في الوقت الذي تتزايد فيه التوقعات بحدوث مواجهة شرسة بين الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين خلال الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها نهاية شهر نوفمبر القادم، تشير الملامح الأولية للدعاية الانتخابية إلي أن المنافسة بين الحزب الوطني والجماعة امتدت إلي المنابر الدينية، وشملت المشايخ ورجال الأزهر وخطباء المساجد، لكن قيادات الجماعة تشدد علي أن الإخوان ليسوا مشايخ وأن القضية هي المنابر البرلمانية، وليس المنابر الدينية، وذهب قيادات الإخوان إلي حد استعداد الجماعة إلي ترك بعض الدوائر عن سمتهم ب«المحترمين» من رجال الحزب الوطني. ولم يكتف الحزب الوطني باستخدام منابر المساجد كوسيلة للدعاية، بل امتد إلي تنظيم ندوات ومؤتمرات جماهيرية يوم الثلاثاء داخل مقار الحزب الوطني تحت عنوان «لقاء الثلاثاء» وهو المسمي الذي اشتهر به درس مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا واستمرت الجماعة في عقده بأشكال مختلفة. وفي الوقت الذي تحذر فيه وزارة الداخلية من استخدام الشعارات الدينية وتقوم بتمزيق جميع الدعاية الانتخابية للإخوان والمستقلين بدعوي أنها تحمل شعارات دينية تترك ملصقات الدعاية لمرشحي الحزب الوطني هذا العام تتصدر صور دعايتها الانتخابية آيات قرآنية وشعارات دينية. كما لجأ الحزب الوطني لاستخدام رجال الأزهر ودعاة المساجد للترشح في مواجهة الإخوان ويقدم نموذجاً واضحاً ويقدم في محافظة الجيزة حيث قام الحزب بترشيح الشيخ حسن لطفي مرسي إمام وخطيب مسجد الاستقامة بالمجمع الانتخابي ويلقي مرسي دعماً من رجل الأعمال محمد أبوالعينين عضو مجلس الشعب مرشح الوطني علي مقعد الفئات وذلك لمواجهة عزب مصطفي عضو مجلس الشعب عن الإخوان والمرشح لخوض الانتخابات القادمة وعن ذلك يقول عزب: الإخوان ليسوا مشايخ فنحن نشتغل بالسياسة والقضية ليست قضية منابر دينية بل منابر برلمانية بسياسة وعلي من ينافسنا أن يدرك ذلك. كما قدم وزراءه كمرشحين للحزب في الدوائر الكبري التي تتمتع بشعبية إخوانية لمواجهة الجماعة وهو ما دفع الإخوان لإرجاء قرار المشاركة في الانتخابات لحين دراسة المواقف وتعديل دوائر مرشحيهم، ويوضح المهندس أسامة سليمان القيادي بجماعة الإخوان المسلمين بالبحيرة الموقف قائلاً: إن الجماعة علي استعداد للتنازل عن بعض المقاعد والدوائر لمرشحي الحزب الوطني من الرجال المحترمين الذين يمثلون إضافة للمجتمع المصري فليس هناك حرج علي الجماعة أن تطرح مرشحين علي ال510 مقاعد ولكننا نستهدف المشاركة لا المغالبة لذلك فإن نسبة مشاركة الجماعة لن تزيد عن 200 مرشح. وأضاف أن قرار مقاطعة الجماعة للانتخابات ليس له قيمة إذا قاطع الإخوان دون الأحزاب الكبري بل هذا هو الأمر الذي يجد مسار ترحيب من النظام. وحول شعار جماعة الإخوان قال: إن الشعار لا يعد من ثوابت العملية الانتخابية لكنه يمثل راية الإخوان المسلمين. وكانت خريطة مرشحي الجماعة قد شهدت حالة من التغيسرات وإعادة التوزيع بعد إعلان الحزب الوطني ترشيح وزراء الحكومة في الدوائر الثقيلة والمضمونة بالنسبة لجماعة الإخوان ومنها دائرة الرمل بالإسكندرية وكذلك دوائر محافظة البحيرة والجيزة وغيرها من الدوائر. وقالت مصادر الإخوان إن الجماعة ستحافظ علي عدد مرشحيها الذين خاضت بهم الانتخابات البرلمانية الماضية وكذلك نسبة المنافسة ب20% من المقاعد بينها 1520 سيدة بحيث تكون هناك منافسة علي مقعد في كل محافظة من كوتة المرأة. من جانبه توقع الدكتور جمال حشمت القيادي بالجماعة تكرار سيناريو 2005 ، من غلق اللجان ومنع الناخبين من التصويت وفرض حصار أمني ومنع الدعاية وتمزيقها، واعتبر أن إجراء الانتخابات في 254 دائرة في وقت واحد، ويشير لما هو أسوأ من سيناريو 2005، وحول البرنامج الانتخابي للجماعة أكد حشمت أن البرنامج العام لن يشهد تغيراً كبيراً نظراً لعدم تغير الظروف السياسية والاقتصادية، لكن هناك برنامجاً خاصاً في كل محافظة يطرح متطلبات أهاليها ويحاول تحقيقها. وحول طبيعة الدعاية الإخوانية في ظل التضييق الأمني ومنافسة الوطني، يقول محمد السروجي الباحث السياسي بالجماعة إن الإخوان لديهم قدرة علي الاتصال المباشر مع الجماهير، فالأمن يستطيع منع المؤتمرات والدعاية والندوات وتمزيق الملصقات ولكن كل فرد من الإخوان يقوم بالاتصال المباشر مع زملائه في العمل وعرض رؤية الإخوان عليهم، كما أن الجماعة ستقوم من خلال مكاتب نوابها بعقد لقاءات مع شرائح النخبة في جميع المجالات بكل محافظة، وأوضح أن قاعدة البنا «أصحاب الغايات لا يعدمون الوسائل» هي القاعدة التي تتحرك علي أساسها الجماعة في نشر دعوتهم وبرنامجهم الانتخابي علي الجماهير في ظل الضغط الأمني عليهم.