تمتلك قرية «الخالدية» بمحافظة الفيوم نصيباً كبيراً من إهمال المسئولين، وتتمتع مثل العديد من القري المصرية بنقص في الخدمات والمرافق، الأمر الذي رشحها لأن تكون في مقدمة أفقر قري مصر. وقرية «الخالدية» هي احد القري التي تتبع مركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم التي يتبعها 34 عزبة يبلع إجمالي عدد سكانها ما يقرب من 60 ألف نسمة يتعرضون يوميا إلي رحلة معاناة غير آدمية سببها الإهمال الواضح في كل جميع الخدمات التي تمثل الحاجات الأساسية التي يعيش عليها أي إنسان، فهم يفتقدون الحد الأدني من مقومات الحياة الكريمة. وتعتبر الأمراض الوبائية وأمراض الجهاز التنفسي هي الصورة السائدة بين أبناء القرية، حيث تنتشر تلال القمامة بالشوارع في مشهد يصيب الجميع بالاستياء، بجانب انتشار جميع الحشرات سواء الطائرة أو الزاحفة بين أرجاء القرية التي تصيب الأطفال بالأمراض الجلدية، بالإضافة إلي ارتفاع معدلات أمراض الكبد والفشل الكلوي والبلهارسيا بين أهالي القرية بسبب تلوث المياه والأغذية، وإهمال الرعاية الصحية حيث تبعد الوحدة الصحية عن القرية بمسافة 10 كيلو مترات. الحالة المأساوية التي تبدو عليها القرية جعلتها تتوج عام 2008 بأنها ملكة فقر القري المصرية، حيث طرحتها مؤهلاتها ومواهبها بقوة في مقدمة أفقر ألف قرية في مصر، فقرية «الخالدية» تتميز عن غيرها بارتفاع نسبة الأمية بين أبنائها التي وصلت نسبتها إلي 61%، بالإضافة إلي أن معظم فتيات القرية تتسربن من التعليم بعد الصف السادس الابتدائي في المدرسة الابتدائية الوحيدة بالقرية، وذلك لعدم توافر مدرسة إعدادية حيث توجد أقرب مدرسة علي بعد عشرات الكيلوات خارجها. أوضاع قرية «الخالدية» جعلتها محط أنظار العديد من الباحثين، حيث كشفت أرقام آخر دراسة بحثية أجراها معهد الشئون الثقافية بمحافظة الفيوم عن أنها من أفقر ست قري في المحافظة، وأن 58% من أطفال وشباب القرية لم يلتحقوا مطلقا بالتعليم بسبب الفقر، حيث إن 85 % من الأسر - التي تتكون من عشرة أفراد في غالبية الأوقات - يقل دخلها الشهري عن 180 جنيهاً خاصة مع انعدام الموارد الاقتصادية في القرية من مصانع وورش وغيرها من وسائل الدخل النقدي، لذلك يضطر العديد من سيدات القرية إلي العمل بالزراعة للإنفاق علي أسرهن، بجانب انتشار ظاهرة عمالة الأطفال التي وصلت نسبتها إلي 46%. ملامح الفقر المدقع بالقرية أدت إلي انتشار الزواج المبكر بين الفتيات القاصرات دون سن ال 16 سنة، وارتفاع معدلات الوفاة بين الأطفال التي قدرت ب 149 حالة لكل ألف طفل رضيع، بجانب سوء حالة الصرف الصحي وافتقاد القرية إلي الإضاءة وسوء حالة الطرق المتعرجة، الأمر الذي عجز فيه أهالي القرية عن معالجة وإصلاح تدهور المرافق من خلال الجهود الذاتية. ورغم اعتماد أهالي القرية الأساسي علي حرفة الزراعة، فإنها هي الأخري قد أصابها التدهور بسبب ندرة مياه الري التي تنعدم تماما في فصل الصيف، وهو ما دفع غالبية الفلاحين بالقرية إلي هجرة الزراعة والسفر للعمل بالقاهرة.