لا شك أن حكم محكمة الإدارية العليا ببطلان عقد مدينتي ينم عن حجم الفساد الذي استشري في عمليات تخصيص الأراضي التي باشرها الوزير السابق محمد إبراهيم سليمان.. واستمر الأمر بعده. إنه فساد دولة يجري برعاية النظام. .. وإنه حكم تاريخي يعيد القليل من أموال الدولة المهدرة إلي الشعب. .. لقد شهدت الفترة الماضية من حكم النظام الحالي إهدار المال العام.. وإهدار مستقبل الأجيال القادمة. .. لقد باعوا شركات القطاع العام إلي رجال أعمال ومستثمرين وعرب.. وقام بعض هؤلاء بالتخلص من الشركات والمصانع والعمال. .. لقد باعوا البترول والغاز إلي إسرائيل بثمن بخس. إنهم استباحوا كل شيء وباعوه. .. وباعوا أراضي الدولة عن طريق التخصيص للمحاسيب والأصهار. وقد أثارت القوي السياسية الوطنية وأعضاء في البرلمان أحاديث حول نهب أراضي الدولة.. وقضية أرض مدينتي.. وغيرها.. ولم يتحرك أحد من النظام واستمرت الأمور.. والنهب شغال. .. لقد جاء الحكم التاريخي للمحكمة الإدارية العليا بتأكيد حكم القضاء الإداري ببطلان عقد مدينتي ليكشف الفضيحة التي وقعت فيها الحكومة برعاية النظام في الإفساد العام. لقد قالت المحكمة في حيثيات حكمها: «إن التصرف في أرض مدينتي أمر عجيب ومحط شكوك وأحيط بملابسات لا يعلم أحد عنها شيئاً، وأهدر مبادئ تكافؤ الفرص بين المواطنين ورجال الأعمال، وحرم الجميع من فرصة المزايدات وتوفير مبالغ ضخمة لخزانة الدولة». لقد دافعوا عن هذا العقد.. وزعموا أنه حافظ علي حق الدولة.. في الوقت الذي قالت فيه المحكمة أيضاً: «إن عقد البيع مجحف بحق الدولة وبمقارنته بعقود البيع الأخري يتبين أن مقابل البيع ضئيل ولا يتناسب مع القيمة المبيعة أو حجمها أو مساحتها (8 آلاف فدان) ولا يتناسب مع أسلوب الدفع البسيط علي 20 سنة بالمخالفة لعمليات البيع الأخري التي تمت في المنطقة ذاتها والفترة الزمنية ذاتها، كما يناقض هذا السعر الأسعار السائدة علي مدار السنوات الماضية في أراضٍ مجاورة للأرض ذاتها». إذن موضوع مدينتي كان فيه «إن»! .. كما أن موضوع أرض التجمع الخامس التي منحها الوزير أحمد المغربي لقريبه ياسين منصور «مليون متر مربع» لصالح شركة «بالم هيلز» التي يشارك فيها الوزير نفسه مع آخرين من المتنفذين من رجال الأعمال أقارب الحزب الوطني.. فيه «إن» أيضاً. فهل يمكن أن يسحب الوزير أحمد المغربي تلك الأراضي ويعيدها إلي الملكية العامة مرة أخري؟! وهل نحتاج حمدي الفخراني آخر ليقيم دعوي قضائية لإعادة تلك الأراضي إلي الشعب؟ عموماً شكراً أستاذ حمدي الفخراني.