، وحتي علي أرصفة الشوارع، التي تشهد أكبر تجمع لأطباء الشوارع والوصفات المكونة من خليط من الأعشاب مجهولة النوع والمصدر والتي يدعي أصحابها أنها العلاج الوحيد لمرضي الكبد وأنهم توصلوا أخيرا لعلاج هذا الوباء القاتل، مؤكدين أن نسبة نجاح هذه الخلطة 100% بشهادة المئات من الذين جربوها، وأنها بالمرة تعالج السكر والضغط والقرحة والعقم .. وبتر الأعضاء!!. وهو نفس ما تقوم به بعض محلات العطارة والأعشاب الشهيرة بوسط القاهرة من تشخيص لحالات مرضي الكبد وتحديد نوع العشب المناسب الذي يحتاجه المريض وكميته وأساليب تناوله، ولكي يتم منح المرضي إحساسا بالجدية وإيهامهم أن أصحاب الوصفات يتبعون طرقا علمية، يرفض أصحاب هذه المحال منح أي علاج إلا بعد الاطلاع علي التحاليل الطبية حتي يتم تشخيص المرض بشكل صحيح، وكأنهم مستشفي تخصصي!. كما أنهم يحرصون علي كتابة قائمة طويلة تحتوي علي أسماء الأعشاب التي تتكون منها الخلطة، والتي تكون في الغالب أسماء غريبة يصعب نطقها، تذكر من يقرأها بالأعمال السحرية والتعاويذ والأحجبة، فأحد أشهر الوصفات التي ستجدها علي أكثر من موقع علي الإنترنت كتب الوصف التحليلي لها كالآتي: بذور الشمر تضاف إلي نبات القنطريون والحرجل بدون الجذور مع السيسبان والهندباء وحلفا بر بالإضافة إلي السارساباريللا والهليلج والبهرمان مع قليل من الزر والكشمش الأسود علي شرط أن تزن هذه الخلطة واحد كيلو جرام.. ملحوظة: السارساباريللا تعني الفشاغ!! يقول دكتور أشرف عمر أستاذ أمراض الكبد بجامعة القاهرة إنه حتي الآن لم يثبت علي الإطلاق أن هناك عشباً ما يصلح كعلاج لالتهاب الكبد الوبائي، وإنما هي اجتهادات لا ترقي لمستوي البحث العلمي المحترم، مؤكدا أن كل من يروج أنه أخذ براءة اختراع علاج من الأعشاب للفيروس هو محتال أفاق يجب أن يسجن. ويضيف عمر: أن جموع الناس يعتقدون أنه مادامت الأعشاب نباتات طبيعية، فهي علاج لأغلب الأمراض، وإن لم تجلب الشفاء، ففي أسوأ الحالات لن تضر، دون أن يعلموا أن تلك النباتات بها درجات مختلفة من السمية قد تفاقم الأمراض التي يسعون للاستشفاء منها، بل وربما أصابتهم بأمراض جديدة لم يعانوا منها أصلا، مشيرا إلي أن الأدوية الطبية، هي أيضا مستخلصات نباتية، ولكنها تصنع بنسب مدروسة ومعايير علمية مقننة تراعي درجة السمية وتحسب آثارها الجانبية. ولفت أستاذ أمراض الكبد إلي أن عملية تحديد كون مادة ما تصلح كعلاج لمرض محدد تمرر بعدة مراحل، أولها القيام بتجارب معملية تحدد عناصر المادة المستخدمة ومعرفة عناصرها بشكل دقيق، ثم إجراء تجارب علي الحيوانات لاستبيان تأثيرها في الكائنات الحية، بعدها يتم تجربة العلاج علي بعض المتطوعين، وآخر مراحله هي تجربته علي مرضي لمعرفة تأثيره وآثاره الجانبية، أما ما يقوم به بعض من يدعون معرفتهم للطب وأصوله من تجارب والادعاء بأنهم توصلوا لعلاج لفيروس سي فهو كلام فارغ ونصب علي حد قوله لابتزاز المواطنين بسبب ارتفاع أسعار الإنترفيرون وصعوبة العلاج علي نفقة الدولة. وطالب بتقنين الأوضاع للحد من هذه الممارسات غير الطبية التي ينجذب لها المواطن دون أن يشعر أن بها سماً قاتلاً، كما طالب مرضي الكبد في مصر بعدم تناول أي أدوية من أي نوع إلا تحت إشراف استشاري متخصص حفاظا علي أرواحهم.