نبيلة مكرم عن شيخ الأزهر:" ما بقلوش غير أبويا وما استحملش عليه كلمة"    عيد الأضحى 2025.. أسعار الخراف والماعز في أسواق الشرقية    قصف مدفعي للاحتلال الإسرائيلي يستهدف مناطق شمالي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    تنفيذاً لتوجيهات الرئيس.. عودة 71 مواطنا مصريًا من ليبيا بعد الأحداث الأخيرة    أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال    «ترانس جاس» تنفي شائعة تسرب الغاز بكفر الشيخ    نبيلة مكرم عن علاقتها بشيخ الأزهر: بحبه وما بقلهوش غير يا أبويا وما أستحملش كلمة فيه (فيديو)    ميلاد جديد ل«تاريخ لا يغيب».. العالم يترقب «سيمفونية الخلود» على أرض الأهرامات    د. هشام عبدالحكم يكتب: خد وهات.. لتبسيط المفاهيم الصحية    حريق محدود بورشة رخام في جهينة دون إصابات    هزة أرضية بقوة 3 ريختر تضرب جزيرة كريت في اليونان    "تاس": طائرة تقل 270 جندياً روسياً أُعيدوا من الأسر الأوكراني هبطت فى موسكو    «مش شبه الأهلي».. رئيس وادي دجلة يكشف رأيه في إمام عاشور    نبيلة مكرم عن أزمة ابنها: قررت اتشعبط في ربنا.. وابتلاء رامي كشف لي أنا جيت الدنيا ليه    تعاون شبابي عربي لتعزيز الديمقراطية برعاية "المصري الديمقراطي"    نجاح مركز طب وجراحة العيون بكفر الشيخ في إجراء جراحة دقيقة لزراعة طبقية قرنية    رابط نتيجة الصف الأول الثانوي الأزهري الترم الثاني 2025.. رابط مباشر وخطوات الاستعلام    رابط نتيجة الصف الأول الابتدائي بالقاهرة 2025 وخطوات الاستعلام عبر بوابة التعليم الأساسي    حملات أمنية لردع الخارجين عن القانون في العبور| صور    اليوم| أولى جلسات محاكمة «القنصل» أكبر مزور شهادات جامعية و16 آخرين    حرب شائعات.. المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي معلومات مغلوطة بشأن تصدير المانجو    ضبط 2.5 طن أعلاف مخلوطة بالقمح المحلي في التل الكبير بالإسماعيلية    ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50%    نشرة التوك شو| الاتحاد الأوروبي يدعم مصر ماليا بسبب اللاجئين.. والضرائب تفتح "صفحة جديدة" مع الممولين    خبيرة أسرية: البيت بلا حب يشبه "بيت مظلم" بلا روح    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    أسماء المقبولين بمسابقة 30 ألف معلم.. تعليم الشرقية تعلن النتائج    اليوم.. نظر دعوى الفنانة انتصار لزيادة نفقة أبنائها    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تستهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة الصفطاوي بمدينة غزة    واشنطن ترفع العقوبات عن موانئ اللاذقية وطرطوس والبنوك السورية    الضرائب: أي موظف يستطيع معرفة مفردات المرتب بالرقم القومي عبر المنظومة الإلكترونية    بن شريفة: بنتايج من أفضل لاعب في مركزه.. ومصدق مستقبل الدفاع المغربي    استشارية أسرية: الحب مجرد تفاعل هرموني لا يصمد أمام ضغوط الحياة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. جوتيريش يرفض أى خطة لا تحترم القانون الدولى بشأن قطاع غزة.. ترامب يتوعد "أبل" ب25% رسوم جمركية.. وإصابة 12 فى هجوم بسكين بمحطة قطارات هامبورج بألمانيا    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    سعر الذهب اليوم السبت 24 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 24 مايو 2025    إسقاط كومو لا يكفي.. إنتر ميلان يخسر لقب الدوري الإيطالي بفارق نقطة    "الظروف القهرية يعلم بها القاصي والداني".. بيراميدز يوضح تفاصيل شكواه للمحكمة الرياضية بشأن انسحاب الأهلي أمام الزمالك    يوريشتش يستقر على تشكيل بيراميدز أمام صن داونز.. يجهز القوة الضاربة    صلاح سليمان: مباراة بتروجت مهمة للزمالك لاستعادة الانتصارات قبل نهائى الكأس    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    أسماء المقبولين في مسابقة 30 ألف معلم الدفعة الثالثة بالشرقية (مستند)    ترامب والشرق الأوسط.. خطط مخفية أم وعود حقيقية؟!    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجبانات.. «مبهرة جداً للعين..ثقيلة جداً على القلب»
نشر في الدستور الأصلي يوم 17 - 09 - 2010

قبل سنوات كتب د.جلال أمين مقالا بديعا عن فيلم المصير قائلاً: «الثنائية الفظيعة التي يحاول الفيلم أن يصورها بين الإرهاب الديني في أقصي صوره غلوا وإجراماً وحماقة من ناحية وبين العلمانية في صورة من أكثر صورها غلواً والاستغناء التام عن الدين من ناحية أخري» جمالية الفيلم لم تغفر له هذا التسطيح المخل للقضية، ونفس الجمالية والإبداع لن تغفر لرشيد غمري نفس التسطيح الذي فعله في روايته «الجبانات»، الرواية بديعة ومبهرة علي المستوي الفني، هذا لا شك فيه، لكنه إبهار أستعير له هنا نفس العنوان الذي قدم به جلال أمين مقاله عن فيلم المصير «مبهر جدا للعين، ثقيل جدا علي القلب».
