تحولت اهتمامات الجماهير المصرية بجميع ألوانها من مجرد مساند للاعبين خلال المباريات إلي تشكيلات منظمة تأخذ في طريقها الأخضر واليابس دون أن تضع في اعتبارها أن الهدف الأساسي من الرياضة هو تنمية الأخلاق ونشر الثقافة والتعارف بين الجميع وكأن المباريات أصبحت متنفسًا لهؤلاء حتي يخرجونا ما بداخلهم من كبت وفراغ في صورة أعمال شغب وتكسير وتحطيم كل ما يقابلهم دون الوضع في الاعتبار أن هناك أناسًا أبرياء سيضارون من ذلك سواء علي المستوي المادي أو المستوي المعنوي لدرجة أصبحت تخيف الجميع من هول الأيام المقبلة، ولم يتوقف الأمر عند مباريات كرة القدم فقط، بل أصبحت مباريات اللعبات الأخري سواء كرة اليد أو السلة هي الأكثر تعرضا لمثل هذه الأحداث والتي كان آخرها أحداث الشغب التي قامت بها بعض جماهير الزمالك احتجاجا علي منعهم من دخول صالة الأهلي أثناء مباراة الأهلي والزمالك في كرة اليد أمس الأول -الثلاثاء-. من جانبه اعتبر الدكتور طه إسماعيل -الخبير الكروي- أن ما حدث من جماهير الزمالك شيء غير مقبول علي الإطلاق لأنه خروج عن النص ولابد من التصدي له بشتي الطرق حتي لا يتكرر في السنوات المقبلة لأنه ليس من المعقول أن تتصرف الجماهير بهذه الحماقة وتحطم كل ما في طريقها لمجرد أن الأمن منعهم من الدخول لأن مدرجات الصالة ممتلئة وهو ما يحدث في بعض الأحيان مع جماهير كرة القدم في بعض المباريات المهمة ويتم غلق أبواب الاستاد حفاظًا علي الجماهير من الزحام الشديد. وأشار طه إسماعيل إلي أن الأسباب واضحة للجميع ويتحملها كل الأطراف بداية من الأمن الذي لم يضع التدابير الكافية واكتفي بالسيطرة علي الأمور داخل الصالة فقط ولم يهتم بما يحدث في الشارع وكذلك الأندية التي لم تعلن عن السعة الحقيقية للصالة فضلاً عن مسئولي اتحاد اللعبة الذي كان يتوجب عليه إقامة مثل هذه المباريات في صالة استاد القاهرة التي تتسع لأكثر من 30 ألف متفرج في ظل زحف جماهير كرة القدم والروابط لحضور مثل هذه المباريات وإن كان السبب الأهم أن الشعب أصبح عدوانيًا في كل شيء وليس في الرياضة فقط وأصبحت المباريات متنفسًا للشباب في إخراج كل ما لديهم من طاقة مكبوتة دون النظر لما يترتب علي ذلك من أحداث سيئة. في حين استنكر محمود أبو رجيلة -المدرب الأسبق لفريق الكرة بنادي الزمالك- ما حدث مرجعًا ذلك لتطور العصر واختلاف أساليب التشجيع ومساندة الفرق عن السنوات السابقة في ظل إنشاء الروابط الجديدة في الأندية والتي تعتبر المباريات مجرد معارك حربية لابد خلالها من إحداث شغب وتلفيات، في حين أن الأصل في التشجيع هو الأخلاق والتعارف والسلام بين الجماهير، لكن الأيام الحالية لا تشهد أي تشجيع بل تشهد تعصبًا أعمي وعدم فهم وهروبًا من المسئولية يظهر في شكل شغب وأعمال عدوانية. أضاف أبو رجيلة أن هناك فئة جديدة من البلطجية ومثيري الشغب ظهرت في الآونة الأخيرة في المدرجات علي جميع اللعبات وكل الأندية وأصبح شغلها الشاغل هو التكسير والتحطيم وتوجيه الشتائم للاعبين لإخراجهم عن التركيز وهو شيء خطير علي مسيرة الكرة المصرية، لابد من التصدي لمثل هذه الأفعال الصبيانية حتي لا تزداد في الملاعب وتنتهي بكارثة وهي مسئولية الأمن في المقام الأول من خلال التحرك قبل حدوث الأزمة وليس بعد حدوثها كما نشاهد في كل مرة لأن التدابير الوقائية أهم بكثير من التحرك بعد وقوع الكارثة. بينما أرجع أحمد سليمان- مدرب حراس مرمي المنتخب الوطني- السبب إلي الشعور بعدم المساواة في الرياضة والتفريق في المعاملة بين الأندية، مما يترتب عليه غضب داخلي لدي الجماهير يخرج في صورة تنفيس وتعبير عن هذا الغضب وطالب سليمان بضرورة الاهتمام بمباريات اللعبات الأخري التي شهدت العديد من أحداث الشغب خلال السنوات الماضية وكأن الجماهير تعلم أن الوجود الأمني في هذه المباريات محدود بحكم أنها مباريات قليلة الشعبية وتجهز لمثل هذه الأحداث لأن مباريات كرة القدم لا تشهد مثل هذه الكوارث بسبب يقين الجماهير بأن هناك وجودًا أمنيًا مكثفًا في المباريات، وتكتفي الجماهير بالتنفيس عن نفسها في المدرجات فقط لأن كل محاولات الشغب خارج وداخل الاستادات يتم السيطرة عليها كما حدث في مباراة الأهلي والإسماعيلي في القاهرة، لذلك لابد من الوجود الأمني في مباريات اليد والسلة بشكل مكثف حتي لا تحدث مثل هذه الأمور وإن كان الأهم من ذلك دور الأندية في توعية جماهيرها خوفًا من حدوث كارثة كبيرة.