لا نحتاج أن نقرأ سيرته الذاتية حتي نعرف أن كاتب الرواية فنان تشكيلي وصحفي بالأساس، فالرواية التي تحفل بمشاهد تحليل بعض اللوحات والوصف الدقيق لعملية النحت وتشكيل التمثال فضلا عن الحيوية البالغة التي يصف بها عالم الجرائد والصحافة، هذه الحيوية والدقة لا تصدر إلا عن شخص يعرف جيدا ما يتحدث عنه، ما أدهشني في الحقيقة هو التمكن من الأدوات الروائية في العمل، رشيد غمري يجيد عدة فنون داخل فن الرواية نفسه، لغته بالغة النعومة والجاذبية، بخلاف أغلب الفنانين التشكيليين الذين تغلب عليهم الصورة فلا تكون لغتهم بنفس المستوي حين يكتبون، كما أنه يجيد صياغة الحوار بشكل بارع - والمسرحية القصيرة التي جاءت في منتصف العمل خير مثال لذلك - بل ويجيد تطويع اللغة فيكتب نصا مقدسا طويلا منسوبا إلي جده الأكبر البشندي ويكتبه بحرفية وإتقان - وإن كان في رأيي قد طال أكثر مما ينبغي - والتأملات الفلسفية التي يسردها طوال الرواية سواء علي لسانه أو في ثنايا الحوار مع شخوص الرواية التي تبدأ بخبر انتحار البطل حاتم بشندي الفنان التشكيلي المولع بالجسد والمرأة والذي نتجول معه عبر يومياته، ننتقل من قريته الجبانات وأساطيرها إلي عالم المثقفين في القاهرة، ومن أسرته إلي عشيقاته وحبيباته، عبر مدي زمني متسع وحكايات متشابكة ومتناثرة يرسم رشيد غمري صورة بالغة الشفافية لمأساة وطن ينتحر ولأزمة المثقف الحائر بين إله المتطرفين ونهود الجميلات.
علي كثرة ما نقابل في الرواية من جميلات يدخل البطل معهن في علاقة حسية لا يعدم لها تفسيرات وتأويلا فلسفية عميقة المغزي، إلا أن شخصية فيروز تكاد تكون هي الأكثر تماسكا وجاءت مرسومة بعناية، الفتاة المهتمة بالثقافة والفن بما يجعلها تمنح جسدها لعدد لا بأس به من المثقفين، ثم يرغمها أخوها علي الزواج ليرغمها زوجها علي الحجاب والنقاب بعد ذلك، ربما يكون مصدر الجاذبية في شخصية فيروز هي أنها تتطور دراميا بخلاف باقي شخصيات الرواية، كل شخصية تظهر يرسم لها الكاتب إسكتشات سريعة ثم يتركها منتقلا لشخصية أخري ( ستجد نفسك في منتصف الرواية ولا تزال هناك شخصيات جديدة تظهر لنا )، تقول فيروز للراوي في أحد الحوارات بينهما «علي فكرة إنت مشوش. بداخلك أشياء كثيرة علي وشك الانفجار»، يمكن للكلام نفسه أن ينسحب علي الكاتب الذي يبدو أن لديه زخما من الحكايات كان سينفجر لو لم يكتبها، جاءت صيغة اليوميات هي الأنسب للتعبير عن هذا السخط وهذا الشعور بعدم الفهم إزاء العالم القاسي، سلطة فاسدة ومثقفون ينتحرون ومتطرفون ينتشرون كالطحالب علي سطح بحيرة الوطن الآسنة ورغبة جنسية ملحة ورغبة في اقتحام الجسد الأنثوي دونما ارتواء، كيف يمكن لشخص واحد أن يطيق كل هذا، حتي المثقفون الذين من المفترض أنه ينتمي لهم وأن يقدمهم باعتبارهم بديلا مُخلصا من الفساد والتطرف، نجد الكاتب نفسه يشعر بزيفهم وتفاهتهم فيقول في عبارة بالغة الذكاء عن إحدي الممثلات المسرحيات ( إيمي صاحبة أجمل جسد وأسوأ وجه قالت اليوم بعصبية إن المخرج لم يتجاوز ستنسلافسكي. قالتها بطريقة جعلتني أتقزز من المخرج وستانسلافسكي معا )، الكتابة هنا بديل عن الانفجار، والنتيجة المنطقية إذن هي جو الانتحار واليأس الذي سيطر علي الرواية، تيمة انتحار المثقفين تتكرر طوال الرواية وهذا مفهوم في سياق الرواية الفني، أما ما لم يكن مفهوما هو أن تجيء لحظة التنوير في ختام الرواية علي طريقة الأفلام العربية ونكتشف الصوفية هي الحل، أن يظهر الشيخ أيوب والدكتور يحيي بوصفهما بوابة الصفاء والسلام النفسي، ولا أعرف هل هذا ما قصده الكاتب أم أن هذا ما وصلني عن طريق الخطأ، نحن ندور طوال الرواية بين ثنائية الفن والدين، والمثقف والمتطرف، فهل الحل هو التصوف واعتبار الدين بحسب تعبيره ( قضية خلافية لا يمكن حسمها ) وهل سيظل محتفظا علاقاته الجنسية مع بطلات الرواية بعد أن يصبح متصوفا أم أنه سيتخلي عنها لأنه وجد السلام النفسي في مكان آخر، أسئلة لا جواب لها عندي، لكن تبقي الرواية بعد كل شيء وثيقة لأزمة المثقف المصري في هذا الزمن وعملا فنيا بديعا يستحق الإشادة والتقدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.